المهاجرون ورقة للابتزاز

00:46 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

يتحول اللاجئون الذين يفرون من بلادهم جراء الحروب، إلى أوراق للمساومة والابتزاز بين الدول المتصارعة على النفوذ، أو التي تختلف في ما بينها سياسياً، من دون اكتراث للمعاناة الإنسانية التي يكابده هؤلاء، أو أحترام لحقوق الإنسان.

يتكرر المشهد المأساوي اليوم، ولكن مع بيلاروسيا التي أرسلت آلاف اللاجئين العراقيين والسوريين والأفغان والصوماليين، إلى الحدود البولندية، وسط ظروف مناخية قاسية، في واحدة من أكثر مناطق العالم برودة، حيث يفتقرون إلى أبسط مقومات الإغاثة والرعاية.

وكانت بيلاروسيا دفعت سابقاً أكثر من 150 مهاجراً آسيوياً إلى الحدود مع ليتوانيا، حيث تصدى لهم حراس الحدود الليتوانيون، وأعلنت حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، كما تم استنفار القوات المسلحة لمواجهة ما يمكن أن يستجد. لكن بيلاروسيا التي تواجه عقوبات سياسية واقتصادية أوروبية وأمريكية على خلفية سياسات الرئيس لوكاشينكو الحليف لروسيا، عمدت إلى توسيع عملية محاصرة أوروبا باللاجئين، من خلال الدفع بالآلاف منهم إلى حدود بولندا، في رد واضح على العقوبات التي فرضت عليها، وفي محاولة لحمل دول الاتحاد الأوروبي على التراجع عن قراراتها.

وعلى الرغم من أن أعداد المهاجرين من بيلاروسيا لا تزيد على نصف مليون مهاجر، إلا أن طول الحدود البيلاروسية مع كل من لاتفيا وليتوانيا وأوكرانيا وبولندا تمتد لنحو ألفي كيلومتر، مع ظروف طبيعية قاسية في فصل الشتاء تجعل من التعامل مع هذه القضية أمراً شديد الصعوبة، إضافة إلى أسباب هذه الأزمة وتعقيداتها.

وتسعى بيلاروسيا إلى تصعيد الموقف وتحويل أزمة اللاجئين إلى وسيلة ضغط رئيسية على الاتحاد الأوروبي لخلق أزمة إنسانية تجبر المجتمع الدولي على التدخل، وتستدعي بالتالي إلغاء العقوبات المفروضة عليها، أو تخفيفها.

وروسيا، الحليف الأساسي لبيلاروسيا، ترى أن الأخيرة ليست مسؤولة وحدها عن أزمة اللاجئين، وتعتبر العقوبات الأوروبية على بيلاروسيا «تدخلاً في شؤونها الداخلية»، حيث تخشى موسكو من أن تؤدي العقوبات الاقتصادية والسياسية على مينسك إلى ردة فعل شعبية ضد نظام لوكاشينكو، ما يفقدها ورقة مهمة في سياسة الاستقطاب القائمة في أوروبا.

من الواضح أن الرئيس البيلاروسي مصرّ على استخدام ورقة اللاجئين للضغط والمساومة، فهو يرى أن بلاده لا يمكن أن تتحول إلى وكر للمهاجرين غير الشرعيين، الفارّين من الحروب، والراغبين في الهجرة إلى «بلدان أوروبا المريحة، في وقت تحتاج فيه ألمانيا وباقي الدول الأوروبية إلى عمالة رخيصة».

وهكذا تتحول مأساة اللاجئين إلى واحدة من أسوأ وأقذر الممارسات السياسية المعاصرة، حيث يتحول البشر إلى بضاعة للابتزاز والمساومة والضغط السياسي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"