عبدالرحمن المحمودي

02:26 صباحا
قراءة دقيقتين

عبدالله محمد السبب

من هنا نذهب عبر أثير الذاكرة إلى تلك الرقعة العلمية العريقة، مدرسة الرمس الإعدادية للبنين، في سبعينات القرن العشرين، في تلك المدرسة، وفي فاتحة كل يوم دراسي، كُنّا حيث كُنّا، على موعد مع طابور الصباح، ومع إذاعة مدرسية تحمل إلينا ما لذ وطاب من معلومات وعلامات، من تلك العلامات، يأتي الطالب الذي يكبرنا بسنوات زمنية وسنوات دراسية عبد الرحمن سعيد المحمودي، بصوته الشجي ذي الرنين الخاص، بما يترك وقعاً خاصاً في الآذان وفي النفوس، بما يتحفنا به من فقرات إذاعية نستقي منها أخباراً من كل بستان؛ فبين خبر وخبر، ثمة أخبار وأخبار، وثمة محطات تستوقف البشر، إما للوقوف على شأنها ومعرفة ماهيتها، أو التجاوز عنها وعن المحيط المنتمية إليه.

عبد الرحمن سعيد المحمودي، ذلك الطالب الإذاعي بالفطرة الإعلامية والموهبة التي وهبت حِسّها للآذان المستمعة إليها في كل صباح مدرسي عبر أثير إذاعة مدرسة الرمس الإعدادية للبنين، إذ يسحر بصوته لب الإعلامي القدير الراحل عبد الله أحمد الكوك رحمه الله، فيستحوذ على إعجابه، ليأخذ بيد موهبته إلى حيث إذاعة رأس الخيمة التي احتضنته، وأكرمت وفادة صوته، ليصقل نفسه بنفسه، ولنلتقي به مجدداً بعد سنوات في منتصف ثمانينات القرن العشرين، عبر البرنامج الثقافي نادي المستمعين، الذي كان لإبداعاتنا الأدبية نصيب من صوته الذي كان يقرأ أدبياتنا من قصائد وقصص وكتابات حرة ومقالات لبرهة من الزمن، ثم يواصل تحليقه في فضاء الكلمة عبر أثير إذاعة أبوظبي.

ذلك هو الإعلامي القدير عبد الرحمن سعيد المحمودي الطنيجي الذي حفر لاسمه ولهمسه ولصوته بصمة إعلامية إذاعية إماراتية خاصة، الذي ذهب في منتصف أكتوبر من العام الجاري إلى المملكة المتحدة لتلقي العلاج اللازم، تاركاً في قلوب محبيه رسالة صوتية عبر فيديو قصير جداً، إذ همس قائلاً: أيها الإخوة والأخوات الأصدقاء وجميع الأحبة، أودعكم إن شاء الله وأنا في طريقي إلى المملكة المتحدة، بريطانيا، لإجراء بعض الفحوص الطبية إن شاء الله. أتمنى لكم دائماً الصحة والعافية. فليس وداعاً أيها الإخوة، ولكن إلى اللقاء، إلى اللقاء أيها الإخوة في أرض دولة الإمارات العربية المتحدة.

هكذا كانت آخر كلماته قبل مغادرة البلاد، فيما صمت صوته في 2 نوفمبر الجاري، تاركاً وراءه بصمة إعلامية لا تتكرر ما يستدعي طرح سؤال دائم المثول في مثل حالات الفقد هذه: ألم يئن الأوان للجهات الإعلامية، لا سيما الإذاعية والتلفزيونية منها، أن ترفد المشهد الثقافي بدليل متضمن القامات الإعلامية التي ساهمت في النهضة الإعلامية الإماراتية طيلة خمسين عاماً، سواء تلك التي غادرت الحياة، أو ما زالت على قيدها، سواء من لا تزال على رأس عطائها الإعلامي، أو تلك التي تنحت عن الحياة الإعلامية لسبب أو آخر؟!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"