الذكاء الاصطناعي يعيد هيكلة قطاع التصنيع

20:23 مساء
قراءة 3 دقائق
1

كولين باريس *

تتعاظم قدرة الذكاء الاصطناعي على إحداث تحول جذري في كافة جوانب الحياة مع الزيادة الملحوظة في توظيف تقنيات الثورة الصناعية الرابعة عالمياً.

ويتميز الذكاء الاصطناعي بقدرته الهائلة على خفض تكاليف التشغيل، وتعظيم الأرباح، وتطوير أساليب عمل جديدة، وتحسين عمليات الحوكمة، وإيجاد حلول لبعض أصعب التحديات الاجتماعية والبيئية التي يواجهها العالم.

وللذكاء الاصطناعي، منافع عديدة في القطاع الصناعي؛ حيث أسهم في تطوير الأعمال وجعلها أكثر أماناً، وفي تسهيل العمليات المعقدة، وتعزيز الإنتاج، والتصدي لمخاطر الأمن السيبراني.

ويبدو أن أهم ما يتميز به الذكاء الاصطناعي، ويجعله أداة مهمة للتغيير، قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات المعقدة مما يسهم في تحسينات ملموسة على سلاسل التوريد، وعلى عملية صناعة القرار فيما يتعلق بتخصيص الموارد وتوزيع المهام وتطوير العمليات والخدمات.

فعلى سبيل المثال، يسهم توظيف الذكاء الاصطناعي في وضع خطط دقيقة لعمليات الصيانة التنبئية، واكتشاف الأعطال قبل حدوثها، مما يخفض الوقت المخصص للصيانة ويقلل تكاليف القوى العاملة، كما تقوم الأجهزة الرقمية المعززة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي بتشخيص لحظي لعمليات الإنتاج مما يقلل بشكل كبير من المخاطر التشغيلية.

وستواصل الأدوات والحلول المستقبلية التي توظف الذكاء الاصطناعي، إحداث تغييرات جوهرية في جميع مجالات العمل، مما يساعد الشركات الصناعية على الاستفادة من الفرص الرقمية الجديدة وتسريع وتيرة التطور في القطاع الصناعي.

ويتوجب على المؤسسات والشركات التركيز على إنشاء أنظمة رقمية تتماشى مع المعايير الأخلاقية، والاستثمار في التقنيات التي من شأنها الارتقاء بالمجتمعات، والمساهمة في بناء نظام بيئي تعاوني، يرتكز على التفاعل والتكامل بين البشر والآلات، إذا ما أرادت تحقيق أكبر استفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي وتحقيق فوائد طويلة الأجل.

لا تنحصر فوائد الذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الشركات الصناعية الكبرى؛ حيث تشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل الغالبية العظمى من الشركات حول العالم. وتستطيع هذه الشركات توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز عملياتها التشغيلية، وخفض التكاليف، والتوسع العالمي، وخفض خسائر الإنتاج. وقد أثبتت نتائج استطلاع حديث أجرته شركة «ديلويت» الدور الكبير الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة؛ حيث إن 82% من الشركات التي استثمرت في توظيف التقنيات الحديثة في أعمالها حققت نتائج مالية إيجابية.

وتحظى حلول الذكاء الاصطناعي، بأهمية متزايدة في مختلف المجالات والقطاعات؛ حيث تساعد على التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها الدول النامية، والتي تعاني تحديات الاتصال بشبكة الإنترنت وفي توظيف التقنيات المتقدمة.

فعلى سبيل المثال، يمكن للتكنولوجيا أن توفر فرص التعليم عن بعد للملايين من الطلاب غير القادرين على ارتياد المدارس، إضافة إلى دورها في تحسين البنية التحتية في المدن من خلال توفير نظم التنبؤ بالأعطال في أنظمة النقل العام، وغيرها الكثير من الاستخدامات.

ويمكن لحلول الذكاء الاصطناعي، أن تسهم وبشكل كبير في تطوير وتحسين قطاع الرعاية الصحية، ففي إفريقيا مثلًا، يمكن للتكنولوجيا أن تتيح للأشخاص الحصول على خدمات مرافق الرعاية الصحية باستخدام تطبيقات الهاتف الذكي، وتطوير حلول الكشف المبكر عن الأمراض، ومساعدة الأطباء على أداء مهامهم بأقل التكاليف.

ولتحقيق ذلك، يتوجب علينا إيجاد حلول للتحديات التي تعيق نشر وتعزيز هذه التقنيات، مثل ضعف البنية التحتية الرقمية، وشح البيانات والتمويل، وغياب التشريعات التي تنظم توظيف الذكاء الاصطناعي وتجعل استخدامه آمناً وفعالاً.

تلعب التقنيات المتقدمة دوراً حيوياً في مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والصناعية والبيئية التي يعيشها عالمنا اليوم. حيث إن هذه التقنيات يمكن أن تساعد على بناء مستقبل أفضل للجميع.

وفي مرحلة ما بعد جائحة «كوفيد- 19»، يتعين على الدول أن تتعاون معاً بشكل حثيث لصياغة رؤية موحدة تمكنها من جني فوائد التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، كما يتوجب بناء الجسور بين اقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء وتبادل أحدث المعارف والابتكارات لتعزيز الازدهار العالمي.

ولا شك أن زيادة التعاون وتبادل المعرفة بين الخبراء من القطاع الصناعي والحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية، أمر ضروري لتعظيم أثر الذكاء الاصطناعي في تطوير الصناعات وتعزيز الحوكمة وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.

مما يؤكد ضرورة توفير منصة عالمية تتيح مناقشة مثل هذه القضايا الحيوية.

وتعتبر القمة العالمية للصناعة والتصنيع منصة مثالية للحوار العالمي حول هذه القضايا، والتي ستقام هذا الأسبوع في إكسبو 2020 دبي تحت عنوان «الارتقاء بالمجتمعات: توظيف التقنيات الرقمية لتحقيق الازدهار»، وستركز القمة في دورتها الرابعة على أهمية ذكاء البيانات والاتصال، مع تسليط الضوء على تعزيز التكامل بين البشر والآلات.

* نائب أول الرئيس، مدير التكنولوجيا التنفيذي في «جنرال إلكتريك الرقمية»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"