دائرة النار في القوقاز

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لا تزال شرارة الصراع بين أرمينيا وأذربيجان حاضرة، بعد اشتباكات دامية وقعت الأسبوع الماضي بين الدولتين، أدت إلى خسائر في الأرواح. فالهدنة التي وقّعت بين يريفان وباكو برعاية روسية في تشرين الثاني/ نوفمبر العام المنصرم، بعد حرب استمرت 6 أسابيع أدت إلى مقتل نحو 6500 شخص، تؤكد الوقائع الميدانية أنها هشّة، وقد تنهار في أية لحظة، لاسيما أنه بين الفينة والأخرى يلجأ كل طرف لاستفزاز الآخر، والتصادم الأخير على الرغم من أنه كان الأشد ضراوة فإنه لم يكن الأول بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، فثمة الكثير من المناوشات وقعت وأسفرت عن قتلى، لكن تم حصرها.

روسيا وأوروبا وأمريكا سارعت الأسبوع الماضي لوقف جولة التصعيد هذه، كي لا تتسع دائرة النار؛ كما أن الضامن الروسي وهو الحليف الاستراتيجي لأرمينيا وبينهما اتفاقية دفاع وتعاون عسكري، كان متزناً، وتجاهل إلحاح يريفان بتفعيل معاهدة الدفاع، كي لا تنجرف الأحداث إلى ما لا يُحمد عقباه. صحيح أن الخسائر كانت عالية؛ حيث قُتل من الجانب الأذري 7 جنود، وأصيب 10، ومن جانب أرمينيا قُتل 6 وفقد 24 وأُسر 13، إلا أن التوقف عند هذا الحد كان الأسلم والأجدى في ظل حالة عدم اليقين الذي يمر بها العالم الآن.

الحرب بين الطرفين الآن غير محتملة على المستوى العالمي؛ إذ ثمة صراعات ساخنة على جبهات عدة بين دول كبرى، والأوضاع لا تحتمل تصعيداً آخر، قد تمتد آثاره لتشمل دولاً أخرى. فروسيا تواجه هجوماً غربياً شرساً على المستويين السياسي والاقتصادي مع التلويح دوماً بالخيار العسكري ضدها، بسبب حشودها العسكرية على حدود أوكرانيا، واختبارها صاروخاً مضاداً للأقمار الصناعية، وصواريخ فرط صوتية تشكل «تهديداً» للغرب، كما أنها متهمة بدعم مينسك في حرب المهاجرين التي تشنها على الاتحاد الأوروبي.

لذا فإن موسكو غير معنية على الإطلاق بأي توتر في القوقاز، لأن ذلك سيكون كفيلاً بزيادة الضغط عليها، وتشتيتها على الجبهات، وعلى الرغم من التزامها الثابت بدعم أرمينيا، فهي وضعت كل ثقلها في حرب 2020 للتوسط لإنهائها وعدم الانحياز العسكري لأي طرف، حيث كانت نتيجة المعارك في غير مصلحة حليفتها يريفان، وهي أيضاً مستمرة في حيادها، كي تسهم في الحد من التوتر، لأن ذلك لا يخدمها بأي شكل، وفي حال انحازت فإن ذلك سيضعها في مواجهة جديدة مع دول الإقليم خصوصاً تركيا بالدرجة الأولى الداعمة لباكو، ثم أوروبا التي قد تدفع بمزيد من العقوبات للإضرار بالاقتصاد الروسي، وفي الجهة المقابلة فإن الغرب غير معني بأي تصعيد في ظل التوترات السياسية الداخلية، وانتشار فيروس «كورونا»، ومشاكل الهجرة التي تواجهها.

الحرب في القوقاز غير مرغوبة على المستوى الدولي؛ لذا فإن الشرق والغرب سيبقى يضغط كي لا تنجرف الأمور، إلا أن ذلك يؤجل الانفجار ولكن قد لا يمنعه في قادم الأيام، لأن مشكلة إقليم كاراباخ ما تزال حاضرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"