ذئاب الصفحات الإلكترونية

02:09 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

«خذ هذه البطاقة واشتر ما شئت إلكترونياً، فطالما أنك في المنزل ولا تتعرض لخطر النزول إلى الشارع والاحتكاك بالغرباء، يطمئن قلبي»، كم من الأهالي يرددون هذه العبارة في وقتنا هذا، وكم من ولي أمر ترك لابنه أو ابنته القاصر التصرف بحرية واختيار ما يشاؤون من صفحات إلكترونية لشراء ما يريدونه أو يحتاجونه، دون عناء متابعة تلك الصفحات أو المواقع التي يدخلها الأبناء والتحقق من عملية البيع والشراء كيف تتم وما الذي يحصل بعدها؟ طبعاً لا مشكلة في تعويد الصغار على تحمل مسؤولية أنفسهم واتخاذ القرار الصائب والتعود على التدقيق في ما يشترون ويحسبون التكلفة.. إنما المشكلة والخطورة في من يقف خلف عملية البيع ومن يتواصل مع الصغار وماذا يطلب منهم؟

التباهي بقدرة الأطفال على الدخول إلى صفحات البيع الإلكتروني وتصفحها ببراعة وربما معرفة ما في الأسواق من جديد أكثر مما يعرف الكبار، يقع فيه كثير من الأهالي عن حسن نية ومن باب الاعتزاز بذكاء أطفالهم وأنهم «أكبر من سنهم» وعياً، ولا يعرفون أن خلف تلك الأبواب يقف أحياناً ذئاب يستدرجون الصغار ويتحرشون بهم ويتحججون بضرورة الحصول على معلومات كافية عن المشتري، فيطلبون رقم الهاتف و»الواتس أب» ومن بعدها يدخلون في أحاديث خاصة وتحرش صريح ويرسلون صوراً إباحية.

لا يمكن التعميم لكن الخطر موجود وهناك حالات تطرق إليها منتدى «سلامة الطفل 2021»، الذي نظمته إدارة سلامة الطفل التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، حيث تم طرح قضايا وقصص حقيقية عن تعرض الأطفال للابتزاز والتحرش الجنسي الواقعي والإلكتروني، منها التجربة التي مرت بها خبير الإرشاد وجودة الحياة في وحدة حماية الطفل بوزارة التربية والتعليم، موزة الشومي، حيث تعرض ابنها (١٢ عاماً) للتحرش أثناء تصفحه موقعاً إلكترونياً لشراء دراجة هوائية، ولولا التوعية المسبقة لابنها لما استشعر الخطر وسارع إلى إخبار أمه، فتواصلت بنفسها مع الرجل بلسان ابنها حتى استدرجته وتولت الجهات الأمنية إلقاء القبض عليه.

مهم التعرف إلى تلك القصص كي نتعلم ونفهم وكي يتأكد أولياء الأمور أن الكلام ليس مجرد تهويل وتضخيم أو مجرد تحذير من مساوئ استخدام التصفح الإلكتروني لمواقع وصفحات غريبة.. فالكل معرضون والتحرش بالأطفال منتشر والتهديد والابتزاز الإلكتروني متوفران وبكثرة، ولا يكفي التعامل مع الأطفال بثقة كي يضمن المرء حمايتهم ممن قد يؤذي مشاعرهم ويعرضهم لمواقف خطيرة قد تهز ثقتهم بأنفسهم أو تدخلهم في حالة من الخوف والاضطراب النفسي.

الحذر واجب والوعي ضروري والوقوف بجانب الأطفال وتوعيتهم وعدم السماح لهم بفتح صفحات أو التواصل مع غرباء حتى ولو أرادوا شراء أي شيء، أمر مهم وواجب على كل ولي أمر، إذ يبدو أن البراءة والتلقائية في التعامل مع الآخرين هما المفتاح الذي يتسلل منه هؤلاء المرضى والوحوش للوصول إلى الأطفال حتى ولو كانوا يجلسون بأمان في البيوت.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"