فنون إسلامية في فرنسا

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

«مصباح مسجد من القرن الحادي عشر، لوح قرآني، خنجر بمقبض عاجي، درع معدنية، سجادة فارسية، ساميت (قماش شرقي) من الحرير، علبة مطعّمة بالعظام والخشب الثمين، إسطرلابات من الهند والمغرب وكؤوس وأكواب وأطباق ومسلات جنائزية».
هذه بعض مقتنيات ثمانية عشر معرضاً مقامة، بالتزامن، في ثماني عشرة مدينة فرنسية عن الفنون الإسلامية، وتستمر لمدة أربعة شهور، وتضم 210 روائع مأخوذة من متحف اللوفر أو من مجموعات وطنية وإقليمية، وتُعرض للجمهور مجاناً.
تحمل المعارض المذكورة التي سوف تستمر حتى نهاية مارس/ آذار من العام القادم، عنوان «ماض للحاضر»، ما يجسد الهدف منها في تعريف الجمهور الفرنسي بجوانب لا يعرفها عن الحضارة الإسلامية في بلداننا المختلفة، عربية كانت أو غير عربية، وحسب الجهة المنظمة للمعارض فإن «عشر روائع من الفن الإسلامي ستعرض في كل من المدن ال 18، بينها ما هو ديني الطابع وبينها ما هو دنيوي، فالعالم الإسلامي كان مساحة للتبادلات، إذ تمر فيها كل الطرق، وهي مكان مفتوح على مدار قرون فاقت الثلاثة عشر».
تعبير ذو دلالة استخدمه المنظمون وهم يؤكدون على الرسالة المنشودة من إقامة هذه المعارض مجتمعة وخلال فترة زمنية طويلة نسبياً، هي «محاربة الجهل بفنون الإسلام»، ولو وسعنا الإطار قليلاً لجاز القول إن معارض مثل هذه تسهم في التعريف بالعالم الاسلامي عامة، لا بفنونه وحدها، فمجتمعات أنتجت مثل هذه الفنون عبر التاريخ لا يمكن إلا أن تكون قد بلغت مستويات راقية من الحضارة والازدهار، على الأقل في فتراتها الذهبية.
أوروبا، والغرب عامة، لا بل ومناطق أخرى في العالم في حاجة لأن تصلها رسالة مثل هذه في ظروفنا الراهنة التي تكونت فيها صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين لدى الرأي العام في هذه البلدان، بسبب ما تشهده بلدان كثيرة في العالمين العربي والإسلامي من صراعات وحروب وانتشار للجماعات المتطرفة، وبعضها مسلحة، لم توفر مدناً أوروبية، بينها مدن في فرنسا، من أعمالها الإرهابية، ما يتطلب جهوداً مضاعفة من الدول الإسلامية نفسها ومن كل الجهات الحريصة على مدّ جسور الحوار والتسامح والتبادل الحضاري في مختلف المجالات، وبينها، لا بل في مقدمتها، الفنون كونها حاملاً بليغاً لمثل هذه الرسالة.
ما يحسب لمنظمي المعارض الثمانية عشر حرصهم على «الاقتراب قدر الإمكان من أولئك الذين لا يذهبون عادة لمشاهدة الأعمال الفنية»، لذا لم يقتصروا على معرض واحد كبير يقام في العاصمة، وإنما اختاروا الخروج من باريس والتوجه بالمعروضات نحو المدن الأخرى كي تصل إلى قطاعات أوسع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"