عادي
على هامش الحكاية

تعرف إلى روبن هود العرب

22:47 مساء
قراءة دقيقتين
2

تمتلئ صفحات كتب التاريخ العربي بقصص البطولة وحكايات أشخاص رسخوا في الذاكرة، بفضل سيرتهم ومواقفهم التي ربما تكون في بعض الأحيان مختلفة وخارقة للعادات المجتمعية.

ومن هؤلاء الذين سارت بحكاياتهم الركبان، الشاعر عروة بن الورد العبسي، المتوفى في عام 540م، عاش في عصر الجاهلية، ويعتبر واحداً من شعرائها الكبار، وفارساً من فرسانها الذين لا يشق لهم غبار، وهو ينتمي إلى فئة الشعراء «الصعاليك».

صارت «الصعلكة» في العصر الجاهلي طريقة وأسلوب عيش، أو بما نسميه بلغة اليوم، رؤية فكرية وفلسفية، تقوم على نصرة الفقير والمظلوم في وجه الظالم، وقد برز العديد من الشعراء الصعاليك الذين حملوا لواء الصعلكة، وفارقوا قيم المجتمع السائدة في ذلك الوقت، بالتالي كانوا رواداً في ما يتعلق بطرح قيم جديدة، ومن أبرز هؤلاء الشعراء: الشنفرى الأزدي، وتأبط شراً، والسليك بن السلكة، وحاجز بن عوف الأزدي، وقيس الخزاعي، وغيرهم، وقد قالوا شعراً كثيراً يوثق لبطولاتهم وانتمائهم للفقراء، وفخرهم بأنفسهم وأفعالهم.

وكان عروة بن الورد يحتل المكانة الأميز، حتى لقب ب«عروة الصعاليك»، أو «أمير الصعاليك»، فقد كان بمثابة زعيم وقائد، فسيرته غنية وثرية بالحكايات، وشعره فصيح وقوي، وقد كان لأبيه دور كبير في حرب داحس والغبراء، أما أمه فهي من بني نهد، وهم ليسوا من ذوي الحسب والنسب، فأثر ذلك في مكانته الاجتماعية، ولكن على الرغم من ذلك، كان عروة من الفرسان المعدودين الذين تشهد الصحراء لهم ببطولاتهم ومغامراتهم، وإلى جانب صفات الشجاعة تلك، عرف أيضاً بأنه كريم وحسن الخلق.

اختار عروة أن ينحاز إلى الفقراء والضعفاء، فكان يسرق من الأغنياء ليطعمهم ويساعدهم بالمال، بل وصل به الأمر أن جعل منهم جماعة، أي طبقة، فكان يعتني بهم ويجمعهم في مكان واحد، في أيام الشدة، خاصة في فصول الشتاء القاسية، ويخصهم بما جمعه من غنائم، وكان فيهم أصحاب مرض وعلل، فيعمل على أمر علاجهم ورعايتهم وكسوتهم، حتى إذا قوي المريض منهم، اصطحبه معه في رحلة السلب، حتى إذا انتهت أيام الشدة والمسغبة، عاد كل واحد منهم إلى أهله، ومعه فضل من المال، لذلك أطلق عليه هؤلاء الفقراء ذلك اللقب الذي ظل يحمله بفخر وهو «عروة الصعاليك».

لكن انحياز عروة للفقراء والصعاليك وحنوّه عليهم، كان له ثمن، فقد أوهن رباطه الأسري والعائلي، فقد كان لأقاربه موقف سلبي من طريقة عيشه وحياته التي خصصها للمساكين، فقد لامته زوجاته في كثير من الأحيان على مغامراته وبذل نفسه وماله من أجل الصعاليك، إلا أن عروة لم يأبه بذلك الأمر الذي تسبب بقلق حياته الاجتماعية واضطرابها، وأصر على أن يواصل قضيته التي نذر نفسه لها، وكان يبذل في سبيل ذلك الكثير من الأشعار التي جلبت له المجد، حيث اعتبرته قبيلته أشعر شعراء زمانه، وراحت تقارن بينه وبين عنترة بن شداد، وهناك الكثير من القصائد التي يعلن فيها تمسكه بموقفه تجاه الفقراء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"