عادي

تغيُّر المناخ وتلوث المياه

20:55 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

نشأ جاريت رو على ممارسة صيد الأسماك في وسط كولورادو، وعادةً ما كان يجد نفسه محاطاً بجبال اصطبغت باللونين العنبري والكستنائي، ويسير مسافات طويلة على امتداد جداول مياه يبدو أنها استعارت لونها من هذين اللونين. وفي بعض الأحيان، كان رو يلقي صنارته لصيد أسماك السلمون، لكنه كان يعود بخُفَّي حنين، لأنه ليس ثمة أسماك يصطادها، ثم بدأ رو يسمع حكايات عن أشخاص في مجتمعات جبلية متاخمة لم يكن بمقدورهم أن يشربوا من المياه الموجودة في مناطقهم، وبدأ يتساءل: «هذه المجاري المائية تعاني العجز عن دعم النظم الإيكولوجية، كما أن مياهها غير صالحة للشرب، فما الذي يحدث هنا؟».

وحاليّاً، أصبح بمقدور رو، الذي صار باحثًا في معهد أبحاث القطب الشمالي والجبال بجامعة كولورادو، أن يتعرف على الرموز اللونية لبيئة المجاري المائية؛ فاللون الأحمر الصدئ أو البرتقالي يشير إلى أكسيد الحديد، والأبيض الطباشيري للألومنيوم، والأصفر للمنجنيز، وتكشف هذه الألوان عن وجود معادن تنجرف بفعل المياه إلى سفوح الجبال، ومن الممكن أن تكون العواقب وخيمةً على الحياة المائية على المستوى المحلي وخطيرةً على أنظمة مياه الشرب.

ولا شك في أن عمليتي التمعدن والتحمض تحدثان على نحوٍ طبيعي، لكن عقوداً من البحث تُبيِّن أن بعض تلك العمليات ينتج أيضاً عن أعمال الحفر والممارسات المتعلقة بالتخلص من النفايات في مناجم الذهب والفضة وغيرها من المناجم الإقليمية الأخرى، التي غالباً ما تقع في مناطق جبلية، والآن، يبدو أن تغيُّر المناخ يعمل على تسريع وتيرة هذه العملية،

وتبدأ هذه العملية الكيميائية في الوديان الجبلية المرتفعة، التي ظل كثيرٌ منها لفترات طويلة يمثل صهاريج تخزين المياه الطبيعية في العالم، وحاليًّا، يؤدي تغيُّر المناخ إلى زيادة درجات الحرارة وزيادة تواتر حالات الجفاف وشدتها في تلك البيئات الجبلية المرتفعة، حيث تقع المناجم في العادة، وتربط مجموعة متزايدة من الأبحاث بين هذه الظروف المتمثلة في ارتفاع درجة الحرارة واشتداد الجفاف من جهة وحمضية المياه الآخذة في التزايد من جهة أخرى، وهو الأمر الذي يجعل الصخور تطلق المزيد من المعادن نحو المجاري المائية.

وقد تبدو أكوام النفايات الصخرية المتخلفة عن عمليات التعدين غير ضارة، بيد أن المعادن المستخرجة غالباً ما توجد في صخور تحتوي أيضاً على الكبريتيدات، وعندما تتعرض تلك الكبريتيدات للتجوية بمرور الوقت بفعل الهواء والأمطار، فإنها تتحلل وينتج عنها حمض الكبريتيك، الذي يمكنه إزالة البقايا المتخلفة من الألومنيوم، والكادميوم، والحديد، والرصاص، والزنك، وغيرها من المعادن، ومن بينها العناصر الأرضية النادرة، التي توجد في المواقع التي تناولها رو في دراسته لحوض نهر سنيك، ثم يؤدي ذوبان الجليد أو هطول الأمطار إلى نقل هذه المعادن إلى مجرى النهر.

إليزابيث ميلر - (سيانتفيك أمريكان)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"