عادي

البيئة ومقاومة مضادات الميكروبات

20:46 مساء
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار

اعتاد العالِم الإسكتلندي ألكسندر فليمنج أن يترك بعض الأوعية والأطباق التي تحتوي على مستعمرات بكتيرية لكي تنمو بجواره في أثناء عمله في المختبر، وذات يوم لاحظ أنه إلى جانب البكتيريا، بدأ فطر «العفن» في النمو، وأن نموه في الوعاء ذاته يعوق نمو البكتيريا. واستنتج فليمنج حينها أن العفن يحتوي على مادة مضادة للبكتيريا، أطلق عليها اسم البنسلين، أول مضاد حيوي تجاري، وقد أصبح في ما بعد أساس أدوية علاج الالتهابات البكتيرية. وحدث ذلك الاكتشاف الثوري عام 1928، ومنذ ذلك الحين توالت الاكتشافات لمضادات حيوية جديدة، ولكن إلى جانب ذلك بدأ اكتشاف ظهور مقاومة لهذه المضادات الحيوية. ومؤخراً، أصبح لتحليل مياه الصرف الصحي دورٌ حيوي في توجيه قرارات مقدمي الرعاية الصحية، وتجلت أهمية هذا الدور خلال الجائحة الحالية، إذ وجد الباحثون أن مراقبة مياه الصرف الصحي بحثاً عن آثار لفيروس كورونا تمكِّنهم من تتبُّع انتشار المرض بين المجتمعات بشكل سريع وغير مُكلف، ووجد الباحثون أنه من الممكن استخدام المبدأ ذاته للتعامل مع مشكلات صحية أخرى، مثل الحد من انتشار الميكروبات أو الجراثيم الخارقة التي تقاوم العقاقير المضادة لها، وفق نتائج دراسة حديثة نُشرت في دورية «واتر ريسيرش».

ويقول ماركوس بالوجا، مساعد باحث بقسم علم الأحياء التركيبي والاقتصاد الحيوي بكلية الهندسة المدنية وعلوم الأرض، بجامعة نيوكاسل: «تقدم الدراسة أدلةً علميةً حول مواقع انتقال جينات مقاومة مضادات الميكروبات باستخدام اختبارات جزيئية جديدة».

وتعتمد الاختبارات على تتبُّع أجزاء من الحمض النووي تسمى «الإنتجرونات» للتفرقة بين البكتيريا التي لديها جينات المقاومة وتلك التي لا تمتلكها، كما يمكن استخدامها للفحص السريع بحثاً عن جينات مقاومة مضادات الميكروبات القابلة للانتقال، وذلك لتحديد النقاط الساخنة لانتشار المقاومة، والتي يمكن أن تخضع في ما بعد لتحاليل واختبارات أكثر دقةً وأعلى في التكلفة. والإنتجرونات هي تراكيب جينية تتيح للبكتيريا نقل المعلومات وتفسيرها عند الحاجة.

وتهدد مقاومة مضادات الميكروبات عمليات الوقاية والعلاج الفعال لمجموعة متزايدة من العدوى الميكروبية، وتحدث مقاومة مضادات الميكروبات عندما تصبح البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات غير مستجيبة للأدوية، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبةً ويزيد من خطر انتشار الأمراض الشديدة والموت.

يمكن أن تصبح الميكروبات مقاوِمةً لهذه الأدوية لأسباب عدة، منها ما يتوقف على سلوك البشر، ومنها ما يتوقف على سلوك الميكروبات.

وتشمل الأسباب المتعلقة بسلوك البشر التشخيص غير الدقيق الذي ينتج عنه وصف مضادات الميكروبات دون داعٍ، والاستخدام غير المناسب دون إشراف طبي، وكذلك استخدام المضادات الحيوية على حيوانات المزارع، مما يساعد على نقل الأمراض التي تصيب الحيوانات إلى البشر.

* ساينتفيك أمريكان

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"