عادي
نظّمها مركز الخليج للدراسات عبر تقنية «زوم» وأدارها رئيس جامعة دبي

ندوة مبادئ الخمسين تدعو للتركيز على مشاريع تحويلية تُحدث تغيرات جذرية

01:06 صباحا
قراءة 14 دقيقة
  • أعد ورقة المحاور: السيد صدقي عابدين
  • أعدها للنشر: ليلى سعيد

أوصى مشاركون في ندوة «مبادئ الخمسين.. أسس بناء المستقبل في الإمارات» التي عقدها مركز الخليج للدراسات في دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، عبر تقنية «زوم»، بضرورة الاستمرار في تبنّي سياسات حوكمة رشيقة والتركيز على المشاريع التحويلية لإحداث تغيرات جذرية.

واتفق المشاركون في الندوة التي أدارها الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، على أهمية عقد حلقات نقاش وندوات وتعزيز دور الإعلام والأسرة للتعريف بمبادئ الخمسين، والتركيز على تطوير البرامج التدريبية، وبرامج تعزيز مهارات ومعارف الطلبة لتعزيز إدارة المعرفة كنظام متكامل في إدارة المؤسسات، والعمل على تشريعات جديدة لمواكبة التحولات التي ستحققها الدولة، ومزيد من السعي لتحقيق قفزات في المؤشرات الخاصة بالابتكار.

أكد د. عيسى البستكي أن دولة الإمارات تؤكد قوتها وبصيرتها الثاقبة باستضافة «إكسبو 2020» في مرحلة استثنائية في كل العالم، وأيضاً بالاهتمام بالإنسان وتطوير حياته وتحقيق رفاهيته، ولذلك اعتمدت الدولة مبادئ عشرة نبراساً في الخمسين عاماً الجديدة من مسيرتها بعدما خطت خطوات جبارة في الخمسين الأولى، وتشهد على ذلك مؤشرات كثيرة يتوالى الإعلان عنها سنوياً.

المبادئ العشرة إذاً، لا تمثل قطيعة مع نهج الدولة، وإنما تمثل استمرارية لنهج التطوير المستمر، والطموحات العالية. ومن ثم فقد جاءت المبادئ شاملة، ومتكاملة، وتحمل الكثير من القيم، وتحدد الكثير من الأهداف، وترشد إلى المزيد من الآليات. وقبل كل ذلك تحدد المسؤوليات والتبعات بما يعود بالفائدة على الوطن والمواطنين. وبما يجعل الإمارات وجهة مفضلة لدى الباحثين عن فرص العيش الكريم، والتفوق، والاستثمار الآمن ذي العائد المجدي.

المبدأ الأول، جعل من تقوية الاتحاد أولوية رئيسية كبرى، وكل ما يتطلبه ذلك من أموال وجهات ذات صلاحيات. وترسيخ الاتحاد ليس على الصعيد الداخلي فقط، وإنما قِبل العالم الخارجي. وعلى ذلك، فإن المبدأ السادس قد ركز على أن دولة الإمارات، اقتصادياً وسياحياً وصناعياً واستثمارياً وثقافياً، وجهة واحدة، وعلى مؤسساتها توحيد الجهود والعمل على بناء مؤسسات عابرة للقارات تحت مظلة دولة الاتحاد.

وكذلك تضمن المبدأ الأول التطوير العمراني والتنموي والاقتصادي الشامل لكل ربوع الدولة. وقد جاء المبدأ الثاني ليركز على التنمية الاقتصادية باعتبارها مصلحة وطنية عليا. ومن ثم تركيز الجهود، اتحادياً ومحلياً، للمحافظة على المكتسبات التي تحققت، وجعل البيئة الاقتصادية الإماراتية عالمية. ويمكن القول إن المبدأ السابع مرتبط أشد الارتباط بالمبدأ الثاني، باعتبار أن الأول يركز على جوانب التفوق، علمياً وتقنياً ورقمياً. ومن ثم، فإن المبدأ الرابع قد ركز على الإنسان الذي هو محور هدف التنمية والقائم بها، في الوقت نفسه. فهو رأس المال البشري الذي بجهوده والارتقاء بتعليمه ومهاراته عبر نظام تعليم متطور، وتطعيم بمواهب، يتم تيسير سبل استقطاب المزيد منها.

وعلى صعيد السياسة الخارجية الإماراتية وعلاقاتها بالعالم الخارجي ودورها الإنساني والمحافظة على السلم والأمن الدوليين، دارت المبادئ الثالث والخامس والتاسع والعاشر، على التوالي. فإذا كانت السياسة الخارجية تخدم أهدافاً وطنية عليا، فإن «حسن الجوار أساس للاستقرار»، والمساعدات الإنسانية التزام أخلاقي للدولة، بغض النظر عن أي اعتبارات غير الاعتبار الإنساني، وإغاثة الملهوف والمحتاج. أما السلام والاستقرار فإن ترسيخهما من خلال التعاون على المستويين، الإقليمي والعالمي، من الأسس المحركة لسياسة الدولة.

والكثير من القيم تضمنتها المبادئ التسعة التي ذكرت، لكن المبدأ رقم ثمانية قد ركز على منظومة القيم في الدولة، والأسس التي تقوم عليها في الداخل، ومن ثم تدعم كل ما من شأنه ترسيخها في الخارج.

وترافق مع الإعلان عن مبادئ الخمسين إطلاق حزمة أولى من المشاريع طويلة المدى، تبعتها حزمة ثانية تمثل برامج عمل تنفيذية للقيم والأهداف المتضمنة في مبادئ الخمسين. وكان في القلب من كل هذه المشاريع: المواطن وسعادته ورفاهيته. هذه المشاريع تنفيذها يقع على عاتق مختلف المؤسسات وعلى جميع المستويات. وقد بات على كل منها مسؤوليات ومهام خاصة في ظل توفير الاعتمادات المالية اللازمة من أجل السير قدماً في التنفيذ. وبالفعل فقد برزت بعض المبادرات التي نالت استحسان القيادة.

وناقشت الندوة موضوعها عبر ثلاثة محاور، الأول «القيم والأهداف العليا في مبادئ الخمسين»، والثاني «مشروعات الخمسين.. برامج عمل طموحة»، والثالث «مبادئ الخمسين.. آليات ومسؤوليات».

القيم والأهداف العليا

أكدت الدكتورة فاطمة الشامسي أستاذة الاقتصاد، أن استراتيجية الخمسين تمهد الطريق لمرحلة جديدة على كل الصعد: السياسية والاجتماعية والاقتصادية. والمبدأ الرئيسي تقوية الاتحاد، ثم تأتي بقية الأهداف التي تخدم الهدف الرئيسي من خلال بناء الاقتصاد الأفضل عالمياً بخلق بنية اقتصادية عالمية مع مؤسسات عابرة للقارات تحت مظلة الاتحاد من أجل توفير الحياة الأفضل للمواطن والمقيم، وترسيخ السمعة العالمية للدولة.

وأشارت إلى أن تقوية الاتحاد تتطلب كفاءات ومهارات بشرية وعلمية وتقنية، وهذه المهارات تأتي من خلال تطوير التعليم واستقطاب الموارد والمهارات العصرية التي يحتاج إليها المستقبل من وظائف جديدة غير تقليدية، بهدف ترسيخ أن الدولة عاصمة للمواهب، وجذب الاستثمارات في المجالات العلمية والتقنية كافة، وترسيخ هذه المبادئ يحتاج إلى استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، لذلك لابد من تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية، إقليمياً وعالمياً، من خلال قوانين تواكب التطورات الحديثة.

وأهم القيم التي تهدف إليها الدولة ترسيخ مبدأ الاعتدال والتسامح واحترام الثقافات ما يساعد على استقطاب المهارات، وفي الوقت نفسه يعزز السلم الداخلي والخارجي.

وركزت على أن دولة الإمارات ترسخ الاستقرار الإقليمي والعالمي بدعم استخدام الحوار لحل المشاكل في شتى بقاع العالم، ومد يد العون بغض النظر عن اللون، والدين، والعرق، ومن ثم فإن هذه المبادئ تتكامل وتترابط لتقوية الاتحاد وخدمة الوطن، وهو المطلب الرئيسي لخلق حياة كريمة لكل فرد في المجتمع.

لحظة تاريخية

أشار الدكتور سعيد الظاهري رئيس مجلس إدارة شركة «سمارت ورلد» بدبي، إلى أن افتتاح «إكسبو» مثّل لحظة تاريخية للإمارات، وأنه عبر شركة «سمارت ورلد» بدبي، ساهم في وضع البنية التقنية المعلوماتية لأكسبو، وعن المبادئ العشرة لوثيقة الخمسين، فهي من أهم التحديات المستقبلية والتي تحتاج إلى فكر ومنهجية جديدة لكيفية تطبيقها وانعكاساتها، لأنها مشاريع تحولية كبيرة، وآليات عمل جديدة تحتاج إلى فكر جديد عند التنفيذ، وهناك مسؤوليات على القطاع الحكومي، والأكاديمي، والقطاع الخاص، عند التطبيق.

ومبادئ الخمسين تلخص التوجهات الجديدة خلال المرحلة المقبلة، وترسم المسار الاستراتيجي للدولة مستقبلاً، وتؤكد حرص القيادة على توفير أفضل حياة لأمن الإمارات، ومن يقيمون على أرضها، ورهان القيادة على الإنسان وتمكينه.

فالقيم دائماً ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة واحترام الثقافات والهوية والوطنية، وهي امتداد لما زرعه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أسست قبل قيام الاتحاد، وستبقى مع الأجيال القادمة.

وفي ما يخص المبدأ السابع والخاص بالتفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات، فإنه سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية.. وترسيخها كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل، يؤكد الحاجة إلى فكر جديد غير تقليدي واستباقي واستشرافي في ظل العالم الذي نعيشه، والحاجة إلى الجهوزية والاستعداد الدائم للمستجدات والأمور غير المتوقعة.

فالتفكير النقدي الاستباقي ضرورة ملحّة لابد أن تتأهل لها القيادات التنفيذية، باعتباره يمارس عبر أسس ومنهجية علمية، تواكب القفزات العلمية المتلاحقة، ولديها قدرة على مواجهة المتغيرات، وتنمية هذا الفكر مطلب وضرورة مستقبلية.

فلاستشراف المستقبل منهجية وأسس علمية، بحاجة إلى تأهيل لتشكيل رادار المستقبل، ومن ثم يتم بناء السيناريوهات المستقبلية، فالمستقبل لمن يتخيله ويصممه وينفذه.

نؤسس لأجيال مستقبلية

قال أحمد شبيب الظاهري الأمين العام السابق للمجلس الوطني الاتحادي: المبادئ العشرة لوثيقة الخمسين خلقت ردة فعل عالمية بالنسبة إلى القيم والأهداف، وهناك تساؤلات: إلى أين أنتم ذاهبون؟ فنحن نتعلم من التاريخ والعالم، وننطلق من لحظة وصول الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة، ونبحث عما نفعله من أجل المستقبل، ونؤسس لأجيال مستقبلية، لدينا أهداف وخطة زمنية لتحقيقه ولا نعمل منفردين، فالمشاركة العالمية أساس، نحن لا نعمل وحدنا في العالم، فما نقوم به من أجل الحضارة الإنسانية.

وما تقوم به الإمارات يضع مسؤوليات كثيرة بالنسبة إلى القضايا المطروحة دولياً، خاصة تجاه حماية المناخ وحقوق الإنسان والتقنية الرقمية ومشاركة الثروات والابتكار، ولابد أن يكون هناك هدف لخدمة الإنسان، وهذه هي القيم التي ترسخها المبادئ، والتي على الإنسان أن يتحلى بها، فالإنسان القدوة دائماً يتحمل المسؤوليات لنشر المبادئ والقيم التي يؤمن بها.

هناك ستة من المبادئ العشرة تتناول خارج الدولة، أي أن المسؤوليات فيها مشتركة مع الغير. فمنذ التأسيس والدولة الاتحادية مبنية على الانفتاح وقبول الآخر، والمساهمة العالمية، فعلى سبيل المثال صندوق أبوظبي للتنمية أنشئ قبل الاتحاد عام 1971 على مبدأ مساعدة الغير، ولا تزال الإمارات تنتهج وترسّخ هذا المبدأ. هذه هي القيم والمبادئ التي قامت عليها الدولة والتي كانت نهج زايد.

وهناك مسؤوليات على السفارات الإماراتية في إقناع دول العالم بما عليها من مسؤوليات، المبادرات الوطنية دعمت الشركات الناشئة، وأسست المدارس ووفرت المساعدات من أجل الاعتماد على أنفسهم مستقبلاً.

نترجم رؤية زايد

قالت ناعمة الشرهان النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني الاتحادي: ما زلنا نترجم رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان في بناء الإنسان، فإرث زايد محفور في الذاكرة. وجميع المبادئ التي رسخها الشيخ زايد تحمل من القيم والمبادئ الكثير الذي نتغنى به، ونعيش في رغده.

خمسون عاماً هي عمر دولة الاتحاد، واستطاعت فيها الرهان على المستقبل وكسبت الرهان بجدارة وتخطط لمستقبل أفضل، والتخطيط لخمسين سنة مقبلة يجعل الجميع يتنافس على العيش في الإمارات الحلم، فالبيئة جاذبة وتتوافر فيها عناصر كثيرة، والمجتمع الإماراتي حتى في ظل ظروف كارثة كورونا أشعَر المواطنين والمقيمين بالأمان، فكرامة الإنسان واحترامه مبدأ أساسي بكل المعايير.

أفرزت مبادئ زايد، ورسخت حكومتنا قيمة مهمة وهي الإنسان، وما تقوم به الحكومة من أجل تعزيز كرامة الإنسان، وتجربة الإمارات رائدة لأنها أسست بالحب ولأن قيم الشيخ زايد هي الأساس الذي يتعلمه الآخر من الإمارات، والمحافظة على هذا الإرث ضرورة لتحقيق المستقبل.

رأس المال البشري

قال د. أنور حاميم سيف بن سليم المستشار والمحاضر الدولي في الابتكار واستشراف المستقبل: شهد عام 2019 إعلان عام (2020) عام الاستعداد للخمسين، حيث ولدت أكبر استراتيجية تنموية بشرط مشاركة جميع فئات المجتمع فيها، لخلق مرحلة تنموية مستقبلية، وركز المبدأ الرابع من مبادئ الخمسين على أن المحرك الرئيسي المستقبلي للنمو هو رأس المال البشري. وتطوير التعليم، واستقطاب المواهب، والحفاظ على أصحاب التخصصات، والبناء المستمر للمهارات هو الرهان للحفاظ على تفوق دولة الإمارات. وهذا يؤكد رؤية الشيخ زايد في التركيز على الشباب، كذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيا، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي اعتبر أن الاهتمام بالشباب أساس لبناء الوطن، والتركيز على صقل مهارات أبناء الوطن من خلال بناء القدرات والعقول، كذلك إطلاق برنامج دعم المشاريع الشبابية الشابة. وهناك الكثير من المشروعات رصدت واعتمدت ميزانيات لهذا التوجه لتأسيس الموارد الإنسانية التي تعتبر المبدأ الرئيسي.

والمبدأ السابع نصّ على أن التفوق الرقمي والتقني والعلمي لدولة الإمارات سيرسم حدودها التنموية والاقتصادية. وترسيخها كعاصمة للمواهب والشركات والاستثمارات في هذه المجالات سيجعلها العاصمة القادمة للمستقبل. وهناك الكثير من المشروعات التي تعززه، واستباق المستقبل والجاهزية الكاملة للتحول الرقمي من خلال بناء نحو 500 شركة مزودة بالتقنيات الحديثة، وهذا ما أكدته رؤية القيادة الرشيدة لاستباق المستقبل، ما يتطلب تطوير مؤشرات الجاهزية لكثير من الشركات للتحول للرقمية، وهذا ما طبقته المبادرات الحكومية.

وركز المبدأ الثامن على أن منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. فالإمارات يعيش عليها أكثر من 190 جنسية وترتبط بأكثر من 250 مدينة حول العالم في كل المجالات، لذلك تعزز مكانتها كمركز تجاري وملاحي دولي.

وستبقى الدولة داعمة عبر سياستها الخارجية، لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية، وتعتبر هذه المرحلة هي مرحلة تهيئة للإطار التشريعي لتنفيذ هذه المشاريع، ما يتطلب تضافر جميع المؤسسات وفئات المجتمع.

«كورونا» عززت الحاجة للسرعة

أكدت سمية الهاجري، رئيس قسم الحكومة والبيانات في مكتب الذكاء الاصطناعي، أن حكومة الإمارات تتبع نهج التخطيط الاستراتيجي خلال دورات استراتيجية تمتد من 5 – 10 سنوات، وتكون هناك مواءمة لتحقيق رؤى مستقبلية للدولة، وقد حققت عدداً من المشاريع المستقبلية، ما كان له أكبر الأثر في تحقيق الازدهار الوطني، وجائحة «كورونا» عززت الحاجة إلى السرعة في الحكومات في جميع أنحاء العالم، ما شجع على تطوير السياسات وتنفيذها بهدف إعادة الاقتصادات.

والقيم والأهداف العليا في مبادئ الخمسين هي استمرارية لنهج التطوير في الدولة، وطموحاتنا ليست متسارعة قدرَ أنها أكثر مرونة في التعامل مع الأزمات الاقتصادية ومقاومة لها، وسياسات الحكومات الرشيقة بشكل عام، تعتمد على ثلاثة أساسيات: الأولى أن تكون تعددية الجوانب والمواضيع والأطراف لتحقيق المرونة ومواجهة أية متغيرات طارئة، والثانية أن تتميز بالانسجام والقدرة على خلق الاستقرار في مواجهة أي تقلبات، وثالثاً السيولة والقدرة على التكييف والتعامل مع جميع السيناريوهات المستقبلية.

ونجد أن مبادئ الخمسين شاملة ومترابطة متكاملة، وكل منها يحقق الآخر، فالمبدأ الرابع يركز على المواهب التي تعتبر وقوداً ومحركاً للتنمية الاقتصادية، فالتركيز على تطوير المواهب وجذب مواهب جديدة للمساهمة في رفع القدرة المعرفية والحرص على استبقائها، ستسهم في تحقيق المبدأ السابع الخاص بالتفوق الرقمي والتقني، وهذا يظهر الحاجة للمبرمجين في المرحلة المقبلة، لأنه يخلق قيمة اقتصادية مضافة. وهذه المبادئ تساهم في رفع تنافسية الدولة للأجيال الحالية والمستقبلية

برامج عمل طموحة

قالت فاطمة الشامسي: البرامج والمشروعات التي طرحت تصب في خدمة المبادئ العشرة. وتهدف إلى بناء اقتصاد قوي متنوع ومتكامل بعيداً عن النفط، لذلك يجب خلق قاعدة اقتصادية مستدامة. وهذا ما تسعى إليه القيادة الرشيدة من جهوزية واستعداد مستقبلي.

وهذا الاقتصاد المتكامل والقوي يحتاج إلى قوة تدفعه ومعززات، وهي بالأساس تتمثل في التعليم لأنه القاطرة الرئيسية للوصول إلى الاقتصاد المتنوع والمستدام. ولكي يُضمن حدوث هذا الاقتصاد لابد من مواءمة في المنظومة الاقتصادية من قوانين وأطر ومعززات وأساليب.

والابتكار شرط أساسي في منظومة الاقتصاد الجديد، وهذا يتطلب تطوير في الجانب التقني والرقمي، وقد اهتمت الحزمة الأولى بعقد الشراكات الاقتصادية، بما يضمن تدفق الاستثمارات في كل المجالات، واستقطاب المحفزات الأساسية التكنولوجية المتقدمة حتى تتحرك المنظومة الاقتصادية، وحسب الأرقام تسعى الحزمة لجذب نحو 550 مليار دولار، وهذه الاتفاقات مع الأسواق العالمية تهدف إلى رفع حجم التبادل التجاري بمقدار 40 مليار دولار سنوياً.

لذلك، فإن التركيز على الصناعة الذكية وريادة الأعمال، خصوصاً المواطنة، ضروري وهام، وأيضاً التوجه نحو استحداث جميع الأدوات التي تعزز التنمية الاقتصادية. والاهتمام بالثورة الصناعية الرابعة والتنمية التي تهدف لبناء نحو 500 شركة وطنية مزودة بالتقنيات الحديثة، كل هذه المشروعات سيكون لها دور إيجابي وتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

مشاريع تحوّلية كبرى

وقال د. سعيد الظاهري: تركّز على أهمية المبادئ والأهداف وحزمتي المشاريع والمنهجية الجديدة للعمل الحكومي، فالمنهجية لها 5 محددات، أهمها أن المرحلة المقبلة ستقودها مشاريع تحولية كبرى، ودورات التغيير ستكون مرنة وسريعة، وهذا سينعكس إيجابياً على طبيعة العمل الحكومي، ولابد من تحديد أولويات للقطاعات المختلفة، وتشكيل فرق عمل تنفيذية وتعاون وتنسيق أكثر بين الوزرات، وربط الحوافز والترقيات بالمنجزات، وهذا ما أكدته الحكومة.

وأكد أن الوثيقة ترتكز على منهجية انتقال إلى عمل حكومي أسرع من السابق، وحكومة أكثر رشاقة، لذلك على الحكومة من خلال منظومة التميز وضع نموذج لنضج الرشاقة الحكومية لقياس الرشاقة المؤسسية، ما يعزز الحاجة إلى حكومة أقرب للواقع تتلمس احتياج المواطن والمقيم، وهنا دور التكنولوجيا في موضوع المشاركة العامة، سواء من خلال منصات التواصل الاجتماعي، أو غيرها من المنصات.

كذلك أكدت القيادة الحاجة إلى حكومة أكثر مواكبة للمتغيرات العالمية، أي أكثر استجابة وتكيفاً، وتبني أكثر، لاستشراف المستقبل، ووضع نموذج مشابه لقياس الرشاقة المؤسسية لقياس استشراف المستقبل.

وأكد أن هذه المشروعات بحاجة إلى منظومة تعاون فاعلة بين الحكومة والجامعات الوطنية والقطاع الخاص، لضمان، وتخصيص موازنات كافية للبحث العلمي، وآلية محكمة لضمان التطبيق الجيد، خاصة في المشاريع المتعلقة ببرامج التنافس في القطاع الخاص، ووضع محفزات لتشجيع القطاع الخاص على تطبيق هذه المبادرات.

دعم الشباب

قال د. أنور بن سليم: هناك بعض المشكلات التي تواجه دعم الشباب، خاصة في عدم تبني مشاريعهم بعد التخرج، لأن هناك فجوة ما بين الحكومة والقطاع الخاص، ومن ثم هناك حاجة للشراكة الصحيحة بينهما. كذلك هناك فجوة لدى بعض موظفي الحكومة في المهارات والممارسات، وجانب الابتكار والجاهزية الخمسينية، ما يتطلب تعزيز الثقافة فعلاً، لا قولاً، بحيث يكون الموظف بناء وفعالاً ومبادراً.

فهناك فجوة ما بين الجانب التطبيقي والجانب النظري، والممارسة الفعلية لما يتعلمونه، فالتحول الرقمي ليس نظرياً فقط، ولكنه يتطلب مرونة تطبيق ومتابعة وعمل مؤشرات ومحاسبة.

أحمد بن شبيب الظاهري: الدولة ستحقق جميع طموحاتها ومشروعاتها بناء على المبادئ، ولديها سجل نجاح سابق في كثير من التحديات، فالمبادئ العشرة شاملة ومفتوحة عالمياً، والإمارات حافز ومحرك وداعم وقدوة في حسن الجوار، ونشر المعرفة ودعم البرامج.

وفي منتصف الثمانينات عندما رغبت الدولة في جذب الاستثمارات الخارجية ودعمها، خلقت برامج التوازن الاقتصادي لخلق شراكات على أرض الواقع ليكون العالم شريكاً فيها، وهذه المشروعات والحزم لا تعني أنها جميعاً ستكون على أرض الإمارات، ولكن لابد أن يكون هناك تعاون وتكامل دولي لتحقيق هذا المشروعات، لتكامل المصالح وتحقيق الأهداف، ونزع فتيل سوء الفهم من خلال ذلك التعاون. كذلك التعاون مع مراكز الأبحاث، داخلياً وخارجياً، وخلق حوار عام من خلال الندوات والمؤتمرات وتسجيل الابتكار ودعمه للمساهمة في إنتاج المعرفة.

فالإمارات أثبتت مكانتها، سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، خلال الخمسين عام الماضية، من خلال التضامن العربي والتعاون الخليجي والاقتصاد المفتوح.

التركيز على التعليم

قالت ناعمة الشرهان: مشاريع الخمسين تترجم المبادئ العشرة، ولكن أهم مبدأ وأساس هو التركيز على التعليم، كما أكدت عليه د. فاطمة الشامسي. فلابد من الاهتمام بالمنظومة التعليمية المتكاملة من مناهج ووسائل تعليمية، فالتعليم هو الأساس في بناء فكر الإنسان، وإنتاج المعرفة، لذلك لابد أن تتضافر كثير من المؤشرات لدعمه بأن يكون المنهج قيمياً وشاملاً، ونبدأ من التربية التي تسبق التعليم، فبناء الاقتصاد المستدام يلعب فيه التعليم دوراً كبيراً لأنه الأساس في بناء فكر الإنسان.

فإنتاج المعرفة يحتاج إلى كثير من الجهود، منها الأسرة التي تساعد على بناء فكر الأبناء، وأن نزرع فيهم حب العلم، وقد ركز المغفور له الشيخ زايد، ومن بعده قادة الإمارات، على بناء الإنسان، وهناك كثير من المشروعات التي تدعم بناء الإنسان ومنها الصناديق الاستثمارية، والإقامة الحرة، وغيرها الكثير من التسهيلات، وقد وضعت الدولة منهجية لدعم التوجه والاستراتيجية الحكومية التي تطبق على الجميع لبناء المستحيل، أو اللا معقول خلال الخمسين سنة المقبلة.

المشاريع التحولية

قالت سمية الهاجري: الثورة الصناعية الرابعة أحد ممكنات القطاعات الأخرى مستقبلاً، وفي الوقت الراهن، وحزمة مشاريع الخمسين تعتمد على المشاريع التحولية التي تعمل على تغيرات جذرية، وللاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي دور كبير في هذا الجانب، وتقوم بخلق قيمة مضافة كبيرة، والتشريعات والقوانين الخاصة بالبيانات تعتبر بنية تحتية رقمية لتمكين الذكاء الاصطناعي، وكذلك البيانات مهمة في مجال التحول التكنولوجي وتمكين التحول الرقمي، وتم إشراك عدد من الشركات الكبرى والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية لدعم هذا التوجه، لأهمية هذه التشريعات والمعايير عند التطبيق. ومشروع البرمجة 100 مبرمج كل يوم، عبر مجموعة من الحوافز منها تسهيل إنشاء شركات التقنية. فالمواهب تعتبر المورد الأساسي للتحول الرقمي، وهذا مشروع لاستقطاب المواهب ويساعد شركات البرمجة في الدولة، ويطمح المشروع إلى إيجاد مبرمج واحد في كل منزل خلال السنوات العشر المقبلة، ويضم المشروع مجموعة من التسهيلات والحوافز.

وبخصوص آليات التعاون بين الجهات الحكومية والأكاديمية فهي ضرورة كذلك تنويع برامج التمويل بحيث يتنافس الباحثون والمبتكرون على التمويل من حيث الجودة والابتكار، وتمويل المحفزات.

المرونة مهمة

قال د. عيسى البستكي: في الختام أؤكد أن المرونة مهمة، خاصة في التشريعات التي تنعكس على التعليم والصحة والاقتصاد وتدفع إلى مزيد من الاهتمام بالابتكار. فجميع المبادرات والمشروعات الحكومية تركز على الابتكار.

وأكد أن المبادرات والمشروعات التي طرحتها الدولة ستؤدي إلى تغيير مستقبلي مشهود في كل المجالات، خاصة في مجال التعليم والصحة، لأن الاقتصادات العالمية مبنية عليهما.

توصيات الندوة:

* الاستمرار في تبنّي سياسات حوكمة رشيقة} التركيز على المشاريع التحويلية لإحداث تغييرات جذرية

* أهمية عقد حلقات نقاش وندوات وتعزيز دور الإعلام والأسرة للتعريف بمبادئ الخمسين.} التركيز على تطوير البرامج التدريبية، وبرامج تعزيز مهارات ومعارف الطلبة لتعزيز إدارة المعرفة كنظام متكامل في إدارة المؤسسات.

* العمل على تشريعات جديدة لمواكبة التحولات التي ستحققها الدولة.

* مزيد من السعي لتحقيق قفزات في المؤشرات الخاصة بالابتكار.

* أهمية صندوق الخريجين في تعزيز الابتكار.

* تضافر الجهود لخلق منظومة تعاون فاعلة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والجامعات الوطنية والخاصة والقطاع الخاص تحقيقاً للاستدامة الاقتصادية.

المشاركون:

* أحمد شبيب الظاهري

الأمين العام السابق للمجلس الوطني الاتحادي

* الدكتورة فاطمة الشامسي

أستاذة الاقتصاد

* الدكتور سعيد الظاهري

رئيس مجلس إدارة شركة «سمارت ورلد» بدبي

* ناعمة الشرهان

النائب الثاني لرئيس المجلس الوطني الاتحادي

* د. أنور حاميم سيف بن سليم

المستشار والمحاضر الدولي في الابتكار واستشراف المستقبل

* سمية الهاجري

رئيس قسم الحكومة والبيانات في مكتب الذكاء الاصطناعي

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"