«حلوى البحرين»

00:22 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

«حلوى» – هكذا يسمي أهل البحرين نوع الحلويات الذي اشتهروا به، وصار يسمى ب «حلوى البحرين». وعن هذه الحلوى صدر كتاب أنيق يجمع بين صور التقطها أحد أهم المصورين الفوتوغرافيين البحرينيين عبدالله محمد عبدالرحمن الخان، وبين ما يمكن وصفه ب «سيرة الحلوى» بقلم الأديب رشيق العبارة، والمصوّر أيضاً، حسين المحروس.
محظوظة البلاد التي يقرن اسمها بما هو حلو. هكذا هي البحرين. وهي نفسها التي يطلق عليها أهلها «حليووه»، كاسم دلع لمفردة «حلوة»، وهو ما أشار إليه شاعرنا الكبير قاسم حداد في تقديمه الجميل للكتاب – الألبوم. قال قاسم: «كلما تذكرت البحرين ذاب مزاج حلو في الحلق». ومع أنه عبّر عن الخشية من أن يبالغ البعض في حب البحرين وحلواها، فيقعوا في التعصب، ولكن إزاء حبّ حلوى المحرق، المدينة التي فيها نشأت هذه الحلوى، وإزاء البحرين، كوطن، نحن ضعفاء. لا منجاة من هذا الحب.
مثلما لا يمكن أن تأتي سيرة البحرين دون ذكر «حلواها»، فإنه لا يمكن أن تأتي سيرة «حلوى البحرين» دون ذكر سيرة العائلة التي يعود إليها الفضل في إدخالها إلى البحرين، وإضفاء الطابع البحريني على صناعتها، والمقصود عائلة شويطر، التي إليها تنسب أشهر أنواع الحلوى. «حلوى شويطر»، هكذا يقول الناس حين يريدون الحديث عما يعتبرونه أجود الأنواع.
الأطعمة أيضاً تهاجر، كما البشر وكما الفنون، ولكنها تأخذ من البلد الذي أتته شيئاً أو أشياء من روحه فتضيفه عليها. هذا ما حدث مع الحلوى التي أتت إلى البحرين، وأنا واحد من أغلبية ساحقة كانت تعتقد أن الحلوى أتت إلينا من عُمان، وأضفى عليها البحرينيون نكهة خاصة بهم، لكن كتاب عبدالله الخان وحسين المحروس يبدد هذا الاعتقاد حين ينقل السردية الصحيحة عن تاريخ مجيء الحلوى ومصدره، نقلاً عن أفراد عائلة شويطر أنفسهم.
في القرن التاسع عشر كان الجد حسين شويطر يسافر إلى البصرة بالعراق، يحضر مواد البناء، من خشب وسيقان البامبو وما إليها، وفي عام 1850 التفت إلى طعام قدمته له عائلة عراقية آتية من مدينة النجف، جمعته علاقة صداقة بأفرادها. كان الطعام حلواً ولذيذاً ويسمونه «الحلوى»، ولم يعد شويطر من رحلته تلك إلا بعد أن أتقن صناعة تلك الحلوى واشترى مواد تصنيعها، ومن يومها بدأت حكاية «حلوى شويطر»، وحلوى البحرين.
في عام 1988 قصد حفيد حسين شويطر، فؤاد، النجف بصحبة الفنان ياس خضر؛ للتعرف إلى أصل حلوى جده، فوجد مذاقها نفسه.. شيء واحد من الحلوى الأصلية استثناه الجد، هو الجزر الذي رأى عدم إضافته في صناعة حلواه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"