الإمارات والخمسون الثانية

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

سيذكر التاريخ يوم الثاني من ديسمبر 2021، مثلما خلّد اليوم نفسه عام 1971، حين بزغت شمس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأخذت تسمو وتصعد حتى بلغت عنان المجد، وعمّت سمعتها الآفاق، وأصبحت حديث العالم أجمع، لما تتحلّى به من فضائل التميز والتنافس والنجاح. وفي عيد الاتحاد الخمسين، تنطلق الإمارات مجددة العزم على استكمال المسيرة التي بدأها الآباء المؤسسون، بل إن هذا العيد يمثل ميلاداً جديداً مدفوعاً بطموحات تعمل على تحقيقها القيادة الرشيدة مع شعب يتألق في كل الميادين، ولا يأبه بالتحديات.

وبعد خمسين عاماً أخرى، حين تحتفل الإمارات بمئويتها، ستعيش أجيال تلك اللحظة التاريخية ما يزرع هذا الجيل، وستجني ما تخطط له القيادة الحكيمة المتسلحة بالمعرفة والتواضع، واستطاعت أن تصل بهذه الدولة الفتية إلى مصاف الدول المتقدمة، بعد أن راكمت مسيرة حافلة بالإنجازات ضمن خريطة طريق لم تَحِد عن أهدافها منذ أعلن الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الحكام، طيّب الله ثراهم جميعاً، قيام دولة الإمارات في يوم مهيب، كان قبل نصف قرن، وما زال حاضراً في الذاكرة، كأنه الأمس، وهذا من أسرار خلوده، وسمو هدفه، لأنه يوم صنعت فيه الحكمة الصادقة والبصيرة الصافية وطناً اسمه الإمارات، وطناً ولد كبيراً تحدوه الإرادة القوية والنوايا الحسنة. وبالعزيمة الفذة أصبح الحلم حقيقة يعيشها الناس ويعرفها العالم، وباتت الإمارات قصة نجاح تجوب الآفاق، وتتطلع إليها الطاقات المبدعة من كل حدب وصوب.

الإمارات تدخل الخمسين الثانية في مسيرتها المظفرة، بالحس الوطني العالي نفسه، والطموح إلى أعلى المراتب، بعد أن أعدت العدة لخوض معركة التمكّن والتمكين في شتى الميادين. ومثلما كانت الرؤية واضحة منذ البداية، فإن الرؤية اليوم أوضح، وتهدف إلى تعزيز بناء النموذج الإماراتي ليستمر في إشاعة رسائله الإيجابية إلى كل مكان. فبعد أن نجحت الإمارات في وضع أسس متينة للدولة، وبلورة قيم للتعامل والانفتاح على الجميع، تستعد للمستقبل بمعايير ومقاربات تنسجم مع تحديات المرحلة، وتستجيب لشروط الإنجازات العظيمة. ومن أنجع ما تتسلح به الإمارات هو العلم والمعرفة والذكاء الاصطناعي، وفق أحدث المناهج وأكثرها تطوراً وغوصاً في أعماق المعارف، فالعلم هو الذي يرسم خرائط الأوطان في المستقبل، ويختزل المسافات ويجمع الأرض والفضاء، وهو الذي يحدّد الهوية بمعايير النجاح والتميز. وهذه القاعدة بديهية، ولا تحتاج إلى برهان، أو دليل، فكل الدول التي تألقت، عبر التاريخ القديم والحديث، نهضت بالعلم، وبَنت نهضتها وازدهارها وفق أسس علمية، واعتمدت على الشباب وتمكين المرأة، والإمارات تسير على هذا النهج، وتثبت في كل يوم أنها نموذج فريد في المنطقة والعالم، وإضافة للحضارة الإنسانية تجعل منها وطناً لكل فكر، نيّر وعقل خلاّق، من كل الجنسيّات والحضارات والثقافات.

ومثلما تحتفل الإمارات هذه الأيام بيوبيلها الذهبي، ستعرف سنواتها الآتية إنجازات لا تخطر على بال، وستفخر الأجيال المقبلة بما قدم هذا الجيل الذي يفخر ويعتز بما أسّس الأوّلون. بعد خمسين عاماً سيكون براعم اليوم رجالاً وقادة، وسيذكرون بالخير والامتنان هذه المرحلة الحاسمة في صناعة الطموح الإماراتي الذي لا يعرف المستحيل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"