الخمسينية الثقافية في الإمارات (2)

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

من العلامات الظاهرة في الخمسين الثقافية للإمارات نذهب دائماً إلى المسرح وثقافته وجماليته وتطوّره الطبيعي الثقافي والاجتماعي منذ أن كان في طور الفرجة الشعبية، وإلى أن أصبح اليوم ثقافة إماراتية، عربية، عالمية. 
  المسرح فن أصيل في الإمارات، وليس فنّاً طارئاً أو مُفتَعَلاً أو نتاج مرحلة اجتماعية واقتصادية وثقافية هي مرحلة ما بعد النفط، كما يقولون دائماً،.. المسرح في الإمارات كما هو فن أصيل، هو أيضاً، ضرورة وحاجة. ضرورة لأنه كان يلبّي ما يمكن أن يُسمّى مزاجاً اجتماعياً فطرياً، وبخاصة، في الستينات والسبعينات من القرن العشرين، والمسرح حاجة بوصفه عنصراً ثقافياً مكمّلاً لمجموعة العناصر المحلية التي تنتج في النهاية ثقافة وطنية إماراتية. 
  نعود دائماً إلى أسماء بعينها، عند الحديث عن فطرية أو فرجوية المسرح في الإمارات مثل سلطان الشاعر على سبيل المثال فقط لا الحصر في اسم شخص في حدّ ذاته؟ أو حصر مرحلة في حدّ ذاتها، فقد كانت تجربة سلطان الشاعر تحمل كل معاني التفاؤل والأمل والتوجّه الفطري نحو مسرح إماراتي كان آنذاك، حاجة وضرورة. 
  لكن المسرح، شأنه شأن أي فن آخر، وشأن أية إبداعية أخرى لا ينمو ولا يتمظهر في ثقافة متخصصة إلّا إذا توفّرت له بيئة حاضنة للفن، أو لنقل بيئة صديقة للفن أو بيئة أمومية باللغة الشعرية، وباللغة الواقعية المباشرة .. بيئة مؤسسات وفكر وتربية، وقبل كل ذلك بيئة حلم، وبيئة رؤية مصوّبة نحو المستقبل. 
    هذه البيئة، وبكل واقعية، تحققت للمسرح وغير المسرح بعد قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وسوف يأخذ كل متابع للحركة المسرحية في الإمارات في الاعتبار قيام مؤسسات الثقافة أولاً، والتي ستكون هي المنصّات الأولى للعمل الثقافي في الإمارات وأساساته: الكتابة، الأدب، المسرح، الفنون التشكيلية. 
   في حماية الدولة، وفي بيئتها الرسمية والحاكمة والسيادية وُلدت المؤسسات الثقافية، والمسرح في الإمارات سيكون محظوظاً بدولة شابة، معاصرة، تربط بين الحداثة وبين الأصالة والتراث، بين الماضي كتاريخ وذاكرة، وبين الحاضر كإنتاج وتنمية، لتظهر خلال فترتين ذهبيتين بالنسبة للمسرح في الإمارات هما: الثمانينات، والتسعينات فرق مسرحية عديدة، ومسارح عمرية ومتخصصة، وجمعية للمسرحيين، ومهرجانات مسرحية متخصصة أيضاً، ثم، وبناءً على ذلك التأسيس الإماراتي المسرحي في الثمانينات والتسعينات سوف يتسع مدى الثقافة المسرحية نفسها: معنى المسرح، فلسفته، تاريخه، الانفتاح على مسارح العالم وثقافات هذه المسارح، وغير ذلك من آفاق مسرحية حرّة. 
الصورة في اختصار سريع من زمن الفريج والفرجة المسرحية، إلى زمن الاحتراف والتعددية العربية والعالمية هي صورة تاريخ لهذا الفن العريق والأصيل. فن له جمهور في الإمارات. جمهور حقيقي يذهب إلى العروض لكي يشاهد مسرحاً هو مسرح حياة آبائه وأجداده. لكي يشاهد التاريخ حيّاً على الخشبة. جمهور الفريج وجمهور الفرجة ذاك الذي كان قبل خمسين عاماً هو معنى الأصالة والتراث والقيمة الأدبية السامية بعد خمسين عاماً أخرى، أكمل، وأجمل.     
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"