معاني مبادئ الخمسين

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

د. ناجي صادق شراب

ما يميز دولة الإمارات كدولة نموذج أنها تتعامل مع المستقبل كأنه امتداد للحاضر، فالرؤية المستقبلية ليست مجرد شعارات أو أحلام بعيدة عن الواقع؛ بل هي رؤية قيادة تتفهم حاضر الدولة وتتفهم التحولات الكونية من حولها. وهذه الرؤية تجسدها مبادئ الخمسين للخمسين عاماً القادمة لتكتمل بها مئوية الدولة. وهذه المبادئ تحدد إطار عمل الدولة وأولوياتها في الداخل والخارج. ومن بين الأولويات التي تحكم عمل وزارة الخارجية وتقوم على تراكمية النجاح والإنجاز. وهذه المبادئ تجد جذورها في رؤية المؤسس المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وفى رؤية القيادة الحالية التي تستلهم تقاليد وأصالة الدولة والروح الإنسانية العابرة. وهذه الوثيقة هي رؤية شمولية هدفها المواطن والدولة. ومنطلقها أن تكون جزءاً من التغيرات المستقبلية تسهم فيها وتكون فاعله ومضيفة لها.. ولقد حددت الوثيقة عدداً من المبادئ المتعلقة بدور وزارة الخارجية باعتبارها من أهم أدوات الدولة في التعامل مع المستقبل. وأول هذه المبادئ «أن السياسة الخارجية أداة لخدمة الأهداف الوطنية العليا للدولة، والحفاظ على المصالح الاقتصادية، وأن الاقتصاد الوسيلة والركيزة لضمان حياة أفضل للمواطن».

من هذا المبدأ يتضح أن الأولوية العليا هي المواطن، لأنه أساس التفاعل مع التطورات المستقبلية ومن أهم ركائز قوة الدولة. المبدأ الثاني هو تبني سياسة حسن الجوار الذي هو أساس للاستقرار الداخلي والإقليمي والدولي، وهنا تلعب المحددات الجيوسياسية دوراً مهماً في هذا المبدأ. والمبدأ الثالث الذي يعتبر من أهم ركائز نموذج دولة الإمارات هو الحفاظ على سمعة الدولة ومكانتها. وسمعة الدولة هي حصيلة ما تقدمه الدولة من المساهمة في حلول كافة القضايا والمشاكل التي تواجه الدول، وبما تقدمه الدولة من دور في حل النزاعات الإقليمية والدولية. وسمعة الدولة تكمن أيضاً بتحولها لمنطقة جذب استثمارية وسياحية واقتصادية، و معرض «إكسبو 2020» الذي استغرق الإعداد له سبع سنوات يعتبر نموذجاً لهذا الدور. والمبدأ الرابع له علاقة بالقوة الناعمة التي تملكها الدولة وتتفوق فيها حتى على الدول الكبرى، وأساسها منظومة القيم التي تجسدها في التسامح والحقوق والثقافة الإنسانية والحوار بين الحضارات والروح الدينية الواحدة التي يمثلها البناء الإبراهيمي، و«وثيقة الأخوة الإنسانية». والمبدأ الخامس هو البعد الإنساني الذي يميز دولة الإمارات، فهي نموذج للدولة الإنسانية بما تقدمه من مبادرات إنسانية لجميع شعوب العالم دونما تمييز على أساس العرقية أو الطائفية أو الدينية. وهذا المبدأ يؤكد المسؤولية الأخلاقية؛ بل إنه يجعل من الأخلاق أساس لسياساتها وعلاقاتها الخارجية.

والمبدأ السادس هو السلام والأمن العالميين، بتبني الحوار وسيلة لحل الخلافات بين الدول، وهذا المبدأ يعكس قوة الدولة عالمياً بقبولها عضوا فاعلا في كافة المنظمات الدولية كما حصل أخيراً في قبولها عضواً غير دائم في مجلس الأمن للمرة الثانية، وفي لجنة حقوق الإنسان، ومساهمتها في دعم دور الأمم المتحدة في مجال السلم والأمن. ومن هذا المنطلق تبني الإمارات للسلام في المنطقة كمدخل لحل القضية الفلسطينية.

الإمارات العربية المتحدة دولة تتعامل مع المستقبل وكأنه الآن، لأنها تريد أن تمتلك كل أدوات التطور والمعرفة والحضارة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"