الخمسون الثقافية فـــي الإمـــارات (3)

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

لعل أول الأطر أو الكيانات الفنية الإبداعية التي تأسست بعد نحو أقل من عشر سنوات على قيام الدولة، هي جمعية الإمارات للفنون التشكيلية التي قامت في الشارقة في عام 1980 على أيدي عدد محدود من الفنانين التشكيليين الإماراتيين، ولكنهم آنذاك، وعلى الرغم من محدودية عددهم، كانوا مثقفين تشكيلياً، وفي تلك الفترة درس الفن التشكيلي البعض من هؤلاء الفنانين في جامعات ومعاهد فنون أجنبية، مثل حسن شريف الذي درس الفن في بريطانيا، وعاد إلى الإمارات ممتلئاً بأكثر من ثقافة جمالية ولغوية وتشكيلية في أوائل ثمانينات القرن العشرين، ومبكراً، أي قبل نحو 40 عاماً، يرمي حسن شريف بذرة الحداثة أو لنقل المعاصَـرة في الفن، ويضع اللوحة بكل احترامها ومسنديتها وتعليقها في ذاكرته، لكنه يصنع عملاً فنياً من الأشياء البسيطة اليومية المنسية والمهملة والهامشية، ويرسل فيها أو إليها الفكر والبساطة، من دون تعقيد ومن دون مبالغة.
عرفت الإمارات تلك المفاهيم الثقافية المتعلقة بالفن قبل نحو أربعة عقود، من خلال حسن شريف والنواة الإبداعية الشابة التي تكوّنت حوله، ووفّرت وزارة الثقافة آنذاك ـ إن لم أكن مخطئاً، أو وزارة التربية ـ بيئة استقبالية محبة للفن وتجاربه الجديدة في الإمارات، وبذلك أسس حسن شريف المرسم الحر، وزرع بذور ثقافته بين فنانين إماراتيين شباب، منهم اليوم من هو عالمي بأعماله الفنية، وثقافته ووعيه الثقافي والفني المتجاوز، مثل محمد كاظم.
هنا أعود قليلاً إلى جمعية الإمارات للفنون التشكيلية؛ الحاضنة الأولى للإبداع المبكر في الدولة، لأشير إلى دور مهم جداً قامت به الجمعية، وهو تنظيمها وإشرافها على المعرض السنوي للفنون التشكيلية في الإمارات، وتنظمه دائرة الثقافة في الشارقة في مقر الجمعية، ولا أحسب أن كل من يريد وضع تاريخ موسّع للثقافة والفنون في الإمارات، ينسى تاريخ المعرض السنوي للفنون التشكيلية الذي ستولد من ضلعه معارض عديدة فردية وجماعية على مدى الخمسين عاماً الماضية، جعلت من ثقافة الفنون التشكيلية في الإمارات ثقافة محلية وعربية وعالمية. ويكفي فقط وبسرعة هنا، لضيق المجال، أن يشار اليوم إلى أكثر من مئتي صالة عرض خاصة وغير خاصة، ومن جهات العالم في الإمارات، تطرح في النهاية، ثقافة رفيعة لها جمهورها، ولها من يعرف تفاصيلها المهنية إذا أردت القول مثل: التقييم، والاقتناء، والاستثمار، وغير ذلك من مفاهيم وأفكار حرة وجميلة هي حصيلة زمن ثقافي إماراتي منذ السبعينات وإلى اليوم.
باختصار؛ بل بسرعة، لأن مساحة الكتابة محدّدة لا تكفي هنا، من الجميل أن نعيد القارئ أو نذكّره فقط بإطلاق أول بينالي للفنون التشكيلية في الوطن العربي من الإمارات في الشارقة في دورته الأولى في عام 1993، وستكون الأعمال الفنية التاريخية الأكثر نبلاً وعظمة في التاريخ مرئية، ومسموعة، ومقروءة في أبوظبي في متحف اللوفر أبوظبي الذي جرى التأسيس له في عام 2007، لكن هذا المتحف أصبح في جزيرة السعديات في أبوظبي في 2017 أول ثقافة عالمية تعرفها المنطقة في أقل من خمسين عاماً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"