المسؤولية المجتمعية

20:57 مساء
قراءة 3 دقائق

عدنان أحمد يوسف*
تشرفت مؤخراً بمنحي الجائزة الدولية للتميز في مجال المسؤولية الاجتماعية 2021، وذلك في إطار فعاليات الكونجرس الدولي للمسؤولية المجتمعية لعام 2021 برعاية رئيس وزراء جمهورية قيرغيزيا والذي نظمته الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية.

وفي البداية أود أن أشيد بجهود الشبكة الإقليمية للمسؤولية المجتمعية التي أخذت على عاتقها مهمة التوعية بأفضل ممارسات المسؤولية المجتمعية، وتشجيع وتحفيز كافة أطراف العملية الإنتاجية والمجتمع على تبنّيها، حيث تتضاعف أهمية هذه المهمة في الوقت الحاضر لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، وكذلك نظراً لدورها على المدى البعيد في المساهمة في خلق اقتصاد مستدام يحافظ على النسق والقيم الاجتماعية والثقافية. ونؤكد دور المسؤولية المجتمعية، لكون مفهومها اليوم لم يعد يقتصر على الجوانب الخيرية والإنسانية والاجتماعية؛ بل بات يشمل جوانب عديدة مثل البيئة والتوظيف، وجودة الخدمات والمنتجات المقدمة، وتحويل الأموال والمنافسة والضرائب، ونقل التكنولوجيا والشفافية ومحاربة الأمراض والأوبئة، والتعليم والطاقة، والمرأة والفئات غير القادرة في المجتمع.

لذلك، فإن نجاح المجتمع في تعظيم أثر المسؤولية المجتمعية يعتمد أساساً على التزامه بالمعايير الأخلاقية و«الحوكمية» الضرورية، مثل الاحترام والمسؤولية تجاه العاملين وأفراد المجتمع، وحماية البيئة سواء من حيث الالتزام بتوافق المنتج الذي تقدمه الشركة للمجتمع مع البيئة، أو من حيث المبادرة بتقديم ما يخدم البيئة ويحسن من الظروف البيئية في المجتمع، ومعالجة المشاكل البيئية المختلفة.

وعند الحديث عن المسؤولية الاجتماعية للشركات في دول مجلس التعاون الخليجي، يجب أن نلاحظ أولاً أننا نتحدث عن مجتمعات إسلامية. وهناك الكثير من الآيات والأحاديث التي تدل على التراحم والتصدق على الأقارب والفقراء وإغاثة الملهوف. ولعل أبرز ما في هذا هو موضوع الزكاة الذي يدخل في صميم التكافل الاجتماعي بحيث تم إجبار القطاع الخاص على دفع الزكاة، حسب نوع المنتج، أو ما يمتلكه الشخص في هذا المجال.

وقد قام عدد من الدول الخليجية باعتماد المعايير العالمية الجديدة المتضمنة معايير المسؤولية الاجتماعية، بتضمين أربعة جوانب أساسية للمسؤولية الاجتماعية، وهي الجانب الثقافي، والجانب الاجتماعي الحضاري، والجانب البيئي والقانوني، وشروط أخرى متعلقة بالتنمية الاقتصادية.

وعلى صعيد القطاع الخاص، فقد تواصلت المساهمات التنموية والاجتماعية للأفراد والشركات. ويمكن اليوم، ملاحظة مئات الآلاف من المساجد والمدارس والمراكز الطبية، وآبار المياه والمشروعات الإغاثية والتنموية، ومراكز رواد الأعمال ومراكز تمكين المرأة، ومراكز حماية البيئة بتمويل مجتمعي فردي ومؤسسي خليجي.

كرجل مصرفي، يجب أن أنوّه بأن البنوك تلعب دوراً أساسياً في المسؤولية المجتمعية؛ بل فاقت القطاعات الأخرى نظراً لدورها الحساس في التأثير في البيئة وخلق الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة، وتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحماية حقوق الإنسان والمجتمع.

لقد حث مصرف البحرين المركزي ووجّه البنوك في البحرين للارتقاء بممارسات المسؤولية الاجتماعية إلى أعلى المستويات، وألزمها بتوضيح هذا الدور بالتفصيل في تقاريرها السنوية.

نحن أمام دور سخي للبنوك في البحرين ككل في برامج المسؤولية المجتمعية، حيث التبرع لإنشاء الكثير من المدارس والمستشفيات ودور الرعاية وحاضنات رواد الأعمال وغيرها.

كما برز دور البنوك في البحرين بشكل متميز وبارز خلال جائحة كورونا، حيث بادرت إلى تأجيل أقسام المقترضين، مما مكّن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من مقاومة التداعيات السلبية للجائحة، وكذلك حرصت على تطوير الخدمات الإلكترونية عبر الإنترنت والموبايل، وذلك لحماية المجتمع من انتشار الجائحة، وتسهيل وتحسين جودة الخدمات المقدمة، والمساهمة في الشمول المالي.

وقد لعبت جمعية مصارف البحرين أيضاً، دوراً كبيراً في المسؤولية المجتمعية، خاصة أن أهداف الجمعية تقوم على ربط هذه الأهداف بالمسؤولية الاجتماعية مثل تشجيع أفضل الممارسات بين البنوك، وتحسين مناخ الاستثمار، وخدمة المجتمع المصرفي وغيره.

كما بذلت الجمعية جهوداً كبيرة في تشجيع تطبيق الأنظمة المصرفية لذوي الاحتياجات الخاصة في البنوك، حسب تعليمات مصرف البحرين المركزي. وشكلت الجمعية لجنة دائمة للمسؤولية الاجتماعية، وهي تجتمع حالياً لتطوير أفضل ممارسات المسؤولية الاجتماعية لدى البنوك.

إن مهام ومسؤولية القطاع الخاص تجاه المسؤولية المجتمعية، يجب أن ننظر إليها من منظور واسع؛ منظور يؤخذ في الاعتبار الأبعاد القيمية والأخلاقية الإسلامية، والمصالح المجتمعية العليا، وفي نفس الوقت مصلحة القطاع الخاص نفسه.

*رئيس جمعية مصارف البحرين، ورئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"