ضمانات السلام الممكنة

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تستند خلفية لقاء استوكهولم بين وزيري الخارجية الروسي سيرجي لافروف والأمريكي أنتوني بلينكن على الوضع الساخن على الحدود الروسية الأوكرانية، وتوقعات الدول الغربية باستعدادات عسكرية روسية للقيام بعملية اجتياح واسع النطاق للأراضي الأوكرانية. وهي خلفية تنذر بالحرب في منطقة شديدة الحساسية والأهمية كما هو واضح. ويقول الوصف الذي يطلقه المراقبون على هذه المنطقة إنها منطقة «الحرب الساخنة الوحيدة» في أوروبا الشرقية. لكن هذه الحرب قد تصبح أكثر سخونة.

وقال لافروف خلال اللقاء: إن «سيناريو المواجهة العسكرية المرعب» بدأ بالعودة إلى أوروبا، وأن بلاده تحتاج إلى «ضمانات أمنية طويلة الأمد»، لنزع فتيل الوضع القابل للانفجار. وهي رسالة ترغب موسكو في إيصالها إلى صاحب البيت الأبيض قبل القمة المرتقبة والتي لم يحدد لها أي موعد بعد، بين الرئيسين الأمريكي والروسي.

وفي تفاصيل الضمانات المطلوبة لإحلال السلام قال الوزير الروسي: إن روسيا تريد وعداً ملزماً بالقانون بعدم السماح بانضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، وإن «الناتو» سيوقف زحفه التوسعي باتجاه مناطق الشرق المحاذية للحدود الروسية. واستمر لقاء الوزيرين 30 دقيقة وجرى تنظيمه على هامش اجتماع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي في العاصمة السويدية.

وقبل تصريحات الوزير لافروف، صرّح الرئيس الروسي بوتين بأن توسع «الناتو» باتجاه الشرق يهدد المصالح الأمنية الأساسية لبلاده، وقال: إن الحلف الغربي قد يستخدم الأراضي الأوكرانية في نهاية المطاف لنشر صواريخ قادرة على الوصول إلى مراكز القيادة الروسية في غضون خمس دقائق فقط.

لقد نجحت القيادة الروسية عبر التحشيد العسكري والمناورة بالتصريحات في جذب انتباه الولايات المتحدة والغرب إلى ما يمكن أن يحدث في هذه المنطقة. ويقول وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا: إن الجيش الروسي حشد أكثر من 90 ألف جندي من قوات النخبة في المنطقة الحدودية، وهو يستمر في زيادة قواته هناك تحت جنح الليل. ومن هنا انطلقت التحذيرات والمخاوف من عملية غزو روسي محتمل.

ومن الممكن تلخيص المطالب الروسية في نقاط متسلسلة تبدأ بسكوت أوكرانيا مع شركائها عن السيادة الروسية على جزيرة القرم، وإبقاء أوكرانيا خارج قائمة الحماية الأطلسية وإبعاد قوات الحلف عن مناطق التماس مع روسيا. لكن هذه النقاط تبدو وكأنها شروط استسلام أكثر من كونها بنود تفاوض، ومن غير المتوقع أن يوافق عليها أي طرف من الأطراف على الرغم من تهديدات الحرب الوشيكة.

وباستثناء البند الخاص بانضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف «الناتو» وهو قرار أوروبي أكثر من كونه شرطاً روسياً، فإن المطالب الروسية الأخرى لا تمثل أوراق ضغط حقيقية. فالولايات المتحدة تعد روسيا «العدو رقم 2» بعد الصين. وهي لن تتبرع بشكل طوعي بتقديم ضمانات لمعسكر العدو أو تسعى إلى تهدئة مخاوفه، كما أنها مع شركائها تتوقع من دون شك وتستعد لكل الاحتمالات بما فيها احتمال نشوب حرب بشكل مفاجئ أو نتيجة لتطور أسبابها ودواعيها المنطقية. وبالتالي فإن ضمانة السلام الممكنة إنما تتمثل في تأمين المصالح وليس التهديد بالحرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"