للذهب أن يرقص تحت نجمة الإمارات

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. نسيم الخوري

أنشر منذ خمسين عاماً مقالاً أسبوعياً في الصحف والمجلات بين بيروت وباريس ولندن وواشنطن ونيويورك والعديد من الدول العربية، وفي صحيفة «الخليج» الغراء التي أرى الحبر يصفق لها منذ نصّي الأسبوعي الأول المنشور في 27/1/2008. المعروف بأن العناوين تأتي تتويجاً للنص بعد كتابته وتنقيته الأخيرة قبل دفعه للنشر. أعترف اليوم بأنها المرة الأولى في حياتي التي تهيبت فيها كثيراً بعدما قررت كتابة العنوان الذي يليق بالمناسبة الخاصة بهذه المقالة أعني الاحتفال باليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، عازماً على تدبيجها وتطريز نصّها حتى النهاية.

لست أدري لماذا تم اختياري لهذا العنوان: للذهب أن يرقص في الأرض ملوحاً بنجمة الإمارات المشعّة في أرض العرب وعين العالم.. لقد حيّر العنوان عقلي وحبي المتنامي للإمارات. وعليه تزاحمت العناوين التي لم أرد إسقاطها أو حجبها أو حذفها لجمالياتها. فآثرت أن أذكر بعضها وليختر القارئ العزيز سواء أكان خليجياً أو لبنانياً أو في أي بلد عربي شقيق العنوان الذي يرتضيه. أصابني البحث عن عنوان جهداً وتردداً.

أورد بعض العناوين التي صففتها للسلام على أهلنا ومصافحتهم في عيد الاتحاد الخمسين:

فتّش عن نجمة الإمارات. تتزاوج الحضارات في رمل الخليج. عندما تخلد الأوطان في ملامح حكّامها. قارة المثل والأحلام والابتكارات في الإمارات. حققت الإمارات ما دونه أرسطو في مفكّرته: الإنسان والزمان ّ مقياسهما الحركة. مصانع الأمل في أطرافها السبعة. يمتلئ الصدر والزمان بالغبطة في الإمارات. تلهث الواو لتدوين نهضات الإمارات. الإمارات: الوسادة المحشوّة بالأفكار الإبداعية. طالبة لبنانية هاتفتني من الإمارات: وجدت حقول جنّتي. تتعثر الأصابع فوق لوحة المفاتيح. في الإمارات سر على رؤوس أصابعك. صار العالم قريتي، لكن الخليج خيمتي بل رحم أمي. الإمارات تقرع باب الكوكب الأحمر. شجر النخيل الإماراتي في الفضاء......الخ.

وإلى المقالة معاً:

أن يبلغ حبركم الذي هو حبرنا في الإمارات العربية المتحدة عمره الخمسين، وخصوصاً في عصر من تشابك الأفكار والسبابات والشاشات المضيئة وحرية الكتابة في الدنيا، فللذهب أن يخرج من مخابئه في مخازن العالم والعتمات التاريخية. آن لنا أن نأمر الذهب ليذهب إلى الإمارات راقصاً وبنحني نحو الأمكنة والإبداعات الحضارية والشوارع والساحات والهامات التي أخرجت الحركة عربية الإيقاعات حتى من الأصداف.

تبدو إمارات الخليج كما الموسيقى في دبيب الحضارات ومقصد شعوب الأرض. تعيدنا إلى شجن القصبة الأولى في قيظ الصحراء، وقد تحولت في عشر من السنين إلى لغة عالمية تتطلع نحوها عيون العرب والإقليم والعالم فتكاد ألسنتها تنطقها كما أهل الضاد. هذا عيدكم/ عيدنا وحقكم وحقنا ونعمتكم ونعمتنا. ما هذا الحضن الإماراتي والدمغات العربية الخليجية والملامح التي قالت للدنيا تعالي إلينا فأتت. عندما يغص الحبر في جريانه فوق الصفحات البيضاء أو بين الأصابع في بيروت سرعان ما يسري غناء وشعراً وحضناً وموئلاً لفلذات أكبادنا وطموح أهالينا في شواطئ المحار.

هذا عيدكم وحقوقكم وهو عيدنا وحقوقنا أعلقها جدراناً منقوشة اعترافاً بالجميل وحسن الضيافة التي لم تداهمها عبسة؛ بل افتخار ومحبة وأشكل مقالتي هذه بمقلتي لبنان وأدمغهما بزهرة من روح لبنان تقول لكم كل شيء عن مشاركتكم ومشاطرتكم أمس واليوم وغداً.

كانت الإمارات العربية المتحدة وما زالت تتجاوز مساحة نجمتها السباعية المشعشعة أطرافها في الخليج والعالم مزدانة بإيمان الوحدة الشديد الوضوح في أزمنة الشدائد والانقسامات، وبقيت بالنسبة لي ولغيري، مسكونة بهمومنا في لبنان وهموم الأوطان والأمة العربية والسهر بحثاً عن إعلاء الشأن وتنقية الحناجر والدفاتر والقواميس من الأشواك عبر قاموس راقٍ؛ بل ناموس أو نواميس نادرة من احترام الثوابت ورفع أنساق القيم والأصالة في المقاربات التي لم ولن تتهاون في ما يتعلق بعظمة تنقية التاريخ والمحافظة على التراث والانفتاح الأكاديمي والحضاري الواسع على الحداثة والمعاصرة.

ولتبق الإمارات العربية المتحدة تأمر الدنيا بدماثتها ووحدتها بيوبيليات مدونة فوق جبين الزمان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

دكتوراه في العلوم الإنسانية، ودكتوراه في الإعلام السياسي ( جامعة السوربون) .. أستاذ العلوم السياسية والإعلامية في المعهد العالي للدكتوراه في الجامعة اللبنانية ومدير سابق لكلية الإعلام فيها.. له 27 مؤلفاً وعشرات الدراسات والمحاضرات..

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"