وطن المجد والعلياء

00:12 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

في مثل هذه الأجواء المفعمة بالوفاء والإخلاص لوطن غالٍ من صنع قائد امتلك روافد العزيمة الصادقة والقوة والإيمان، نحتفل بهذه المناسبة الغالية، واستعادة لذكريات مملوءة بالآمال العظيمة لهذا الوطن، منذ اللحظة التي قرر فيها مؤسسو هذا الاتحاد التغلب على كل التحديات، وتجاوز كل العقبات التي تحول دون تجسيد الحلم الكبير، وطن واحد يجمعنا، أرض واحدة تضمنا، سماء واحدة تظللنا، علم واحد يجسد طموحنا، مجلس قيادة واحد يجمع كلمتنا، ويوحد عزمنا، زعيم واحد يحقق رؤيتنا، ويدير شؤوننا.

لقد كان المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قدرنا في هذه اللحظة الفارقة، والشعلة التي أنارت دربنا، فقاد سفينة الوطن مع إخوانه، حكام الإمارات، إلى واحة التقدم والرخاء. وعلى الرغم من التحديات والصعاب التي واجهته في مختلف المجالات؛ سياسية واقتصادية واجتماعية، فإنه بلسان حاله ومقاله، وقبل ذلك عزمه وأفعاله يقول: أنا لها، أنا لها.. فمضى يؤسس لدولة راسخة القدم في منطقة كانت تموج بالعواصف، والأحداث الجسام، ويحيط بها المتربصون هنا وهناك، لكنه برؤيته البعيدة، وحكمته الراسخة، وعقليته الثاقبة استطاع أن يحقق في سنوات قليلة ما تعجز عنه دول كبرى في عقود طويلة.

لقد اتبع، طيب الله ثراه، منهجاً علمياً في تأسيس الدولة، فتم إنشاء الوزارات والمؤسسات المختلفة، ووضع خططاً طويلة وقصيرة المدى من أجل التنمية السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وتوالت البرامج والمشاريع التنموية المختلفة في كافة أنحاء الدولة، وتبارت الوزارات والمؤسسات للاستفادة من الخبرات المحلية والدولية لتحقيق نهضة عمرانية واقتصادية وعلمية لا نظير لها في دول المنطقة، وأضحت الإمارات، بفضل هذه الجهود، قبلة اقتصادية للشركات العالمية الكبرى، ومنارة للسائحين من كافة أنحاء العالم، وأصبحت بفضل قادتها، وإمكانات شعبها دولة رائدة في العديد من المجالات الطبية والعلمية والإعلامية والثقافية والسياحية والاقتصادية.

وعلى الرغم من كل التحديات الداخلية التي تواجه دولة حديثة؛ من بنى تحتية، وتأسيس جيش قوي، ونشر الأمن والاستقرار الداخلي، وتوفير رعاية صحية عالية، ومستويات تعليمية راقية تضاهي مثيلاتها في دول العالم المتقدم، وتقديم برامج رعاية اجتماعية فائقة الجودة، فإن الدولة التي وُلدت عملاقة لم تنسَ محيطها الخليجي فقامت، بمبادرة من الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لم شمل دول الخليج في اتحاد خليجي واحد، وبالفعل تم تأسيس مجلس التعاون الخليجي ليكون نواة تنطلق منه دول الخليج للعب دور أكبر في المنطقة، وقيادة محيطها العربي الأكبر للتغلب على كافة العقبات التي كانت تواجه المنطقة العربية، ولم يغب عن عقل قيادتنا الرشيدة دائرتنا الأوسع والأشمل وهي عالمنا الإسلامي، فأسهمت دولة الإمارات، ولا تزال حتى يومنا هذا، في دعم القضايا التي تخص مجتمعنا العربي والإسلامي اقتصادياً وسياسياً.

ولم يغب البعد العالمي يوماً عن بال مؤسسي الاتحاد العظام، ولا عن رؤية قادتنا الحاليين حفظهم الله، فأصبحت الإمارات اليوم منارة للتعايش بين أتباع الأديان، ونموذجاً فريداً للتسامح، وواحة للأمن والأمان والاستقرار، ما مكنها من أن تصبح قبلة للعديد من الأحداث والفعاليات العالمية، وما معرض إكسبو دبي الدولي 2020، الذي يقام على أرض الإمارات في هذه الفترة، إلا تأكيداً لهذه المنزلة، وتتويجاً لتلك المكانة.

ولم تقف طموحاتنا عند هذا الحد؛ بل تجاوزته لإنجازات علمية غير مسبوقة في منطقة الشرق الوسط عندما انطلق مسبار «الأمل» برؤية إماراتية، وسواعد إماراتية متخذاً طريقه نحو كوكب المريخ، لدراسة أرضه، واستكشاف حقائقه ليقدم للعالم ثروة علمية فريدة بعقول إماراتية وسواعد إماراتية.

إننا نملك قيادة طموحة تجعلنا في مصاف الدول المتقدمة عالمياً، وأصبح اقتصادنا راسخاً لا يتأثر بالأزمات، على الرغم من تأثر اقتصاد العديد من دول العالم المتقدم منها والمتأخر بجائحة كورونا التي اجتاحت العالم مخلفة انهياراً اقتصادياً، إلا أن دولة الإمارات بفضل اقتصادها القوي، وبنيتها الصحية والعلمية قد تجاوزت تلك الأزمة بأقل الأضرار الممكنة، وذلك يعود إلى المنهجية العلمية والاقتصادية والصحية لإدارة مثل هذه الأزمات التي مرت سلاماً على الإمارات وشعبها ومقيميها.

إننا في العام الخمسين لا يسعنا إلا أن نشكر قادتنا، المؤسسين والحاليين، على ما قدموه لنا، وما بذلوه من جهد لرفعة وطننا الذي نفخر بالانتماء إليه، رافعين رؤوسنا، بما أنجزه هذا الوطن في الخمسين الماضية، آملين أن يطيل الله أعمار قادتنا، ويحفظ شعبنا، ويديم الأمن والاستقرار وتحقيق المزيد من الرخاء والتقدم. وكل عام والوطن بعزة وشموخ ورخاء.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"