عادي

صيادو الكمأة في كرواتيا يسعون لحماية «الذهب الأبيض»

15:44 مساء
قراءة 3 دقائق
في الخريف، في شمال غرب كرواتيا، تشق كلاب الكمأة طريقها عبر الغابة بتشجيع من أصحابها بحثاً عن الكمأة البيضاء، لكن الصيادين يخشون أن يؤدي التغير المناخي إلى جعل هذا «الذهب الأبيض» نادراً.
وتشتهر شبه جزيرة استريا في الدولة البلقانية الصغيرة بالكمأة التي يقدّر الذواقة قيمتها المطبخية، ويمكن أن يبلغ سعر الكيلوجرام الواحد منها أكثر من 2800 دولار.
لكن الخطر يُحدق بالمناخ المحلي الهش لمناطق الغابات المناسبة لنمو الكمأة.
ويشكّل العثور على الكمأة مهمة أصعب من بيعها، بحسب ما قال لوكالة فرانس برس رئيس جمعية صيادي الكمأة في استريا داركو موزيكا الذي تسعى منظمته إلى توفير حماية أوروبية لهذه النبتة الثمينة.
وأوضح أن موطن هذا النوع من النبات مهدد بارتفاع درجات الحرارة، وتراجع كمية الأمطار، وسوء إدارة المياه، ما يؤثر على مستوى منسوب المياه الجوفية. كذلك لا تأخذ إدارة الغابات في الاعتبار أشجار الكمأة أثناء القطع.
وأشارت دراسة أجراها عدد من العلماء عام 2014 عن الكمأة في استريا إلى أن «إنتاجية موائلها الطبيعية تتدهور في كل أنحاء العالم، غالباً بسبب تغير المناخ ولكن أيضاً بفعل الطرق التي تُستخدم بها التربة».
وليست علاقة الحب بين الكروات والكمأة جديدة، ولو أن إيطاليا الواقعة على الجانب الآخر من البحر الأدرياتيكي هي بلا منازع صاحبة الصدارة في ما يتعلق بالكمأة البيضاء.
كلاب مدرّبة
ويتولى الصيادون تمشيط الغابة الكثيفة حول بلدة موتوفون الصغيرة بحثاً عن الكمأة، ترافقهم كلاب مدربة خصيصاً لهذا الغرض.
ويأمر عالم الفطريات زيليكو زغرابليتش الذي يجمع الكمأة للأغراض العلمية كلبتيه ماشا وأودري بالبحث عن النبتات المنشودة.
وما إن يلاحظ العالم إشارة من كلبتيه، حتى يبادر إلى إزالة الطبقة الأولى من التربة بعناية ليكتشف الكمأة البيضاء التي يبلغ وزنها نحو 20 جراماً، وتقدّر قيمتها بنحو 147 دولاراً.
وهذا المشهد مألوف في كرواتيا خلال موسم الكمأة البيضاء، بين أيلول/سبتمبر ونهاية كانون الأول/ديسمبر. وبين الصيادين سياح وسكان محليون تدرّ عليهم هذه النبتة المداخيل.
ويسمح لأي كان بأن يستخرج ما يصل إلى 100 جرام من الكمأة للاستهلاك الشخصي. أما ما يزيد على ذلك، فيستلزم الاستحصال على ترخيص من السلطات لقاء رسم مالي.
وتعتبر استريا من المناطق القليلة خارج ألبا الإيطالية التي يمكن العثور فيها على الكمأة البيضاء البرية العالية الجودة، وذلك بفضل المناخ الرطب والتربة القلوية التي تنقل الروائح الشديدة. في فرنسا، وقد نجح باحثون في زرع الكمأة.
سلعة فاخرة
وقال زليكو زغرابليتش «إنها ثقيلة وشكلها جذاب ما يجعل منها سلعة فاخرة».
وتعود أول إشارة إلى الكمأة الإسترية إلى أواخر عشرينات القرن المنصرم، عندما كانت شبه الجزيرة تابعة لإيطاليا.
لكنّ القطاع ازدهر في الأعوام العشرين الأخيرة، وأصبح يدرّ ملايين الدولارات كل سنة. وتُعتبر استريا اليوم «أرض الكمأة» وتنتج أطناناً عدة منها سنوياً.
وبدأ الإقبال الكثيف على ما يسمى «الذهب الأبيض» عام 1999، بعد اكتشاف كمأة وزنها 1,31 كيلوجرام أدرجت في موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وبقيت فيه لبضع سنوات.
وأدى هذا الحدث إلى إنتاج كمية هائلة من الكمأة، على ما روى في كتابه جانكارلو زيغانتي، وهو صاحب مطعم يعدّ مئات المنتجات التي تشكل الكمأة أحد مكوناتها، كزيت الزيتون والشوكولاتة ورقائق البطاطس، يتم تصديرها إلى عشرات البلدان.
وتطمح الجمعية المحلية الى أن تحصل الكمأة على تصنيف «مؤشر جغرافي محمي» الأوروبي، وهو شهادة تتيح حماية الغابات من «القطع غير العقلاني للاشجار» وحماية الكمأة البيضاء من التزوير مع إكسابها المزيد من الشهرة.
لكن بالنسبة لبعض الهواة، فإن الكمأة ليست مجرد سلعة لكسب المال أو مصدر فخر بقدر ما هي تقرب من الطبيعة.
وتكفي البعض متعة التنزه في الغابة مع كلابهم. وقال داركو موزيكا «إنه أسلوب حياة تغرم به».
وأضاف «الكلب يكون سعيداً في كل مرة أكون فيها سعيداً. وأنا سعيد في كل مرة يجد فيها الكلب كمأة». (أ.ف.ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"