شبح تصادم الكبار

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

مجدداً يلوح في الأفق شبح التصادم بين الغرب الداعم لأوكرانيا من جهة وموسكو المستاءة من التمدد العسكري الأطلسي، وهو ما يُنذر بأن الأيام القادمة قد لا تحمل في جعبتها سوى المزيد من التوتر بين الطرفين، لاسيما أن أوكرانيا طالبت الغرب ممثلاً في حلف شمال الأطلسي ببذل أقصى ما في وسعه لردع روسيا.

وعلى الرغم من أن موسكو حاولت طمأنة الغرب بأنه لا نية عدائية لديها تجاه أوكرانيا، وأن الهدف من الحشود العسكرية هو تدريبات روتينية تجريها ضمن أراضيها في سياق اختبار جاهزية جنودها، فإن كييف غير مطمئنة لذلك، وترى في تصرفات موسكو الأخيرة رسالة عسكرية تصعيدية واضحة لا لبس فيها.

ما يلفت الانتباه في الأزمة الأوكرانية أن الغرب وموسكو على حد سواء يلجآن إلى سياسية العصا والجزرة، ففي الوقت الذي يستخدم الغرب فيه لغة شديدة اللهجة تجاه موسكو، ويتوعدها بأنها ستدفع ثمناً باهظاً في حال فكرت في الاعتداء على أوكرانيا ويلوّح بفرض المزيد من العقوبات تجاهها، وأن حلف الناتو إلى جانب واشنطن لن يدعا كييف وحيدة ولقمة سائغة لموسكو، فإنه في الوقت ذاته يحث الخطى لعقد لقاءات لعلّها تنجح في احتواء التوتر، وهو ما بدا واضحاً من خلال لقاء وزيري الخارجية الأمريكي والروسي والذي يمهد للقاء بين بايدن وبوتين في الأيام القادمة لبحث المسألة الأوكرانية. وسياسة الغرب حيال موسكو هي ذاتها سياستها تجاهه، ففي الوقت الذي تحشد فيه روسيا عسكرياً على الحدود المتاخمة لأوكرانيا فإنها تبقي الباب مفتوحاً للخيارات الدبلوماسية.

سياسة الشد والجذب المتبعة من قبل الطرفين قد تجدي نفعاً في زيادة ضغط كل منهما على الآخر إلا أنها غير مضمونة النتائج، وقد تشعل شرارة الحرب في أي لحظة، لاسيما أن وقود الاقتتال مهيأ وينتظر حادثاً عرضياً يوقده، لذا فإن اللقاء المرتقب بين بايدن وبوتين قد يسهم في تخفيف التوتر والحّد منه، غير أنه لن ينجح في إزالته، إذ إن القضية الأوكرانية قضية شائكة ومعقدة للطرفين، فمن جانبه يريد الغرب من خلالها ألا يسمح لموسكو بالتمادي في سياسة فرض الأمر الواقع لاسيما أنه لا يزال مستاء من ضمها للقرم، بينما ترى موسكو أن الغرب يستفزها من خلال أوكرانيا عبر تقديم الدعم العسكري لها، وتمدده شرقاً، وهو ما صّرح به علانية لافروف لنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن بأن موسكو تحتاج إلى «ضمانات أمنية طويلة الأمد» عند حدودها من شأنها وقف توسع «الناتو» بالقرب منها، كما حذّر واشنطن من «جر أوكرانيا إلى الألعاب الجيوسياسية للولايات المتحدة»، إلى جانب المطلب الرئيسي لموسكو، وهو عدم ضم أوكرانيا لحلف الناتو.

التصعيد العسكري لا يخدم أحداً وقد يجر المزيد من الويلات على العالم، والعقلانية هي الخيار الوحيد للجميع فهل يدرك الطرفان خطورة التصعيد ويلجآن إلى حلول وسط ترضي الجميع، أم أن أوكرانيا ستبقى ساحة للتجاذب وتصفية الحساب بين الغرب وموسكو؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"