عادي

«الحزام والطريق».. معالجة صينية لمشكلات التنمية

22:29 مساء
قراءة 3 دقائق
2502

«الحزام والطريق.. المباراة الكبرى في القرن الحادي والعشرين» عنوان كتاب للدكتور محمد فايز فرحات، الذي يقدم في أحد هوامشه نبذة عن «طريق الحرير التاريخي» الذي ارتبط باكتشاف الصينيين صناعة الحرير سنة 3000 قبل الميلاد، الذي تحوّل بعدها إلى سلعة مهمة للتجارة مع باقي الأقاليم الآسيوية وشمال إفريقيا ووسط أوروبا، واتخذت هذه التجارة مسارات محددة، عرفت لاحقاً باسم «طريق الحرير»، نسبة إلى هيمنة هذه السلعة على العلاقات التجارية بين الصين وهذه الأقاليم، ومن ثم لم يكن طريق الحرير طريقاً واحداً، بقدر ما كان شبكة طرق.

لم يقتصر طريق الحرير على كونه طريقاً تجارياً، كما يوضح د. فرحات، لكنه تحوّل إلى جسر للتفاعل الثقافي والاجتماعي بين المجتمعات والحضارات، التي وقعت على مسار الطريق، فانتقلت عبره الأديان، وانتقل عبره الورق، ما أدى إلى حدوث طفرة كبيرة في الطباعة، وانتقلت عبره كذلك العديد من التقاليد الاقتصادية، مثل انتقال وانتشار نظام الري والحرف اليدوية، فضلاً عن انتشار اللغات المختلفة، التي اضطر التجار إلى تعلمها، لتسهيل تجارتهم.

يشير الكاتب إلى أنه في السابع من سبتمبر/أيلول عام 2013 أعلن الرئيس الصيني «شي جين بينغ» عن مشروع إنشاء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» ثم أعاد طرحه في الشهر التالي، تحت عنوان «طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين» بدءاً من السواحل الشرقية للصين وانتهاء بالسواحل الأوروبية، ومروراً ببحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي والبحرين الأحمر والمتوسط.

أسئلة كثيرة تثيرها «مبادرة الحزام والطريق» بدءاً من طبيعة المبادرة ذاتها والمداخل الأنسب لفهمها، فهل هي جزء من معالجة صينية للمشكلات التنموية الداخلية وإعادة هيكلة ضرورية لمصادر النمو الاقتصادي أم أنها جزء من استراتيجية لإدارة تحول الصين إلى قوة عالمية؟ وهل هي مجرد مبادرة بالمعنى الدقيق أم أنها عملية صينية مخططة لإعادة هيكلة النظام العالمي؟ وما الأصول الفكرية للمبادرة؟.

يوضح د. فايز فرحات أن المبادرة لا تزال جزءاً من عملية تفاعلية، ومن ثم فإن تداعياتها الاستراتيجية ستظل رهناً للبيئات الاستراتيجية الدولية والإقليمية والمحلية في الدول المرتبطة بها، وأنماط التفاعل معها من جانب الفاعلين الدوليين والمجتمعات المحلية، وهي أنماط لا تزال محكومة بإدراكات متباينة للصين، ولطبيعة المبادرة ولحسابات العوائد والتكاليف المترتبة عليها.

لكن ما العقبات التي تواجه مثل هذا المشروع؟ يرى الكاتب أن هناك مناطق نفوذ تقليدية، يصطدم بها المشروع أو المبادرة، فرغم التأكيدات الصينية المتكررة على الطابع الانفتاحي للمبادرة، وأنها ليست إطاراً لإدارة أية مواجهات أو صراعات دولية، أو أنها جزء من هذه الصراعات، وعدم سعيها إلى الصدام مع النظام الدولي القائم، فإن الأمر لا يعتمد على هذا الطرح أو الخطاب الصيني، بقدر ما يعتمد على إدراك الأطراف الدولية للمبادرة، وتداعياتها الاستراتيجية المحتملة، على التوازن الدولي.

يشير د. فايز فرحات إلى أن هناك مؤشرات عديدة على وجود إدراك سلبي للمبادرة، من جانب عدد من القوى العالمية والإقليمية، وبشكل عام تثير المبادرة احتمالات الصدام مع عدد من القوى العالمية، بسبب تقاطع المبادرة مع مناطق النفوذ التقليدية لهذه القوى، تحديداً هناك ثلاث قوى أساسية تثير المبادرة بالنسبة لهم تحديات مهمة، على خلفية ما تنطوي عليه من توسيع وتعميق لحجم النفوذ الصيني، داخل مناطق النفوذ التقليدية لهذه القوى: روسيا، الولايات المتحدة، الهند.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"