أطفال أكبر من أعمارهم

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

في عام 1966 صدرت الصحيفة التركية «يني إسطنبول» وهي تحمل على صدر صفحتها الأولى هذا العنوان: «لو كان للأطفال أن يوقعوا العقوبات».
ولقد قرأت ذلك في كتاب بعنوان «أطفال آخر الزمان» للكاتب التركي الساخر عزيز نيسين (1915-1995) الذي أنشأ في أثناء حياته ملجأ للأيتام في إحدى ضواحي إسطنبول، فقد كان مانشيت الصحيفة بناءً على خبر مفاده أن معلماً في إحدى المدارس الابتدائية التركية كان قد كلف طلاب الصف الثاني بكتابة موضوع إنشاء محوره «لو كنتم آباء، وكان آباؤكم أطفالاً لكم فكيف تعاقبونهم حين تصدر عنهم إساءة»، وكانت بعض إجابات الأطفال الأتراك:
كتبت طفلة يتيمة الأم: «أحرم والدي من الخروج للنزهة».
وكتب طفل أبوه بياع لبن: «أحبس والدي في حظيرة غنم».
ولقد كانت هذه الإجابات وغيرها أكثر فظاعة مفاجأة كبيرة بالنسبة للمثقفين والتربويين الأتراك، إذ إنها تؤشر على طراز التربية في المجتمع التركي آنذاك.
وفي هذا الكتاب الذي ألفه عزيز نيسين على شكل رسائل بين طفلين أحدهما في أنقرة والآخر في إسطنبول نعثر على رسالة للأطفال يوجهها هذا الكاتب العالمي الذي ترجمت أعماله القصصية والروائية والمسرحية إلى أكثر من 35 لغة عالمية حية. يقول «على ثقة من أنكم لو جمعتم الرسائل التي تكتبونها لأصدقائكم لكان موضوعها أكثر طرافة وتشويقاً من قصصي هذه لأنكم في كتاباتكم سوف تعكسون الحقيقة، وسوف تأتي حكاياتكم مطابقة للحقيقة والصدق. إن هذا هو الفرق الأكبر بين الصغار والكبار. إن نفوسكم لم تتلوث بعد بالرياء والتحايل والتدليس».
ولم يكن نيسين المبدع الكبير وحده من فرغ جزءاً من وقته إلى أدب الأطفال، هناك كتاب عالميون انقطعوا تماماً لكتابة الطفل، نذكر منهم أندرسون، أضف إلى ذلك «خرافات إيسوب 620-564 ق.م»، وهي خرافات تستهوي الكبار قبل الصغار ومنها هذه الخرافة:
«كان لرجل متوسط العمر - بدأ الشيب يغزو رأسه - حبيبتان.. عجوز وفتاة، أما العجوز فلم تكن تريد أن يبدو حبيبها أصغر منها فكانت إذا أتى يزورها تنزع من رأسه بعض شعره الأسود ليبدو عجوزاً، وأما الفتاة، وكانت تريده في مثل سنها، فكانت تتحين كل فرصة لتنزع من رأسه الشعر الأبيض ليبدو صغيراً. وبينهما، لم تترك المرأتان في رأسه شعرة حتى صار أصلع تماماً».
أوردت هذا النموذج لأفرد أمامك مدى البساطة التي يمكن أن نكتب بها للطفل ومدى نعومة وخفة الدم والتلقائية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"