حركات «الإبهام»

00:44 صباحا
قراءة دقيقتين

لا شك أن السمة الغالبة على مستخدمي مواقع التواصل، هي التعجّل في النشر، وهي طبيعة أصبحت تلازم الكثير من «مدمني» هذه المواقع، هدفهم أن يسبقوا غيرهم ويكونوا أول من «شيّر» أو وضع «البوست» حسب اللغة الدارجة عند رواد هذه المواقع ومستخدميها. 
اللافت، للأسف، عند مستخدمي هذه المواقع التي تصل عند بعضهم إلى درجة «الإدمان» أن أي معلومة يشاهدونها على أي موقع هي محل «تصديق» أو نقاش أو فتح موضوع، ويلحظ عند الكثير من «مدمني» هذه المواقع عدم تغليب المنطق أو العقل في بعض المنشورات المتداولة التي تشي بكل عفوية بأن المنشور غير منطقي، أو غير معقول.
المؤسف أيضاً، عند الكثير من هؤلاء «المدمنين» أن أغلبيتهم لا يكلفون أنفسهم عناء سؤال «جوجل» أو أي موقع متخصص عمّا ينشرونه، والأمر الإيجابي في هذه الناحية، أن أغلبية الدوائر والمؤسسات والوزارات والجامعات والمدارس والمؤسسات، وحتى الحضانات أصبحت لديها مواقع على شبكات التواصل، ومن السهولة بمكان التأكد من أي خبر أو منشور لا يقبلهما «العقل».
لكن، في حالة «مدمني» المواقع فإن «إصبع الإبهام» يتحرك بطريقة عشوائية ويقلب الصفحات بلمح البصر، فيلتقط هذا المطالع المعلومة ويبدأ يتداولها في جلسته مع أهله وأصحابه، ويكون قد نسي مصدرها، ويبدأ بالقول: سمعتم؟ علمتم؟ هل تعرفون؟ ثم يدلف بما مر عليه «إبهامه».
هنا، للأسف أيضاً، أن هذا «المدمن» يحوّل الجلسة بأكملها سواء مع أهله أو أصدقائه إلى النقاش والتحاور في قضية لا تساوي «فلساً»، ولكن هو من حوّل الجلسة كاملة لهذا الموضوع، ولم يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقي أو المنطقي فيها، مجرد قنبلة فارغة رماها، وطار اليوم وهم يحاولون لملمة ما أحدثته من نقاش بلا معنى أو حوار طرشان غثّ لا فائدة منه.
إدمان المواقع، وإن كان بدأ منذ سنوات مع بدايات ما سمي ب «الربيع العربي»، أو قبله، فإنه أصبح الآن عادة يومية، خاصة مع الإطلالات الكثيرة للمواقع التي سرعان ما ينجرف الناس نحوها لحجز مساحة حتى لا يكون قد تأخر فيفوته الكثير.
المواقع في تزايد، وتأثيرها وانتشارها سيبقى في تزايد، وقد نشهد، خلال سنوات، العشرات من المواقع من شرق الدنيا وغربها، وقد يكون لدى أولادنا حسابات في مواقع لم نسمع بها بعد... ولكن ألا يجب نقاش كيفية تعليم الأجيال الاستخدام الأفضل والأمثل لهذه المواقع، وإرشادهم إلى متابعة المواقع النافعة، وعمل «حظر» لكل ما هو مسيء أو عديم الفائدة، حتى لا يبقوا رهيني حركات الإبهام.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"