عادي

تدهور قيمة الليرة التركية يجتذب متسوقين عبر الحدود

18:38 مساء
قراءة 3 دقائق
متاجر في إسطنبول (أ.ف.ب)
تكشف الحافلات الآتية من بلغاريا والمركونة بأعداد كبيرة في موقف سوق أدرنة قرب حدود تركيا، عن حجم الأزمة النقدية التي يعانيها هذا البلد مع انهيار سعر الليرة في ظل السياسة النقدية التي أملاها الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقفزت الليرة التركية 15%، أمس الثلاثاء، لتسجل 12.21 ليرة للدولار، ليستمر تعافيها التاريخي من مستويات قياسية منخفضة بعدما أعلن أردوغان عن خطة قال إنها ستضمن الودائع بالعملة المحلية أمام تذبذبات السوق. وقبل إعلان الخطة كانت الليرة منخفضة عند 18.4 ليرة للدولار، وهو قاع قياسية.
وبالعودة إلى أدرنة، فبعدما كانت المدينة في ما مضى عاصمة للإمبراطورية العثمانية بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر، باتت أدرنة بمساجدها العديدة سوقاً عملاقة لدول البلقان المجاورة وبلغاريا، وهي نفسها من أفقر دول الاتحاد الأوروبي.
ويتهافت المتسوقون عبر الحدود لشراء شتى المنتجات من الخضار والفاكهة إلى الملابس الداخلية رديئة النوعية، فتتراكم البضائع في الحافلات.
وقالت المرشدة السياحية دانيالا ميرشيفا، قبل الصعود في الحافلة عائدة إلى يامبول في بلغاريا «الأمر مفيد لنا، لكن الوضع في غاية القسوة على الأتراك».
وأوضحت المرأة المشارفة على الخمسين من العمر «كنا في الوضع نفسه قبل عشر سنوات، أو 12 سنة»، في إشارة إلى الأزمة المالية العالمية عام 2008، مضيفة «كان الأمر صعباً جداً».
«بنصف السعر»
وتدهورت قيمة الليرة التركية وتسارع تراجعها منذ الخريف مع هبوطها إلى مستويات تاريخية بشكل شبه يومي، على وقع السياسة الاقتصادية للرئيس أردوغان الذي يستمر في تأييد خفض معدلات الفائدة رغم التضخم، مخالفاً بذلك كل المبادئ الاقتصادية.
وتخطت نسبة التضخم في نوفمبر/ تشرين الثاني 21% بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، وخسرت الليرة نحو 45% من قيمتها بالمقارنة مع الدولار منذ مطلع العام.
ويواجه المواطن التركي ارتفاعاً كبيراً في أسعار الاستهلاك، لكن هذا لا يمنع دانييلا ميرشيفا، من تكديس صفائح الزيت النباتي في حافلتها المكتظة بالمتسوقين البلغار بحثاً عن صفقات مربحة. وتقول «هذا نصف السعر بالمقارنة مع بلغاريا. السعر متدن جداً جداً بالنسبة إلينا».
غير أن هذا الوضع يثير إحباط التجار الأتراك.
وراهن أردوغان على تدني سعر الليرة لتشجيع الصادرات وتحويل تركيا إلى مركز إمدادات مهم في السوق العالمية، على غرار الصين.
واستند كرئيس للوزراء، ثم كرئيس للبلاد، إلى قاعدة من الطبقة الشعبية لإبقاء حزبه المحافظ في السلطة منذ 2002.
واستفاد من نمو اقتصادي كبير في العقد الأول من عهده ليفتح تركيا على المستثمرين الأجانب. غير أن المراقبين وخبراء الاقتصاد والدبلوماسيين يرون اليوم أنه يصعب فهم موقف الرئيس.
وقال تينكو جاريف أحد الزبائن البلغار «لو كان الذين يحكمون تركيا يفعلون ما يتوجب عليهم أن يفعلوا، فستعود الليرة إلى مستواها السابق بسرعة كبرى»، مضيفاً «إنني متأسف حقاً للأتراك لأنني أفهم ما تعنيه هذه الأسعار المتدنية بالنسبة إليهم».
صدمة
يقول بولند ريس أوغلو الذي يتولى إدارة سوق أدرنة الأشبه بحظيرة كبيرة منذ إقامتها قبل 15 عاماً في موقعها الحالي، إن عدد المتسوقين ارتفع من 50 ألفاً في الأسبوع إلى نحو 150 ألفا منذ بدأت تظهر عواقب الأزمة.
وأوضح «تضاعف عدد الزبائن الأجانب بأربع أو خمس مرات»، في حين تراجعت عائدات التجار إذ إن المبيعات الإضافية لا تكفي للتعويض عن انهيار الليرة التركية.
وشكا أحد التجار، ويدعى أوتكو بيرتميز، بقوله «يرسل لنا مزودونا لوائح أسعار جديدة كل أسبوع»، وتابع «كل المواد الأولية تأتي من الخارج، من أوروبا والصين وإيطاليا»، مشيراً إلى أن «أسعار المنتجات تضاعفت منذ العام الماضي».
ويؤكد ريس أوغلو أنه يرى التجار شاخصين في هواتفهم الذكية لمتابعة تطور أسعار الصرف. ويقول «إننا مصابون بصدمة. لم يتوقّع أحد انهيارا كهذا في قيمة» الليرة.
(أ.ف.ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"