عادي

«العربية».. إعجازٌ وهوية

22:15 مساء
قراءة دقيقتين

هدى إبراهيم الخميس *
يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية يوم 18 من ديسمبر كل عام، تأريخاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 في كانون الأول/ ديسمبر عام 1973، والذي أقرت بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن لغاتها الرسمية بعد اقتراح قدمته المملكتان المغربية والعربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو.

هذا اليوم التاريخي، يمثّلُ حدثاً محورياً لتأكيد مكانة اللغة العربية وأهميتها بين اللغات العالمية عنصراً لهوية الناطقين بها، وأداة تواصل وتخاطب وتعبير، لما تتمتع به من جماليات تفردت بها في الفكر والشعر، والنثر والأدب.

وفي هذا اليوم، نعبّرُ عن اعتزازنا بلغتنا، لغة الإعجاز التي خطّت إرث بلاد وصنعت سيرة الحضارة، نحتفل بها، بزخرف مفرداتها، وإبداع حروفها، بغناها اللامحدود، بثراء مبانيها، وعمق معانيها، شاهدة على وجودنا، ومرآة لهويتنا.

ونحنُ، وإن كنا نشهد اليوم تحدياتٍ لا بد من الوقوف عندها لاستكشاف الفرص الكامنة فيها، في مجالات التعليم والعلوم، والفنون بجميع أشكالها، والصناعات الثقافية والإبداعية، واستخدامات اللغة العربية فيها، وصولاً إلى تمكينها لغةً عالمية، فإننا نؤمن بالإمكانات العظيمة لهذه اللغة الخلاقة، وبتكاتف الدول العربية مجتمعةً في سبيل إحياء الدور الحضاري للعرب، متسلحين برؤية قيادتنا الرشيدة في الإمارات، في تمكين اللغة العربية عبر إقرار ميثاق وطني لها منذ عام 2012، وتشكيل مجلس استشاري خاص بها، ترجمةً لهذا الميثاق.

وإننا في مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، نجدد التزامنا في إطار مبادرة «رواق الأدب والكتاب»، برفد المحتوى العربي الإبداعي والأدبي، عبر تقديم مجموعة من الإصدارات الأدبية سنوياً، بالشراكة مع اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ودور النشر الإماراتية، بهدف تحفيز الإبداع الأدبي والإنتاج الفكري والمعرفي، ودعم المؤلفين الشباب وصناعة النشر والاحتفاء بالإرث الثقافي العريق لأمتنا العربية.

كما ندركُ ما للغة من دور في تطوير وصقل مهارات الشباب، بالتمكين لشخصياتهم الابتكارية العاشقة للغتهم والمعبّرة بها، والمنفتحة على العالم بلغةِ تواصلٍ تخاطب العقول والقلوب، بالتواصل الإنساني والتضامن، كما ندرك ما للترجمة من دور مهم تلعبه في نقل المعارف من العربية وإليها، لتعود من جديد جسراً لحوار وتواصل الثقافات والمجتمعات، ومنصةً للتلاقي، بقيم التسامح التي ميّزت العرب في أزهى عصور حضارتهم، وهنا أقتبسُ مقولة الشاعر الكبير الراحل محمود درويش ووصفه المبدع للغته العربية أداةً لتفهُّم الاختلاف الثقافي: «يا لغتي، ساعديني على الاختلاف لكي أبلغ الائتلاف».

وختاماً، نطلق دعوتنا للحفاظ على هذه اللغة التي منحها الله صفةً قدسيةً، و«إنّ من البيان لسحراً»، فلنَكن معاً نحافظ على لغاتنا ورُقيِّها وجمالِها، ننقلها إلى الأجيال القادمة، بحداثة فكر، وحرية تعبير، نعزّز الحراك الثقافي، ونمكن نهضة ومعارف، ونبني حضارة، لنحتفي بالكلمة، بروعة لغتنا العربية، مرددين مع حافظ إبراهيم شاعر النيل:

«أنا البحرُ في أحشائِهِ الدُّرُّ كامِنٌ/ فهل سألوا الغوّاصَ عن صَدَفاتي».

* مؤسس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"