عادي

قطاع التجزئة في هونج كونج يئن تحت ضربات «كوفيد-19»

20:08 مساء
قراءة 4 دقائق

سددت ثلاث سنوات من الاحتجاجات التي أعقبها «كوفيد- 19» ضربة موجعة لتجار التجزئة في هونج كونج الذين لطالما اعتمدوا على السياح الصينيين من البر الرئيسي.

فبعدما تباهت هونج كونج في الماضي بإيجارات المحال لديها التي كانت تعد بين الأعلى في العالم، تراجع القطاع بشكل كبير في المدينة.

لكن شوينغ شوي، وهي أول بلدة تقع عبر المعبر الحدودي البري الرئيسي، سارعت إلى استغلال الفرصة لتطوير اقتصادها المحلي.

كانت شوينغ شوي، معروفة باعتبارها مكاناً يمكن فيه شراء منتجات من دون ضرائب لإعادة بيعها في البر الصيني الرئيسي، في إطار عملية تعرف بالتجارة الموازية.

قالت يوجين تشان (22 عاماً) التي تقطن المنطقة منذ طفولتها: «ترتبط انطباعات الناس عن شوينغ شوي بالتجارة الموازية والبر الصيني الرئيسي».

وتستذكر تشان، الأرصفة المكتظة بأشخاص يملؤون أمتعتهم بالمستحضرات وحليب الأطفال أو الأدوات المنزلية لسد الطلب الهائل عبر الحدود.

لكن كل ذلك اختفى غداة الاحتجاجات الضخمة المطالبة بالديمقراطية التي أعقبتها تدابير إغلاق للحدود على خلفية تفشي الوباء.

وفي يناير/كانون الثاني 2019، قبل اندلاع الاحتجاجات بمدة قصيرة، بلغ عدد القادمين من البر الرئيسي ذروته (5,5 مليون)، وهو رقم لافت علماً بأن هونج كونج يبلغ عدد سكانها 7,5 مليون نسمة.

وبعد عامين، انخفض هذا العدد إلى أقل من 3000 شخص.

انخفاض هائل

قال كبير مديري الأبحاث والاستشارات لدى «سافيلز» سايمن سميث ل«فرانس برس»: «إنه انخفاض هائل في الطلب. رفعت موجة الإنفاق من البر الرئيسي، خصوصاً تلك التي تركّز على المنتجات الفاخرة والساعات والمجوهرات وسلع المصمّمين، الإيجارات إلى مستويات قياسية عالمياً».

وكانت أحياء التسوّق الشهيرة في هونج كونج، تتباهى في الماضي ب«شوارع ذهبية»؛ حيث إيجارات المتاجر أغلى من مثيلتها في شارع «فيفث أفنيو» في نيويورك.

وقال سميث إن إيجارات المتاجر في المناطق الأبرز خضعت ل«تصحيح جوهري» وتراجعت إلى مستويات عام 2003، بانخفاض نسبته أكثر من 75 في المئة عن مستويات الذروة التي سجّلت عام 2013.

جوانب مشرقة

وأشار محللون إلى إعادة موازنة لصالح الاستهلاك المحلي؛ إذ اشترت أعمال تجارية أقل كلفة بعض المتاجر الواقعة في أحياء التسوق الأهم.

ففي منطقة فسيحة وسط هونج كونج تدعى «سنترال»؛ حيث إيجارات المحال من بين الأعلى في العالم، حلّت مكان علامة «إم سي إم» التجارية الفاخرة سلسلة المنتجات الرياضية «ديكاثلون» التي استأجرت الموقع لقاء 103 آلاف دولار شهرياً (أي بخصم تبلغ نسبته 70 في المئة)، وفق تقارير إعلامية.

وانخفضت الإيجارات كذلك في «كوزواي باي»، وهو حي تسوّق آخر عرف بارتفاع إيجاراته بشكل كبير.

وأما في شيونغ شوي، فاستغل أصحاب مشاريع على غرار دريم لو الفرصة لإطلاق أعمال تجارية موجهة أكثر للسكان المحليين، فاختار فتح متجر للبقالة.

وقال لو ل«فرانس برس»: «خلال فترة ازدهار (السياحة من البر الرئيسي)، كانت ما بين 80 إلى 90 في المئة من الأعمال التجارية في منطقة شوينغ شوي للتسوق تستهدف العاملين في التجارة الموازية».

وأضاف أن الإيجارات المرتفعة كانت تعني بأن الأعمال التجارية الموجهة للسكان المحليين، مثل متاجر المعدات والكتب وصالات السينما، لن تتمكن من الصمود.

وقال: «كنا نشعر بأن المنطقة ليست لنا، بقي الوضع على هذا الحال لسنوات».

أعمال وليدة

وأجج الوضع الاقتصادي في البلدات الحدودية مثل شوينغ شوي، الاحتجاجات منذ عام 2012 وكان عاملاً مهماً أسهم في تصعيد التوتر بين الصين وهونج كونج على مدى العقد المنصرم.

وعندما بدأ الوباء، رأى لو جانباً مشرقاً تمثّل في انخفاض الإيجارات ليفتتح «بيووتر مارت» الذي يركّز على منتجات «صنعت في هونج كونج».

ويمثّل متجره، إلى جانب مقهى ومشغل قريب للخزف، موجة أعمال تجارية وليدة تسعى للاستجابة إلى الطلب المحلي.

وقال لو: «آمل بأن يكون بإمكان سكان شوينغ شوي العودة للإقامة والإنفاق هنا».

مستقبل ضبابي

وتجري هونج كونج، التي سارت على خطى الصين في تبني سياسة صارمة للغاية للسيطرة على «كوفيد- 19» مفاوضات لاستئناف السفر بشكل طبيعي، لكن بشكل محدود مع البر الرئيسي.

وتكشف الاستطلاعات عن أن العديد من سكان هونج كونج، متحمّسون لعبور الحدود سواء من أجل التجارة أو السياحة أو للقاء أفراد عائلاتهم.

إلا أن سميث، لفت إلى أن مقترح حكومة هونج كونج بشأن حصة يومية تشير تقارير إلى أنها تبلغ حوالى ألف شخص، لن يكون لها أي تأثير كبير على زيادة إنفاق السياح ليعود إلى مستويات ما قبل الوباء.

وعشية إعادة فتح الحدود، ما زال غير واضح إن كان اقتصاد التجزئة في هونج كونج سيعود إلى نموذجه المعتمد على البر الرئيسي أم أنه سيقوم على مسار مستقبلي جديد.

لكن تشان، قالت إن إغلاق الحدود لن يكون إلا توقفا وجيزاً، معربة عن خشيتها من عودة التجارة الموازية إلى سابق عهدها. وأكدت أنها ستركّز حالياً على الحاضر.

وقالت: «وأخيراً أعرب أحد أصدقائي عن الرغبة في القدوم لزيارة شوينغ شوي، لتجربة أحد المطاعم.. إنه تغيير جيد».

وأضافت: «الأجواء لم تعد خانقة أو مربكة، بالعكس نشعر بأننا مجتمع صغير. أعتقد بأن الجميع يشعرون بارتياح أكبر». (أ ف ب)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"