عادي
الفيروس يعصف بأحلام 1.6 مليار طالب

«كورونا» يقطع أنفاس التعليم في دول العالم الثالث

00:05 صباحا
قراءة 12 دقيقة
جانب من الطلبة الذين يعانون الحرمان من التعليم

تحقيق: محمد إبراهيم

لا يخفى على أحد حجم الأضرار والآثار السلبية التي جلبتها جائحة كورونا على المجتمعات كافة؛ إذ طالت جميع المجالات والقطاعات، ولم يسلم من أضرارها أحد، فقد التهمت الأخضر واليابس، وأغلقت الحدود وألزمت الجميع بالبقاء في البيوت، لتصيب الحياة بشلل تام فتلهث البلدان والحكومات، سعياً إلى إيجاد لقاح «النجاة» من أثار الفيروس التاجي.

عامان والعالم يعيش مأساة «كوفيد 19»، المحاولات لم تتوقف يوماً أملاً في عودة الحياة من جديد، وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي أصابت القطاعات كافة، فإن خسائر التعليم على مستوى العالم كانت الأكبر والأعظم، ويكفي أن «كورونا» فرضت على 1.6 مليار طالب وطالبة الانقطاع عن التعليم لتضع الجميع في مأزق حقيقي.

دراسات وتقارير دولية تزاحمت على رصد الإحصائيات والأرقام حول الطلبة المحرومين من التعليم بسبب كورونا الذي تسبب بإغلاق مدارسهم، في وقت كان فيه التعليم يعاني في الأساس قبل الجائحة، وكان لدينا أكثر من 250 مليون طفل خارج المدارس، و800 مليون بالغ يعاني الأمية والجهل، والآن نجد أن الأعداد تتزايد بشكل مقلق؛ إذ بات لدينا نحو 94% من الطلبة في أكثر من 191 دولة، لا يقوى أحد منهم على مواصلة التعليم. وزراء وخبراء ومسؤولون ووجهات دولية، وصفوا الوضع الراهن للتعليم العالمي ب«الكارثة» الحقيقية، لاسيما أن الملايين من طلبة الدول الفقيرة والمتوسطة، حرمهم كورنا من حق التعليم، ولم تتمكن حكومات بلادهم من إيجاد طرائق بديلة توفر لهم العلوم والمعارف، بسبب تواضع إمكانياتها وعدم جاهزيتها مادياً ورقمياً ولوجستياً.

تراجع الإنفاق على التعليم خلال الأزمة، أفرز خطورة كبيرة على مستقبل الأجيال التعليمي، في وقت أجمعت فيه الآراء والتقارير والدراسات العالمية على أن التعليم العالمي يئن، ومنابر العلم تدق ناقوس الخطر، وتنشد حماية الأجيال، وحذروا من النتائج الوخيمة التي قد تفرزها تلك الأزمة التي قد تقود الأطفال والشباب إلى الضياع والتشرد، وسقوطهم في ظلمة الجهل والأمية وعدم تمكينهم من التعليم.

«الخليج» تحاول تشخيص واقع المشهد التعليمي عالمياً، وأبرز المخاطر التي تهدد منابر العلم، وكيف تتعاطى قيادات التعليم والخبراء مع الخطر الذي يهدد ميادين العلم، وأهم المعالجات للمضي قدماً نحو تعليم الأجيال من دون انقطاع.

قبل أن نذهب إلى قراءة المشهد التعليمي العالمي في الوقت الراهن، علينا أن نعود قليلاً إلى الوراء، لنرى أن المعاناة ليست جديدة على هذا القطاع الذي عانى كثيراً قبل مجيء الجائحة، من تحديات تتعلق بعدم الوفاء بالوعود التي تجعله متاحاً كحق أساسي لكل إنسان، وعلى الرغم من التشديد على أهمية الالتحاق بالتعليم في الصفوف المبكرة في معظم البلدان، فإن تقارير دولية أظهرت أن هناك أكثر من 250 مليون طفل خارج المدارس، ونحو 800 مليون بالغ يعانون الأمية والجهل، وفقاً لما جاء في تقرير الأمم المتحدة حول «سياستي التعليم أثناء الجائحة وما بعدها».

واليوم أتم العالم عامين وهو يعيش تحت وطأة أزمة كورونا؛ إذ فرضت تداعياتها على دول العالم، حالة توقف كامل في المجالات كافة، وبسببها أُغلقت الحدود، وخيّم الصمت على المجتمعات، والتزمت الشعوب والحكومات البيوت، لتجنب الإصابة بالفيروس التاجي الذي أربك البشرية في كل ربوع الأرض.

التهمت الجائحة الأخضر واليابس، وأضرت بجميع القطاعات، ولم تستثن قطاعاً، وألزمت الجميع بقيود وإجراءات وبروتوكولات، وبدأت معها الحكومات والمجتمعات رحلات متسارعة بحثاً عن العلاج لمواجهة الفيروس وآثاره، أملاً في العودة السالمة إلى الحياة الطبيعية.

مخرجات الجائحة

الأضرار التي أصابت قطاع التعليم ومنابر صناعة الأجيال عالمياً، كانت الأبرز في مخرجات الجائحة على مدار عامين؛ إذ شهد التعليم أكبر انقطاع في تاريخ البشرية وطالت آثار كورونا السلبية الطلبة والمعلمين حول العالم، بدءاً من مرحلة ما قبل التعليم الابتدائي مروراً بالمدارس الثانوية، وصولاً إلى مؤسسات التعليم والتدريب التقني والمهني والجامعات.

ومع وجود كورونا ومضاعفاتها ومتحوراتها، بات ما يقرب من 94% من الطلبة على مستوى العالم، محرومين من التعليم بعد أغلقت مدارسهم «كلياً أو جزئياً»، لاسيما أن قدرة الاستجابة لإغلاق المدارس اختلفت بشكل هائل بين الدول، بحسب مستوى التنمية. فعلى سبيل المثال، كان هناك 86% من الأطفال في التعليم الابتدائي خارج المدارس في البلدان متدنية المستوى في التنمية البشرية، مقابل 20% فقط في البلدان عالية المستوى.

أعداد متزايدة

عمليات الرصد تؤكد أن أعداد المحرومين من التعليم حول العالم تزداد يوماً بعد آخر، والمخاطر التي تهدد مستقبل الأجيال تتسع دائرتها، فهناك بلدان لديها الإمكانيات والبنية التحتية والرقمية الجيدة التي تمكن التعليم من مواصلة مسيرته، فانطلقت لتطبق نمط «التعلم عن بعد»، وتوفر منصاته المتخصصة التي تعمل على مدار الساعة لنقل العلوم والمعارف إلى جموع الطلبة في مختلف المراحل، ولكن تعرقلت بلدان كثيرة؛ إذ ظلت مدارسها مغلقة حتى الآن، ومنابر العلم فيها تدق ناقوس الخطر، بسبب تواضع إمكانياتها، وغياب مقومات عمل البيئة الرقمية.

أما الجهات الدولية المعنية بالتعليم حول العالم، فظلت طول فترة الجائحة وما قبلها تناشد البلدان والحكومات لإنقاذ منابر العلم وحماية مستقبل الملايين من الأطفال من أهوال الجهل والأمية.

مرتكزات الخطورة

الحقائق التي تم طرحها تعد جزءاً بسيطاً من الواقع الذي تعيشه المجتمعات، فالكلمات تعجز على وصف الحالة الراهنة لأبنائنا الطلبة في مختلف بقاع الأرض في ظل هذه الأزمة، فهناك ثلاثة مرتكزات للخطر الحقيقي الذي يهدد التعليم ومنابره وفئاته حول العالم في الوقت الراهن، أبرزها «إغلاق المدارس وقرار العودة الذي مازال يتأرجح»، نظراً لعدم جاهزية معظم الدول تقنياً، مما أفقدها القدرة على اختيار النمط التعليمي الذي يناسب طلابها وإمكانياتها، في وقت مازالت فيه الأزمة الصحية العالمية في قمة نشاطها، على الرغم من المحاولات المستمرة للقضاء على الفيروس التاجي.

وفي ظل الجائحة وآثارها وما تسببت به من خسائر فادحة في مختلف المجالات في جميع دول العالم، ظهر تراجع كبير في نسب تمويل الدول للتعليم، الأمر الذي دفع بالمنظمات والجهات الدولية المعنية بالتعليم إلى إعلان «حالة الطوارئ»، ورفع سقف الإغاثة لإنقاذ العلم وحماية الأجيال.

التحول أو التطوير «الجبري» يعد التحدي الأكبر لجميع دول العالم، بعد مجيء كورونا بتداعياته وآثاره؛ إذ إنه لا مجال سوى للبحث عن نظم تعليمية بديلة تستطيع أن تستمر في ظل الجوائح والأزمات. وتكمن الإشكالية هنا في عدم قدرة بعض الدول على هذا التحول، لنقص قدراتها وإمكانياتها وموارد وجاهزيتها، وهنا يكمن الخطر في التعليم في تلك البلدان وأبنائها، وهذا يلزم المجتمع الدولي بتضافر الجهود والخطط والرؤى من أجل الملايين الذين يعيشون من دون تعليم.

المشهد التعليمي

وفي وقفة مع جوليا جيلارد، الرئيسة سابقاً للشراكة العالمية من أجل التعليم، رئيسة وزراء أستراليا السابقة، عن رؤيتها لمشهد التعليم العالمي، أكدت أن أزمة كوفيد 19 تعد أكثر الحالات الطارئة تأثيراً في قطاع التعليم في التاريخ الحديث، حيث تنطوي على احتمالية توسيع الفجوة التعليمية بين الأطفال الفقراء والأغنياء وترسيخ مبادئ عدم المساواة.

وفرض فيروس كورونا العديد من التداعيات على المجتمعات في مختلف دول العالم، وطالت آثاره المجالات كافة، وتوقفت معه عجلة الإنتاج في معظم القطاعات، ومن بينها قطاع التعليم الذي أُغلقت فيه المدارس والجامعات على مستوى العالم.

وجاءت الجائحة لتعصف بطموحات أكثر من مليار طالب، منهم 168 مليون حتى الآن، خارج التعليم بسبب آثارها الجمة، وأكثر من 888 مليون طفل في جميع أنحاء العالم ما زالوا يواجهون اضطرابات في تعليمهم، بسبب الإغلاق الكامل والجزئي للمدارس.

آثار مباشرة

وأجمع الخبراء: الدكتور عبدالله مصطفى، والدكتور وافي حاج، والدكتورة رحاب الجابر، على أن هناك 3 آثار مباشرة تنعكس على الأطفال والطلبة وتثير القلق لدى الجميع في الوقت الراهن، تكمن في خسائر التعلم، وزيادة معدلات التسرب من الدراسة، وانعدام المساواة في النظم التعليمية في معظم البلدان.

وأكدوا أن العالم يواجه أزمة حقيقية في مجال التعليم؛ إذ تؤثر الجائحة في أكثر من 250 مليوناً من الأطفال المحرومين من التعليم، الأمر الذي يؤكد الحاجة الملحة إلى تمويل التعليم بشكل أكبر وأفضل، مع الوضع في الاعتبار ضرورة إيجاد آليات جديدة مبتكرة تعزز مستويات التمويل المحلي والتبرع العالمي، معتبرين أن مسؤولية تعليم الأجيال حول العالم لا تنطوي على بلد بعينه، بل مسؤولية تشمل جميع البلدان والحكومات.

وقالوا: «أصبح التمويل الإضافي في مجال التعليم أكثر أهمية من أي وقت مضى، لضمان عدم ضياع المكاسب المحرزة بجهود مضنية لتعليم الفتيات وإبقاء ملايين الأطفال في المدارس وتكييف التعليم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين».

الصورة
1

تحديات ما بعد الأزمة

البروفيسور عمار كاكا عميد ونائب رئيس جامعة هيريوت وات دبي، كشف لنا عن تحديات جديدة يصدم بها قطاع التعليم في السنوات القليلة المقبلة، أبرزها الفجوة بين المهارات المتاحة خلال الدراسة الجامعية للجيل الراهن، والمهارات المطلوبة في سوق العمل؛ إذ إن التحول الرقمي سيضعف فرص الخريجين الجدد في الحصول على وظيفة، في حال عدم قدرتهم على صقل مهاراتهم بالشكل الكافي، مؤكداً ضرورة توفير مناهج تعليمية مرنة ومتطورة وبرامج متخصصة للخريجين تضمن تأهيل الجيل الحالي لمواكبة متطلبات سوق العمل الراهن، الذي يعتمد بشكل كبير على الرقمنة والذكاء الاصطناعي. وشدد على أهمية دور مؤسسات التعليم في رصد الفجوة في المهارات والتركيز على سدها من خلال مناهج تعليمية مرنة، وبرامج صقل المهارات عقب التخرج، فضلاً عن الاستناد إلى وسائل البحث والابتكار والتكنولوجيا المتطورة للطلبة الراغبين في الارتقاء بمهاراتهم، لتذليل الصعوبات لحديثي التخرج في تلك الفترة.

لم تكن التحديات لتحاكي الخريجين فحسب، ولكن البروفيسور عمار كاكا، أكد أن التعليم في عصر الرقمنة عقب الجائحة، يحمل صعوبات للأساتذة والمعلمين الذين تقع على عواتقهم مسؤولية التطوير المهني المستمر، والقدرة على التكيف مع المستجدات ومواكبة التطورات، والتحلي بالمرونة في تلك المرحلة الفاصلة، والبحث الدائم عن أحدث الأساليب، والمشاركة في إعداد المناهج التي تمكن الطلبة من اكتساب المهارات الحديثة والابتكار.

التغيير السريع

وقال إن التغيير السريع والمستمر في المناهج التعليمية يشكل أحد أهم تحديات الوقت الرهان؛ إذ إن التغير لا يأخذ الوقت الكافي لوضع المؤشرات اللازمة وقياس جودة وفاعلية تلك المناهج المستحدثة ومخرجاتها، موضحاً أن التنقل السلس للخريجين بين بيئة عمل تقليدية وبيئة عمل حديثة، يعد تحدياً جديداً، إذ إن «الحديثة» متغيرة تستند إلى الرقمنة والابتكار بشكل مستمر، وهنا تشكل القدرة على التكيف والابتكار، المهارة الأساسية التي ينبغي أن يتقنها جميع المتعلمين في الوقت الراهن.

وأوصى بضرورة تحديث المناهج والبرامج التعليمية وأساليب البحث كافة، لسد الفجوة بين ما يدرسه الطلبة وما يحتاج إليه سوق العمل في الغد القريب، لاسيما الطلبة الذين أوشكوا على التخرج في تلك المرحلة.

جهود دولية

وعلى الرغم من صعوبة المشهد وقسوة التداعيات، فإن هناك جهوداً دولية كبيرة تركز على إيصال التعليم للطلبة في مختلف ربوع الأرض شرقها وغربها، والمحافظة على منابر العلم مضيئة بمعارفها وعلومها؛ إذ ركزت الشراكة العالمية من أجل التعليم من خلال حملة «ارفع يدك» المستمرة حتى 2025، على جمع 5 مليارات دولار لتعليم أكثر من مليار طالب وطالبة في 90 دولة؛ إذ تدعو المبادرة قادة العالم للمشاركة والتحفيز على عملية تغيير وتحويل نظم التعليم التي تحتضن أكثر من 80% من أطفال العالم المنقطعين عن التعلم.

في الأمس القريب، بعثت فينا الأمل من جديد، مخرجات ومبادرات وتوصيات قمة ريوايرد التي جمعت تحت مظلتها رؤساء دول ووزراء وخبراء من 60 دولة حول العالم، حيث ركزوا على سبل تطوير أنظمة التعليم وضمان توفير فرص التعلم للجميع. وجاءت مبادرة التمويل الذكي التي جمعت الشراكة العالمية من أجل التعليم، والبنك الإسلامي للتنمية، لتوفر نصف مليار دولار لتمويل التعليم في 37 دولة تنتمي لمنظمة التعاون الإسلامي، والتي تشهد تغيّب 28 مليون طفل.

تمويل مبتكر

وتعد المبادرة آلية تمويل مبتكرة تؤمن 4 دولارات لكل دولار بالاعتماد على أداة مالتيبلاير التمويلية المبتكرة والخاصة بالشراكة العالمية من أجل التعليم، لجمع ما يصل إلى 400 مليون دولار، فيما تركز الجهتان على تأمين نحو 500 مليون دولار لتوفير التعليم في تلك الدول.

ويعد تصديق 19 من قادة الدول والحكومات على بيان القمة، الذي يعد بمثابة تعهد لتأمين ما يعادل 200 مليار دولار لتمويل التعليم خلال السنوات الخمس المقبل، مؤشراً إيجابياً يدعو إلى التفاؤل من جديد؛ إذ يبث في نفوس الأجيال الطمأنينة والأمل، لاسيما الذين حرمهم كورونا من مواصلة تعليمهم.

الدكتور جاكايا مريشو كيكويتي، رئيس مجلس إدارة الشراكة العالمية من أجل التعليم، الرئيس السابق لتنزانيا، يرى أن التمويل الذي توفره المبادرة يساعد الحكومات على حل تحديات التعليم، وتأمين تمويل إضافي بشروط أفضل، مع الحرص على استثمار هذه الموارد في برامج تعليم فعالة ومستدامة، في وقت يواجه فيه العالم أزمة شديدة في مجال التعليم تؤثر في أكثر من 250 مليوناً من الأطفال المحرومين من التعليم.

العمل معاً

ويرى مايكل كوتشير المدير العام للمؤسسة الآغا خان، ضرورة إقامة شراكات جديدة تُسهم في ضمان توفير دعم دائم للمتعلمين والتربويين المهمشين في جميع أنحاء العالم؛ إذ إن جودة التعليم الذي يحصل عليه الجيل التالي من الطلاب تظل العنصر الأساسي في إحراز التقدم العالمي، لذلك نتطلع قدماً إلى الانضمام إلى الشركاء الآخرين، لكي نعمل معاً على التفكير بطريقة مختلفة ونخطط بأسلوب شامل للجميع، وننشط على نطاق أوسع لضمان توفير تعليم عالي الجودة للجميع.

التعليم عبر الهاتف

هل تعلم أن قيمة التعليم عبر الهاتف المحمول بلغت نحو 37.6 مليار دولار، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة سوق التقنية التعليمية في دولة الإمارات 40 مليار دولار في عام 2022. ويواصل سوق تقنيات التعليم نموه، ومن المتوقع أن يصل حجمه عالمياً إلى 341 مليار دولار بحلول عام 2025.

لا قراءة ولا فهم

أظهر مؤشر البنك الدولي عن «فقر التعلم» أن نسبة الطلاب الذين لا يستطيعون القراءة أو الفهم في سن العاشرة بلغت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل قبيل تفشي الفيروس 53%، في وقت نعاني فيه بالفعل أزمة تعليمية عالمية؛ إذ إن كثيراً من الطلبة في المدارس، لا يتلقون المهارات الأساسية التي يحتاجون إليها في الحياة العملية.

منظمات حقوقية

شددت منظمات حقوقية على أهمية دور الحكومات في تلك الفترة، والعمل بسرعة لإصلاح الضرر الذي لحق بتعليم الأطفال في أعقاب الاضطراب غير المسبوق الناجم عن تفشي الفيروس، بحسب مجموعة تقارير متنوعة تستكشف الحواجز الشائعة أمام التعليم والتي تفاقمت خلال الوباء.

حالة إرباك

من نتائج حالة الإرباك التي سببتها أزمة كوفيد 19 للحياة اليومية، أن 40 مليون طفل في جميع أنحاء العالم قد فاتتهم فرص التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في السنة الحرجة السابقة للتعليم المدرسي، وهكذا فقدوا الوجود في بيئة محفزة وثرية، وفاتتهم كذلك فرص التعلم والتفاعل الاجتماعي، بحسب تقرير الأمم المتحدة حول أضرار الجائحة.

أشد البلدان فقراً

لم يتمكن 40 في أشد البلدان فقراً من دعم طلبة العلم المعرضين للخطر خلال أزمة كوفيد 19، وأظهرت التجارب السابقة أن هناك اتجاهً لإغفال أوجه التفاوت في التعليم وانعدام المساواة بين الجنسين في جهود التصدي لتفشي المرض، في وقت لا تراعي استراتيجيات التعلم عن بعد دائما، الأطفال ذوي الإعاقة الذين كانوا مهمشين بالفعل قبل تفشي الوباء.

المهمشون والتعليم

أوضحت دراسة للأمم المتحدة أن الأطفال اللاجئين والمشردين قسراً، يزدادون تهميشاً وحرماناً من الحصول على خدمات الدعم المقدمة، من المدارس، مثل الوجبات المدرسية وبرامج الدعم النفسي والاجتماعي، وأكثر طلبة العلم ضعفاً هم الذين يعانون ضعفاً في مهاراتهم الرقمية، والأقل قدرة على الاستفادة من حلول التعلم عن بعد التي يتم تنفيذها أثناء إغلاق المدارس.

من المسؤول؟

إن مسؤولية تعليم الأجيال حول العالم، ليست فردية، ولا تحاسب عليها حكومة بعينها أو دولة بذاتها، ولكنها مسؤولية تقع على عاتق العالم بكامله: بلداناً وحكومات وشعوباً، وإذا أردنا أن نحمي أبناءنا من ظلمة الجهل والأمية والتشرد والضياع، فعلينا بتضافر الجهود والإخلاص لتوفير التعليم للجميع مهما كانت الظروف والمسببات، وحماية منابر العلم لتظل مضيئة بنور العلم والمعرفة.

نموذج مشرق

على الرغم من ظلمة الأزمة التي تواجه التعليم حول العالم، فإن الإمارات تعد نموذجاً مشرقاً ولد من رحم الجائحة، حيث أدارت الأزمة بحكمة واحترافية، لتحافظ على استمرارية عمل منابر العلم، وسخرت الإمكانيات ووظفت التكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعي، لتبني منظومة مطورة، خرجت من رحمها قطاعات تألقت في أدائها خلال الجائحة، ومكنت مليوناً و119 ألفاً و527 طالباً وطالبة في المدارس، و131 ألفاً و309 متعلمين جامعيين، و141 ألفاً و291 معلماً وإدارياً وفنياً في المدارس، و20 ألفاً و032 عضواً في الهيئات في الجامعات على مستوى الدولة.

حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، أكد أن منظومة التعليم في الإمارات، هزمت كورونا بالاستفادة من الممكنات وتوظيفها وفق مسارات ممنهجة ومدروسة؛ إذ استطاعت أن تجتاز الأزمة وتتغلب على تداعياتها، موضحاً أن الجاهزية التي تتمتّع بها منظومة الدولة التعليمية مكّنت الإمارات من تجاوز التحديات والصعوبات التي تسبّبت بها الجائحة، بسلامة، وإعادة التعليم الحضوري في المدارس والجامعات. وقال إن التعليم يتميز بقدرته على الاستفادة من التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة والمتغيرات التي تشهدها ميادين العلم. ففي دولة الإمارات اتخذ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، قراراً في عام 2012، بإطلاق مشروع وطني لتمكين التقنية في قطاع التعليم وإطلاق منظومة التعليم الذكي في الدولة، وينطوي هذا القرار على استشراف للمستقبل وفكر سابق لعصره.

«مدرسة في 1000 قرية»

«مدرسة في 1000 قرية»، مبادرة تابعة لمنصة المدرسة الإلكترونية ضمن مشاريع مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، قدمت دعماً كبيراً للطلبة في مخيمات اللاجئين بالأردن والقرى النائية التي تعاني ضعف البنية التحتية المناسبة للاتصال بالإنترنت، أو عدم توفر أجهزة تقنية خاصة في ظل إغلاق المدارس وتفعيل خطط التعليم عن بعد، إذ وفرت الأجهزة الإلكترونية الحديثة والتقنيات المبتكرة للطلاب، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وبالشراكة مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.

ووصلت المبادرة في إطار دعمها لطلاب العالم العربي وإفريقيا، إلى 630 قرية، واستفاد منها 15,668 طالباً ومعلماً في تلك القرى وتم توزيع 1052 جهازاً في شتى أنحاء هذه المناطق.

ووفرت «مدرسة» أجهزة لوحية ل62 طفلاً من أصحاب الهمم المسجلين في برنامج التعليم الشامل لليونيسيف في مخيمات اللاجئين بالأردن.

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"