عادي
على هامش الحكاية

حادثة سرقة تحضر في أشهر عمل أدبي

23:18 مساء
قراءة دقيقتين
6

الشارقة: «الخليج»

بعض التفاصيل الصغيرة والمشاهد العابرة التي لا تلفت انتباه الناس العاديين، تصبح مادة للفنانين والأدباء، يرفعون من قيمتها لتتحول إلى تحفة فنية أو لوحة عامرة بالجمال أو رواية خالدة، وذلك يشير إلى قوة الملاحظة وحسن الالتقاط والحساسية التي يتمتع بها المبدعون دون غيرهم، وذلك الأمر هو ما فعله أحد أشهر كتاب الرواية العالمية عندما حوّل حادثة صغيرة إلى عمل أدبي لايزال الناس يقبلون عليه حتى اليوم.

رواية البؤساء تعتبر من أعظم الأعمال السردية، وهي من الكلاسيكيات الخالدة التي ظل صداها يتردد عبر السنوات، كتبها الروائي الفرنسي الشهير فيكتور هوجو (1802 1885)، الذي يعتبر من أبرز أدباء فرنسا في الحقبة الرومانسية، وتُرجمت مؤلفاته إلى أغلب اللغات المنطوقة.

نشرت رواية هوجو «البؤساء» لأول مرة سنة 1862، وتعد من أشهر الأعمال السردية طوال القرن التاسع عشر، وفيها يصف هوجو وينتقد الظلم الاجتماعي في فرنسا في مراحل تاريخية مهمة من حياة الفرنسيين الاجتماعية والسياسية، حيث يصور الكاتب المعاناة التي عاشها الفرنسيون من خلال شخصية «جان فالجان» الذي عانى مرارة السجن وعانى أيضاً بعد خروجه منه.

واشتهرت الرواية كذلك، بمقدمتها الرائعة التي اعتبرت مرافعة في الحقوق والمساواة والعدالة؛ إذ يقول فيها هوجو: «تخلق العادات والقوانين في فرنسا ظرفاً اجتماعياً هو نوع من جحيم بشري. فطالما توجد لا مبالاة وفقر على الأرض، كتب كهذا الكتاب ستكون ضرورية دائماً»، وتصف البؤساء حياة عدداً من الشخصيات الفرنسية على امتداد القرن التاسع عشر، مركزة على شخصية السجين السابق جان فالجان الذي يتعرض لظروف صعبة لكنها لم تغير شخصيته وروحه الطيبة، على الرغم مما وجده من ظلم من الناس الذين كانوا ينظرون إليه كمجرم وضال، وتعرض الرواية كذلك، طبيعة الخير والشر والقانون في قصة أخاذة تظهر فيها معالم باريس، والأخلاق والفلسفة والقانون، والعدالة والدين وطبيعة الرومانسية والحب العائلي.

والأمر الذي ربما لا يعرفه الكثيرون أن هوجو استوحى تلك القصة من مشهد حقيقي حدث أمام عينيه؛ إذ شاهد لصاً يسرق رغيف خبز في باريس، وكان ذلك عام 1829، ويعمل أحد رجال الشرطة على اللحاق باللص، وتتكلل تلك المطاردة المثيرة بالقبض على السارق واقتياده إلى عربة الحجز، وهو المشهد الذي ظل عالقاً في ذهن هوجو، ويلح عليه في كل مرة بالكتابة عنه إلى أن تكلل الأمر بظهور تلك الرواية الخالدة والتحفة السردية، وبطلاها هما اللص جان فالجان، والشرطي الذي طارده، جافيير. ويصف هوجو في الرواية صراع جان فالجان من أجل أن يعيش حياة طبيعية بعد أن حُكِم عليه بالسجن تسعة عشر عاماً لسرقة الخبز، لا لنفسه؛ بل لإطعام أُسرة شقيقته، وقد حُكم خمسة أعوام للسرقة وأربعة عشر عاماً لمحاولات الهرب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"