عادي

الرزاق جلّ جلاله

23:16 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل
يتقلّب الإنسان في الدنيا بين مخاوف عدة، أبرزها ما يتعلق بمسألة الرزق والخوف من فواته؛ لذا نرى بعضهم يخشى أن يُقال من عمله، خشية فقدان مصدر رزقه، لكننا لو عدنا إلى أسماء الله الحسنى، لوجدنا أن من بينها اسم الله (الرزاق)، وفي هذا الاسم طمأنة للعبد بأن رزقه مكتوب، ولن يستطيع أحد أن يمنعه إياه.

والرزاق صيغة مبالغة من الرزق. والرزق قد لا يكون مالاً؛ فالصحة رزق، والولد رزق، وحُسن السمعة بين الناس رزق، وحيازة العلم رزق، وأبواب الرزق كثيرة. ولكي نزداد طمأنينة أخبرنا ربنا أنه هو خالق السماوات والأرض وبيده رزق العباد { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58]، وأكد ذلك {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:22]، بل إنه أقسم بذاته بأن العبد لن يموت حتى يستكمل رزقه { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات:23]؛ لذا لا خشية من فقدان الرزق، لأن الله تكفل لعباده بأنه سيرزقهم، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها.

الرزاق، جل وعلا، يحثنا على أن نسلك أسباب الرزق ثم نفوض الأمر إليه، وهو قادر على رزقنا حتى لو لم نقم بذلك، ولكن ليعلمنا الأخذ بالأسباب { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك:15]، وقد علمنا النبي، صلى الله عليه وسلم، أن نعمل ونتوكل على الله، فعن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله؛ لرزقكم كما يرزق الطيرَ: تغدوا خماصاً وتروح بطاناً) أخرجه الترمذي.

ومن باب التخلق باسم الله الرزاق أن يُكثر العبد من الصدقة والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، وألا يخشى الفقر ونفاد المال {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين} [سبأ، الآية 39]، كما أن من باب التخلق به ألا ينكر العبد فضل ربه عليه، فيستخدم ما رزقه الله في المعصية، فقد عاب الله على صنيع هؤلاء {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}. [الواقعة: 82]، ومن باب التخلق به أن يسعى العبد للوقوف إلى جانب غيره فييسر له باب الرزق إن كان بإمكانه ذلك، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، وأسباب جلب الرزق كثيرة منها كثرة الاستغفار { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [ سورة نوح من 10 – 12]، ومن أسبابه تقوى الله { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}. [الطلاق:2-3].
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"