عادي

دفع الزكاة لغير المسلم

23:17 مساء
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
لو نظرنا إلى المجتمعات الإسلامية اليوم، لرأينا أنها مجتمعات إنسانية أكثر من أن تكون مجتمعات إسلامية، وذلك بسبب انصهار الأمم بعضها في بعض، ففي دولة خليجية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، تكثر الجاليات الأجنبية.

لذلك، فإن البيوت لا تخلو من الخدم غير المسلمين، وهؤلاء يعيشون بين أفراد العائلة وبين الخدم الآخرين من المسلمين، من غير أن تستطيع أن تفرق بينهم، وربما بعض من هؤلاء أكثر إخلاصاً من المسلمين ما يجعل أهل البيت يعطفون عليهم، ويجب أن يعاملوهم معاملة الخدم المسلمين، لأنهم إن لم يكونوا يتفقون معهم في الإسلام، فإنهم يتفقون معهم في الإنسانية.

من أجل ذلك، فإنه عندما يوزع المسلم زكاة ماله، ويعطي شيئاً منه للخدم المسلمين، يريد أن يعطي لغير المسلمين أيضاً وهم أهل كتاب.

لكن بعضهم يعترضون على ذلك بحجة أنهم غير مسلمين، فلا يجوز لهم أن يعطوا من الزكاة التي فرضت على أغنياء المسلمين، لترد إلى فقراء المسلمين، ويستدلون بأحاديث مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم»، أي أغنياء المسلمين وفقراء المسلمين.

ثم إن اليوم، وإن كان سكان البلد يصنفون إلى مسلم وغير مسلم، وغير المسلم منهم من هو أهل كتاب سماوي، ومنهم من ليس من أهل كتاب سماوي، إلا أن أهل الكتاب ليسوا هم أهل الكتاب الذين كان يقصد بهم في السابق (أهل الذمة)، أي الكفار غير الحربيين، وهم قوم بين ظهراني المسلمين، ويخضعون لسلطان دولة الإسلام، وتجري أحكام الإسلام عليهم.

نعم، لا يوجد أهل الذمة اليوم بالمعنى الصحيح، لكن يوجد من في حكمهم، فالخدم والعمال من أهل الكتاب، سواء كانوا في البيوت أو في المتاجر، يدخلون الدولة تحت كفالة أهل البلد والدولة مسؤولة عنهم.

هؤلاء يعيشون بيننا ويخدموننا كما يخدمنا المسلمون، فهم في حكم أهل الذمة متى كانوا كتابيين، ولا إثم علينا إذا أعطيناهم من صدقاتنا، لأن الإسلام لم ينهنا عن الإحسان إليهم بل قال: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»، الآية 8 من سورة الممتحنة، بل أجاز أبو حنيفة وآخرون، رحمهم الله تعالى، أن يعطوا من زكاة الفطر أيضاً.

ونقرأ في تفسير ابن كثير قوله حول تفسير قوله تعالى: «وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله».. الآية 272 من سورة البقرة، إن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه الله تعالى فقد وقع أجره على الله تعالى، ولا عليه لمن أصاب: البرّ أم الفاجر، أم مستحق أم غيره، فهو مثاب على قصده، ومستند هذا تمام الآية: «وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون»، الآية 272 من سورة البقرة، انظر «تفسير ابن كثير» ج4 ص349.

أما زكاة الأموال المفروضة، فالجمهور على أنه لا يجوز أن تعطى لغير المسلم، ودليلهم حديث معاذ رضي الله تعالى عنه: «إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم».

لكن يرد على الجمهور بأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يقسم في أهل الذمة من الصدقة والخمس، انظر «مصنف ابن أبي شيبة» ج4 ص40.

ويقول السرخسي من علماء الحنفية في كتاب «المبسوط» ج2 ص 202: إن زفر صاحب أبي حنيفة يجيز إعطاء الزكاة للذمي، وهو القياس، لأن المقصود إغناء الفقير المحتاج عن طريق التقرب وقد حصل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"