عادي

كيف حل الإسلام المشكلة الاقتصادية؟

23:15 مساء
قراءة 3 دقائق

أحمد حلمي سيف النصر
تبرز المشكلة الاقتصادية في وجود غنى غير مرشد وفقر غير معالج، فالرزق والرازق سبحانه كلاهما موجود والقوت مقدر في الأرض لقوله تعالى «وقدر فيها أقواتها»، لكن العمل والسعي في طلب الرزق مطلوبان وواجبان وبذلك ينتفي الرأي القائل بالندرة النسبية للموارد والحاجات اللامتناهية للأشخاص إذا راعينا أن الحاجات الإنسانية تجد حدها الأعلى في حظر الإسراف والتبذير والترف، فكلها أمور محرمة محذورة في المنهج الإسلامي، لأنها تدخل الفساد على السلوك الإنساني وتؤدي إلى إضاعة الأموال التي هي خير ونعمة وعصب الحياة.

إن حقيقة استخلاف الإنسان في الأرض تصلح كمنهج للفكر الاقتصادي وملكية وسائل الإنتاج، فكل نوع من أنواع الملكية يجب أن يؤدي دوره في المجتمع وإن اختلف نطاق كل نوع بما يتلاءم مع قواعد وضوابط الشرع التي تهدف إلى تحقيق مصالح الناس، فالملكية الخاصة لها وسائلها وأهدافها، والملكية العامة لها ضوابط لوجودها ونطاقها. وملكية الدولة لها أسبابها ووسائلها وضوابط لاستكمالها واستغلالها ومصارفها دون افتئات من أي نوع على الآخر وبذلك تكتمل دورة الإنتاج في المجتمع وفقاً لهذه الأنواع الثلاثة من الملكية.

ويأتي الاقتصاد الإسلامي لينظم علاقة الأشخاص بالمال في كسبه وإنفاقه وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، لأن المال جوهر الثروة والموارد المالية وتوزيعها هي محور الاقتصاد والكسب محور الإنتاج وما يتبعه من توزيع.

والإنفاق يشتمل على الإنفاق الاستهلاكي، الذي هو مؤدى العملية الاقتصادية وما يؤدي إليه كل من الكسب والإنفاق من التبادل في نطاق السوق وما يدور فيه من الأسعار والأثمان والقيمة ومن ثم إشباع الحاجات الإنسانية.

وفي هذا الإطار يتضح أن مفهوم الاقتصاد الإسلامي يعتمد على مناهج أصول الفقه والمبادئ الكلية والقواعد الفقهية ومن ثم يستخدم منهج الاستنباط في العلوم الرياضية لوضع الفروض في بناء النظرية الاقتصادية وكذلك يستخدم منهج الاستقراء التاريخي والإحصائي والتحليل الاقتصادي والتنبؤ واستخلاص النتائج والقوانين التي تحكم الظواهر الاقتصادية وبناء النظرية الاقتصادية وتكوينها والتي تمثل أداة من أدوات دراسة الواقع.

إن الإسلام يؤكد تحريم الكسب الربوي وأكل أموال الناس بالباطل وكل ما يؤدي إليه ويشدد على أنه يجب التقيد في الإنتاج بوجوب انحصاره في دائرة الحلال والنأي به عن دائرة الحرام. ومن ثم يجب أن تكون العملية الإنتاجية كلها في دائرة الحلال من حيث الهدف والمضمون والوسائل أيضاً وفي ذلك تطبيق للقيم الاقتصادية في المنهج الإسلامي؛ حيث يحرم كل نشاط اقتصادي ضار لعقيدة المسلم أو أخلاقه ومقوماته. وتطبيق ذلك ومراقبته في الاقتصاد الإسلامي سهلان ميسوران عن طريق التدخل المباشر للمحتسب وجهاز الحسبة والأجهزة الرقابية الأخرى، كما أن الإسلام يدعو إلى مداومة الإنتاج والاستثمار وإتقان العمل واتباع أحدث الفنون الإنتاجية ويحرم الاكتناز وينادي بتحقيق التكامل الاقتصادي بين أعضاء الأمة الإسلامية وتحقيق التوازن داخل الدولة الواحدة.

إن السوق في الاقتصاد الإسلامي يحل فيه الإيثار محل الأثرة ويحرم فيه الربا والاحتكار والغش والغرر والنجش وكل صور إفساد السوق وأكل أموال الناس بالباطل.

وفي الاقتصاد الإسلامي تتجلى المجابهة الصريحة والمحددة لعوامل ومعايير التوزيع فيه متخذاً من العدالة المعيار الأول ووضع الأدوات والوسائل العملية الكفيلة بتحقيقها.

إن الاقتصاد الإسلامي يتميز عن غيره بمجموعة من الخصائص منها ربانية المصدر، بمعنى أنه يستمد أسسه ومبادئه من القرآن الكريم والسنة المطهرة والجانب البشري فيه هو التفكير في التطبيق في مختلف العصور. يلي ذلك ربانية الهدف، فالاقتصاد الماركسي هدفه خدمة الدولة دون النظر إلى الأفراد، والاقتصاد الرأسمالي هدفه إشباع الرغبات الخاصة عند الأفراد، أما الاقتصاد الإسلامي فإنه يرتبط بالناحية الربانية، بمعنى أن له أهدافاً إنسانية تجمع بين المادة والروح كما أنه يجمع بين الثبات والمرونة، فهو ثابت في تحريم الربا ومرن ومتطور كنظام الشركات القائمة على العمل ورأس المال والضمان.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"