عادي

عذب الكلام

23:38 مساء
قراءة 3 دقائق
3

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

من بدائع البلاغة «الجناسُ المركّب» و«الجناسُ الملفّق».

فالأول: ما اختلفَ «رُكْناه» إفراداً وتركيباً؛ فإن كانَ منْ كلمةٍ وبعضِ أخرى، سُمِّي «مَرْفُوّاً» منه قولُ الحريري:

ولا تَلْهُ عَنْ تَذْكارِ ذَنْبِكَ وابْكِهِ

بدَمْعٍ يُضاهي المُزْنَ حالَ «مَصابِهِ»

ومثّلْ لَعَيْنَيْكَ الحِمامَ ووقْعَهُ

وروْعَةَ مَلْقاهُ ومَطْعَمَ «صابِهِ»

الجناسُ بيْنَ «مَصابِهِ» في البَيْتِ الأولِ، وحرفِ «الميم وصابِهِ» منَ البَيْتِ الثاني.

والملفّقُ يكونُ بتركيب الرُّكنين جميعاً، كقولِ الشّوْكاني:

وَلِيتُ الْحُكْمَ خَمْساً وهْيَ خُمْسٌ

لِعُمْرِي والصِّبا في الْعُنْفُوانِ

فَلَمْ يَضَعِ الأَعادِي «قَدْرَ شاني»

وَلاَ قالُوا فُلانٌ «قَدْ رَشاني»

والجناسُ واضحٌ بيْن شطرَي البيت الثاني.

دُرر النّظم والنّثر

«النّيلُ». إدريس جمّاع

من (بحر البسيط)

النّيلُ مِنْ نَشْوةِ الصَّهْباءِ سَلْسلُهُ

وساكِنو النّيلِ سُمّارٌ ونُدْمانُ

وخَفْقةُ المَوْجِ أشْجانٌ تُجاوبها

مِنَ القلوبِ التفاتاتٌ وأشْجانُ

كلُّ الحياةِ رَبيعٌ مُشْرِقٌ نَضِرٌ

في جانِبَيْهِ وكلُّ العُمْرِ رَيْعانُ

تمْشي الأصائلُ في واديهِ حالِمةً

يَحُفّها مَوْكبٌ بالعِطْرِ ريّانُ

ولِلْخمائلِ شَدْوٌ في جَوانِبِهِ

لهُ صَدىً في رِحابِ النَّفسِ رَنّانُ

إذا العَنادلُ حيّا النّيلَ صادِحُها

واللّيلُ ساجٍ، فَصَمْتُ اللّيْلِ آذانُ

حتّى إذا ابْتسمَ الفَجْرُ النَّضيرُ لها

وباكَرَتْه أهازيجٌ وألْحانُ

تَحدَّرَ النّورُ مِنْ آفاقهِ طَرِباً

واسْتَقْبلتْه الرَّوابي وَهْوَ نَشْوانُ

تدافعَ النّيلُ مِنْ عَلْياءِ رَبْوتهِ

يَحْدو ركابَ اللّيالي وَهْوَ عَجْلانُ

ما ملَّ طُولَ السُّرى يوماً وقد دُفنِتْ

على المَدارجِ أزْمانٌ وأزْمانُ

يَنْسابُ مِنْ رَبْوةٍ عَذْراءَ ضاحِكَةٍ

في كُلّ مَغْنىً بها لِلسِّحْرِ إيوانُ

ورُبَّ وادٍ كَساهُ النّورُ لَيْسَ لهُ

غَيْرُ الأوابِدِ سُمّارٌ وجيرانُ

إذا الجَنادلُ قامتْ دونَ مَسْرَبِهِ

أرْغى وأزْبدَ فيها وَهْوَ غَضْبانُ

عَزيمةُ النّيلِ تُفني الصَّخْرَ فورتُها

فكيفَ إنْ مسّهُ بالضَّيْم إنْسانُ

بادي المَهابةِ شَمّاخٌ بِمَفْرقهِ

كأنّما هو للْعلياءِ عُنْوانُ

من أسرار العربية

في تسمية الكائنات:

الأنامُ: ما ظَهَرَ على الأرْضِ منْ جَمِيعِ الخَلْقِ. البَشَرُ: بَنُو آدَمَ. الدَّوابُّ: كُلُّ ماشٍ على الأَرْضِ عامَّةً، والخَيْلُ والبِغَالُ والحَمِيرُ خَاصَّةً. النَّعَمُ: أكْثَرُ ما يَقَعُ على الإبِلِ. الكُرَاعُ: الخَيْلُ. العَوَامِلُ: الثِّيرانُ. الماشِيَةُ: البَقَرُ والضَّائِنَةُ والماعِزَةُ. الجَوَارِحُ: ذَوَاتُ الصَّيدِ مِنَ السِّبَاع والطَّيْرِ. الضَّوَارِي: جمعُ ضِرْوٍ، وهو من السِّباع، ما ضَرِيَ بالصَّيْدِ ولَهِجَ بالفَرائِس.

الْحُكْلُ: العُجْمُ من البَهَائِمِ والطّيُورِ. الهَوَامُّ: ما يَدُبُّ على وَجْهِ الأَرْضِ. والسَّوَامُّ: ما لَهَا سُمٌ، قَتَلَ أوْ لَمْ يَقْتُلْ. القَوَامُّ: القَنَافِذُ والفَأْرُ واليَرَابِيعُ وما أشْبَهَهَا. الحَشَراتُ والأَحْرَاشُ والأَحْنَاشُ: تَقَعُ على هَوَامِّ الأَرْضِ.

هفوة وتصويب

يقول بعضهم: «دخلَ فلانٌ المكانَ خِلْسةً» بكسر الخاء، وهي خطأ والصّواب «خُلْسةً» بضمّها. والخَلْسُ: الأَخْذُ في نُهْزَةٍ ومُخاتلة؛ خَلَسَهُ يَخلِسُه خَلْساً وخَلَسَة، فهو خالِسٌ وخَلّاس؛ قال الهُذَليّ:

يا مَيُّ إِنْ تَفْقِدي قوماً وَلدْتِهمُ

أَو تَخْلِسِيهم فإنّ الدَّهْرَ خَلاَّسُ

وخَلَسْتُ الشّيءَ واخْتَلَسْته وتَخَلَّسْتُهُ إِذا اسْتَلبتُه. والتَّخالُسُ: التَّسالُبُ. والخُلْسَة، بالضم: النُّهْزةُ. يقال: الفُرْصَةُ خُلْسَةٌ. والخُلْسَة: ما يؤخذُ سَلْباً ومُكابَرَةً.

من أمثال العرب

والْمَرْءُ مِثْلُ هِلالٍ حينَ تُبصِرُهُ

يَبْدو ضَعيفاً ضَئيلاً ثُمَّ يَتَّسِقُ

يَزْدادُ حَتّى إِذا ما تَمَّ أَعْقَبَهُ

كَرُّ الجَديدَينِ نَقصاً ثُمَّ يَنْمَحِقُ

البَيْتان لأبي العتاهية، يصفُ فيهما رِحْلةَ الإنْسان، فيقولُ إنّه كالقمر، يبدأ هِلالاً ضَئيلَ الضّياءِ، ثمّ يبدأ بالاتّساع والإنارة والتأثير في النّاظرين، ثمّ تتوالى عليه الأيّام، فيَخْبو ضَوْؤه، ثمّ يُصبح مَحاقاً، هذه طبيعةُ الحياة، وعلينا تفهُّمُها جيداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"