عادي
أبرزت سحر وجاذبية الحرف العربي

ابتكارات خطية تواكب العصر في مهرجان الفنون الإسلامية

22:33 مساء
قراءة 4 دقائق
2102
2103

الشارقة: علاء الدين محمود

ما يميز الخط العربي دون غيره عن بقية الفنون البصرية أنه يعتبر إبداعاً إسلامياً خاصاً، وذلك الأمر دفع المؤسسات الثقافية رسمية كانت أو حكومية للاهتمام به، ونجح ذلك الفن المتوارث في إبراز إمكانات هائلة في الحفاظ على أصالته، وتقديم مقترحاته الجمالية والبصرية والفكرية، وذلك هو ما جعله ينتشر في كل أصقاع العالم إضافة لكونه فناً روحانياً يدعو للتأمل في الوجود واستجلاء أسرار الكون، ولعل مشاركة الخطاطين في مهرجان الفنون الإسلامية وهي تسعى نحو مقاربة مفهوم التدرج، تحمل معها كذلك فكرة التجديد والمعاصرة التي لا تعني الخروج على أساسيات هذا الفن التاريخي، وفي ذلك دليل على حيوية واستجابة لمعطيات الواقع، وتعاطيها مع التحولات الجديدة.

الفنان السوداني محمد مختار جعفر، شارك بست لوحات الجامع بينها هو التركيز على أساسيات الخط العربي وقواعده، بحيث يكون مميزاً ويحافظ على أصالته، ويشير جعفر إلى أن التقنيات الحديثة فرضت نفسها بقوة في الأعمال الفنية في العصر الحالي، الأمر الذي يفرض ضرورة المحافظة على الخط بأصوله وأنواعه، فلابد أن يتميز عن التشكيل لأنه فن قائم بذاته، وذلك ما فعله جعفر وهو يستعين بزخرفة «الماربل» في أعماله، وهي من التقنيات الحديثة التي يوظفها الخطاط المختص ليضع تكوينه الجمالي في الخط العربي من دون أن يمس بقدسية الحرف العربي، فهو يقدم تلك الأعمال الكلاسيكية في حلة جديدة.

يشارك جعفر كذلك بزخرفة على سطح الماء عبر التنقيط بعد تفريغ الهواء، ثم يأتي التنقيط على السطح ويتم سحب النقاط اللونية المختلفة بإبر لتعطي تكوينات جمالية غاية في الروعة، ليكون التكوين الخطي في خلفية العمل.

بناء رصين

الفنان العراقي محمد النوري، شارك في المهرجان بعدد من اللوحات الخطية، وهي مشاركة تستند إلى بعض الآيات القرآنية والقصائد الشعرية، وتأتي الحروف في نسق بناء رصين بشكل هندسي جذاب بلغة بصرية غاية في الروعة.

ويشير النوري إلى أن الخط فن قديم تطور بظهور عدد من الخطوط مثل الأقلام الستة في العصر العباسي، موضحاً أن الجدل الذي ظهر في عصر العولمة حول القديم والجديد قاد إلى قضية تأصيل الخط العربي مشيراً إلى أن الحفاظ على الأصالة أمر مهم ثم تأتي قضية المعاصرة، لافتاً إلى أن هنالك صرعات في الخط هي على سبيل الموضة، وليس لها أساس وهي سرعان ما تختفي.

وعلى الرغم من احتفاء النوري بعملية التأصيل إلا أنه يؤكد كذلك أهمية الإبداع والتجديد مع ضرورة أن يأتي مرتكزاً على أصالة القديم، مشيراً إلى أنه يقف ضد المفاهيم التي من شأنها أن تدمر أصالة الخط العربي، وأن لوحاته وأعماله تحمل تلك المضامين.

بصمة

أما الفنان العراقي مصعب الدوري، فشارك بدوره بست لوحات تنوعت فيها الزخارف المختلفة مثل الناعمة والكوفي المربع، والتذهيب عبر الهكتار والألوان والتذهيب المتدرج.

ويلفت الدوري إلى أهمية وضرورة الإبداع وروح الابتكار في الخط العربي، ذلك لأن الأسلوب التقليدي هو حرفة يتقنها الفنان، وتنتقل به إلى آفاق جديدة من الإبداع بحيث يضيف بصمته ولمساته الفنية والجمالية.

مكانة خاصة

وشارك السوري محمد فاروق الحداد في مهرجان الفنون الإسلامية بأعمال عكست تنوع الخطوط ومعظمها مركبة وتداخلت مع بعضها بعضاً، ومن يشاهد هذه اللوحات يرى تكوينات خطية مبتكرة، وشارك الحداد أيضاً بلوحات زاوجت بين الخط والزخرفة، كما قدم الخط الكلاسيكي من خلال النسخ من أجل التنويع.

يوضح الحداد أن الخط الأصيل له مكانته التي لا يزاحمه أحد عليها، وهنالك العديد من التجارب والمحاولات الجديدة مثل إضفاء لمسة لونية على الخط، أو مزج اللون مع الرسم والمحافظة على الحرف، أو عدم المحافظة عليه، مشيراً إلى أن هناك من يستلهم شكلاً عشوائياً، لكن بإبداع لوني يدخل فيه الحرف كشكل جمالي داخل العمل الفني، وأن كل تلك التجارب هي محاولات لا يمكن الحكم عليها لجهة النجاح أو الفشل، ويقول: «هنالك من أبدع في دروب الحداثة، وهناك من لا يزال يحاول ويجرب».

ويلفت الحداد إلى أن المدرسة الكلاسيكية الأصيلة ثابتة، وأية تجارب حداثية، هي موضع ترحيب، ولكن ضمن ضوابط الجمال والأصول.

ويشير كذلك إلى أن هناك من أبدع في مجال التجديد، فاستلهم من الحرف العربي دون تشويهه، وكانت لديه معرفة بالألوان واستخداماتها، وباع طويل في بناء اللوحة من كتلة وفراغ، فأصبحت تجربته ناجحة، ويقول: «أنا أقف إلى جانب التجريب، فهو مسألة في غاية الأهمية للمبدع الذي يبحث عن جديد يضيف قيمة للفن».

تجارب جديدة

أما الفنانة الإماراتية فاطمة الظنحاني، فشاركت بلوحات نوعت من خلالها بين عدة خطوط مثل المحقق والرقاع والثلث، ولها لوحة بخط الديواني الجلي، وهي تهتم بموضوعاتها مثل: العلم والوطن والحكمة، كما شاركت بلوحات تستند إلى آيات قرآنية وأبيات من الشعر.

وتشير الظنحاني إلى ضرورة الابتكار والتطور في كل المجالات، وفي الفن بصورة خاصة، موضحة أن أعمالها تضم لوحات على النمط القديم الكلاسيكي وأخرى بطرق مبتكرة، فالابتكار والبحث عن تجارب جديدة مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للخطاط.

هوية

الفنان الإماراتي عمران علي البلوشي، شارك بستة أعمال تعكس شغفه بالخطوط العربية القديمة وتاريخها وتطورها، لا سيما الكوفي والكوفي المشرقي بأنواعه، وهو يسعى إلى تقديم أعمال تحاكي الطابع القديم بقوالب جديدة وبحلة حديثة.

يشير البلوشي إلى أهمية تقديم الأعمال الخطية في ثوب جديد، فالتجديد هو ضرورة فنية وإبداعية، مع الحفاظ على هوية الخط، كما لفت إلى أن الفنون البصرية اليوم قد تطورت لأن العصر نفسه قد تغير، وذلك يفرض على الفنان أن يقدم تلك الخطوط بطريقة تواكب روح العصر والازدهار الذي تشهده الفنون البصرية بصورة عامة، ويقول: «أنا أقف إلى جانب الحداثة باعتبار أن التجديد يمثل نقلة نوعية للخطوط وفي ذات الوقت لابد من الحفاظ على أصول القديم لأنه يمثل التاريخ والتراث».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"