عادي

التهاب الحنجرة.. آفة مرضية تعوق أداء الأحبال الصوتية

20:40 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

تقع الحنجرة في الجزء الأمامي من الرقبة، وتقوم بالعديد من الوظائف الهامة مثل: حماية الجهاز التنفسي السفلي من سحب المواد وشفط الطعام إلى القصبة الهوائية، وتلعب دوراً حيوياً في تحريك الأحبال الصوتية وتحديد نغمة ومستوى الصوت، وإنتاج منعكس السعال، وسهولة آلية البلع، وربما يتعرض بعض الأشخاص للالتهاب الحاد أو المزمن في الحنجرة نتيجة العدوي الفيروسية أو البكتيرية، ما يعوق وظيفة الأحبال الصوتية ويؤدي إلى بعض التغييرات في نبرة الصوت وبعض المضاعفات والمخاطر الأخرى التي تؤثر في الصحة العامة، وفي السطور القادمة يناقش مجموعة الخبراء والاختصاصيين في طب الأنف والأذن والحنجرة هذه المشكلة المرضية طرق الوقاية والعلاج.

تقول الدكتورة راشمي كيران أخصائية الأنف والأذن والحنجرة إن الحنجرة عضو شديد التعقيد يتكون بشكل أساسي من هيكل غضروفي متصل بأربطة وأغشية، وتساعد العضلات والأعصاب في النطق والتنفس، ويمكن تقسيم الجزء الداخلي من الحنجرة إلى ثلاثة أجزاء رئيسية، الأول الذي يمتد من لسان المزمار إلى الأحبال الصوتية الزائفة، والثاني المزمار الذي يحتوي على الأحبال الصوتية، والثالث من الحد السفلي من المزمار إلى الجانب السفلي من الغضروف الحلقي.

أسباب وعوامل

توضح د. راشمي أن التهاب الحنجرة يرافقه العديد من الأعراض مثل: بحة الصوت، أو علامات عدوى الجهاز التنفسي العلوي كسيلان الأنف والتهاب الحلق والسعال الجاف وتهيج الحلق وصعوبة التنفس. وتعد الالتهابات الفيروسية من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الحنجرة الحاد، ويليها الإفراط في استخدام الصوت والتوتر، أو الالتهابات البكتيرية، أما الحالات المزمنة التي تستمر لأكثر من ثلاثة أسابيع فهي تحدث نتيجة التهيج الناجم عن المستنشقات والدخان والمواد المثيرة للحساسية، بالإضافة إلى ارتجاع المريء، والتهاب الجيوب الأنفية، والإفرازات الأنفية اللاحقة، والعمل في بعض الوظائف كالتدريس أو الغناء، أو بسبب شلل الحبل الصوتي أو سرطان الحنجرة.

فحوص واختبارات

يبين الدكتور فيكاس نهرو أخصائي الأنف والأذن والحنجرة أن تشخيص التهاب الحنجرة يتم عن طريق الكشف السريري والاطلاع على القصة المرضية والأعراض، مثل: خشونة الصوت، علامات عدوى الجهاز التنفسي العلوي، كالحمى وسيلان الأنف والتهاب الحلق والسعال، وربما يعاني المرضى أيضاً ألماً عند البلع وشعوراً عاماً بالإرهاق، ويتم تأكيد تشخيص الإصابة من خلال الفحص بالنظر إلى الأحبال الصوتية في عيادة الطبيب المختص، والذي يمكن إجراؤه إما بشكل غير مباشر باستخدام مرآة تقليدية أو مباشرة، أو عن طريق المنظار الداخلي المرن، وعند استمرار الحالة المرضية من 7 إلى 10 أيام فهي من النوع الحاد، أما إذا امتدت الأعراض لأكثر من ثلاثة أسابيع فيكون الالتهاب مزمناً أو اضطراباً آخر في الأحبال الصوتية.

مضاعفات ومخاطر

يذكر د. فيكاس أن التهاب الحنجرة الحاد يعد من الأمراض المحدودة، حيث يتعافى المريض من تلقاء نفسه في غضون 7 إلى 10 أيام عند إراحة صوته على النحو المطلوب وتناول الأدوية لمعالجة الأعراض، أما الالتهاب المزمن فيؤدي إلى عواقب دائمة مثل فقدان الصوت الطبيعي، والسعال المزمن، وصعوبة التنفس بسبب التغيرات الدائمة في تكوين الأحبال الصوتية.

طرق التداوي

يشير د. فيكاس إلى أن التهاب الحنجرة الحاد الشائع هو حالة محدودة وذاتية الشفاء، ويتطلب الراحة الكاملة للصوت، وتجنب عوامل التحسس المحمولة في الهواء مثل الدخان والغبار والأبخرة الكيميائية وما إلى ذلك، ولا ينبغي اللجوء إلى الهمس لأنه يزيد من الضغط على الأحبال الصوتية، كما يساعد استنشاق الهواء المرطب على تفكيك وتحلل الإفرازات، حيث ًإن معظم هذه الحالات تكون ناتجة عن الإفراط في الضغط على الصوت أو العدوى الفيروسية، ولا يوجد دور للمضادات الحيوية أو مضادات الهيستامين أو مزيلات الاحتقان في العلاج.

تدابير وقائية

يلفت د. فيكاس إلى أن سوء استخدام الصوت يمكن أن يلعب دوراً أساسياً في التهاب الحنجرة المزمن، ولكن هناك أسباب أخرى تجعله طويل الأمد، مثل التدخين والحساسية والعيش في بيئة ملوثة والارتجاع المعدي المريئي وغيرها، وتحتاج كل هذه المسببات إلى المعالجة بالأدوية المناسبة وتعديل إجراءات نمط الحياة، وتشمل أهم التدابير الداعمة استنشاق الهواء المرطب. وللوقاية من هذه الحالة يجب على المريض أن يطلب المشورة الطبية إذا استمرت البحة وخشونة الصوت لأكثر من ثلاثة أسابيع، وتجنب الغبار والهواء الملوث والأطعمة التي تعزز مرض الارتجاع المعدي المريئي مثل الوجبات الحارة أو المقلية والشوكولاتة والحمضيات، والطماطم، والنعناع، والإقلاع عن التدخين وتناول الكحول.

إصابة الأطفال

يوضح الدكتور برشان برابو أخصائي جراحة الأنف والأذن والحنجرة أن إصابة الأطفال تحدث في أغلب الحالات نتيجة مرض الإنفلونزا أو الزكام، أو الحساسية، أو الإفراط في استخدام الأحبال الصوتية أثناء الصراخ والهتاف أو الغناء، أو بسبب ارتداد حمض المعدة إلى الحلق، ما يجعل الطفل يفقد صوته، وتصاحبه أيضاً آلام وحرقة في الحلق وصعوبة البلع، وعلامات أخرى مثل السعال والعطس والصداع وسيلان الأنف واللعاب المفرط، وارتفاع درجة الحرارة، وينقسم التهاب الحنجرة إلى نوعين هما:

- التهاب الحنجرة الحاد وهو من المشكلات الشائعة بين الصغار وينجم عن عدوى فيروسية، وبالتالي التهاب الحبال الصوتية.

- التهاب الحنجرة المزمن الذي تستمر أعراضه لأكثر من ثلاثة أسابيع، ويحدث نتيجة التدخين أو الإفراط في تناول الكحول لفترات طويلة، أو السعال الزائد، أو التعرض المتكرر للهواء الملوث أو للتدخين السلبي.

خيارات علاجية

يوضح د. برشان أن التهاب الحنجرة عند الأطفال ترافقه صعوبة البلع، وبالتالي يعاني المصاب جفاف الفم والعطش المستمر، والشعور بالتعب العام والإرهاق والإعياء، ويمكن أن يتسبب التهيج المزمن للأحبال الصوتية في تكوين سلالات أو عقيدات، ما يؤثر في قدرة الأحبال الصوتية على الاهتزاز مسبباً بحة مزمنة، ويكون المصاب بحاجة إلى الاستخدام المتكرر لأجهزة الاستنشاق، ويعتمد العلاج بشكل أساسي على نوع الإصابة، ويبدأ التداوي بتناول مسكنات الألم وخافضات الحرارة ووضع الكمادات الباردة، وشرب السوائل الدافئة لتجنب الجفاف خلال ساعات النهار، ووصف بعض الفيتامينات وفاتح للشهية إذا كان الطفل لا يرغب في الطعام.

مرض الجزر المعدي المريئي

يعتبر مرض الجزر المعدي المريئي من المشكلات التي تتسبب في الإصابة بالتهاب الحنجرة الارتجاعي والسعال المزمن، وفي بعض الأحيان يدرك الناس وجود الحمض ويعانون الشعور بطعم لاذع في أفواههم، ويؤدي إلى تكرار انسكاب الحمض على الأحبال الصوتية، وبالتالي حدوث تهيج كيميائي، وينتج عنه التهاب وتورم في الأحبال الصوتية، ما يعيق الاهتزاز المناسب وتوليد الصوت، كما تنجم عنه صعوبة البلع وألم في الصدر والشعور بحرقة في المعدة، وينصح الأطباء بتعديل نمط الحياة الصحي والغذائي كبداية لعلاج هذه الحالة، مع تناول الأدوية الموصوفة كمضادات الحموضة، والأدوية التي تقلل إنتاج الحمض أو مثبطات مضخات البروتون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"