عادي

التمويل اللامركزي يعزز مكانته بعد 13 عاماً على إطلاق ال«بيتكوين»

16:48 مساء
قراءة 5 دقائق

إعداد: أحمد البشير

هذا الأسبوع، تحتفل «بيتكوين» ب13 عاماً على بدء تداولها كعملة مشفرة لا مركزية غير خاضعة لسلطة أي بنك.

في 3 يناير/ كانون الثاني 2009، بدأ تداول عملة المبتكر ساتوشي ناكاموتو صاحب الورقة البحثية الذي طرح الفكرة في عام 2008، ووصفها بأنها نظام نقدي إلكتروني يعتمد في التعاملات المالية على مبدأ الند للند (Peer-to-Peer)‏، وهو مصطلح تقني يعني التعامل المباشر بين مستخدم وآخر دون وجود وسيط كالبنوك المركزية.

يقول الفريق الداعم ل«بيتكوين» إن هدف ساتوشي ناكاموتو - وهو شخص غير معروف - هو تغيير الاقتصاد العالمي بنفس الطريقة التي غيرت بها شبكة الويب حياة البشرية إلى الأبد.

بعد أكثر من عام على بدء تداول «بيتكوين»، شهد العالم أول عملية شراء بواسطة العملة الرقمية، حيث قام مبرمج يدعى لازلو هانيتش بنشر نقاش على منتدى بيتكوين يطلب فيه شراء قطعتي بيتزا كبيرتا الحجم مقابل 10,000 بيتكوين في 18 مايو 2010.

اليوم، بعد 12 عاماً تبلغ قيمة قطعتي البيتزا، 565 مليون دولار، مع سعر بيتكوين عند 46500 دولار مطلع 2022، فيما وصل السعر إلى حدود ال 69 ألف دولار خلال عام 2021.

القيمة السوقية

تمتعت البيتكوين بعام جيد جداً، إذ ارتفعت العملة الرقمية بنسبة 70% تقريباً منذ بداية عام 2021، ما رفع القيمة السوقية للعملات المشفرة إلى 3 تريليونات دولار خلال العام.

كما شهد العام، الذي طُرحت فيه أول منصة كبرى لتداول العملات الرقمية للاكتتاب العام، «كوينبيس» في إبريل الماضي، زيادةً في المشاركة من بنوك «وول ستريت» مثل «جولدمان ساكس»، ومنح الضوء الأخضر لأول صندوق يتداول في البورصة الأمريكية مرتبط بالبيتكوين.

ومع ذلك، أدى التدقيق التنظيمي المتزايد وتقلبات الأسعار الشديدة إلى إضعاف آفاق البيتكوين مؤخراً، ويحذر الخبراء من أن السوق قد تتجه نحو الانكماش.

ونظراً لأن العام المقبل يبدو بالفعل وكأنه فترة متذبذبة أخرى للعملات الرقمية، تلقي شبكة «سي إن بي سي» النظر على مجموعة من توقعات المحللين في هذا المجال.

انهيار العملات

يعتقد بعض الخبراء أن البيتكوين من المقرر أن تشهد انخفاضاً حاداً في الأشهر المقبلة.

وقفزت العملة المشفرة إلى مستوى قياسي بلغ ما يقرب من 69 ألف دولار في نوفمبر. ويبلغ سعرها الآن دون 50 ألف دولار، بانخفاض 30% تقريباً عن ذروتها. وتُعرِّف «وول ستريت» الاتجاه الهبوطي في الأسواق بأنه انخفاض بنسبة 20% أو أكثر عن المستويات المرتفعة الأخيرة، ولكن من الجدير بالذكر أن عملة البيتكوين تشتهر بتقلبها.

وقالت كارول ألكساندر، أستاذة العلوم المالية في جامعة ساسكس، إنها تتوقع أن يصل سعر البيتكوين إلى 10 آلاف دولار في عام 2022، ما يقضي عملياً على جميع مكاسبه في العام ونصف العام الماضيين.

وأوضحت: «إذا كنت مستثمرةً الآن، فسأفكر في الخروج من سوق البيتكوين قريباً لأن سعره سينهار على الأرجح العام المقبل». وتستند نظرتها الهبوطية على فكرة أن البيتكوين «ليس لها قيمة أساسية» وهي بمثابة «لعبة» أكثر من كونها استثماراً.

وحذرت ألكساندر من أن التاريخ يعيد نفسه. ففي عام 2018، تراجعت عملة البيتكوين بما يقرب من 3 آلاف دولار بعد صعودها إلى ما يقرب من 20 ألف دولار قبل بضعة أشهر. وغالباً ما يقول داعمو العملة المشفرة أن الأمور مختلفة هذه المرة، مع دخول المزيد من المستثمرين المؤسسيين إلى السوق.

وقال تود لوينشتاين، كبير استرتيجيي الأسهم في «يونيون بنك»: «يبدو أن مخطط أسعار البيتكوين يتتبع العديد من فقاعات الأصول التاريخية، ويحمل سرداً مختلفاً هذه المرة تماماً مثل الفقاعات الأخرى».

ومع ذلك، لا يزال الجميع غير مقتنعين بأن فورة العملات المشفرة ستنتهي في عام 2022.

الصناديق المتداولة

يبحث مستثمرو العملات المشفرة الكبار في عام 2022 عن الموافقة على أول صندوق بيتكوين يتم تداوله في بورصة في الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن لجنة الأوراق المالية والبورصات منحت الضوء الأخضر لإطلاق صندوق «Bitcoin Strategy ETF» التابع لشركة «بروشيرز» هذا العام، إلا أن الصندوق يتتبع عقود البيتكوين الآجلة بدلاً من منح المستثمرين تعرضاً مباشراً على العملة المشفرة نفسها.

والعقود الآجلة هي مشتقات مالية تلزم المستثمر بشراء أو بيع أصل في تاريخ لاحق وبسعر متفق عليه. ومن خلال تتبع أسعار العقود الآجلة بدلاً من عملة البيتكوين نفسها، كما يقول الخبراء، يمكن أن يكون صندوق «بروشيرز» محفوفاً بالمخاطر بالنسبة للمتداولين المبتدئين، الذين يستثمر الكثير منهم في العملات المشفرة.

كما تقدمت شركة «جريسكيل أنفستمنت» بطلبات لتحويل صندوقها للبيتكوين إلى صندوق بيتكوين متداول في البورصة، وهنالك العديد من تطبيقات البيتكوين الأخرى التي ستصبح صناديق للتداول الفوري للعملات المشفرة.

ومع تطوّر قطاع العملات المشفرة، تضاءلت حصة البيتكوين في السوق، حيث لعبت العملات الرقمية الأخرى مثل الإثيريوم دوراً أكبر بكثير. وهذا شيء يتوقع المحللون استمراره في العام المقبل، حيث يتطلع المستثمرون بشكل متزايد إلى استثمارات أصغر من العملات المشفرة على أمل تحقيق مكاسب كبيرة.

وقال بريان جروس، المدير في شركة «آي سي إتش آي» إن التطورات الناشئة في مجال التشفير مثل التمويل اللامركزي والمنظمات المستقلة اللامركزية «من المرجح أن تكون أعلى مجالات نمو للعملات المشفرة». ويهدف التمويل اللامركزي إلى إعادة إنشاء المنتجات المالية التقليدية بدون وسطاء، بينما يمكن اعتبار منظمة مستقلة لامركزية نوعاً جديداً من مجتمع الإنترنت.

خدمات التمويل اللامركزي

وتجاوز إجمالي الأموال المودعة في خدمات التمويل اللامركزي 200 مليار دولار في عام 2021، ويتوقع الخبراء أن ينمو الطلب أكثر من ذلك في عام 2022.

ومن المتوقع أيضاً أن تكتسب شبكة الجيل الثالث من الويب «Web3»، وهي حركة تدعو إلى إنشاء شبكة إنترنت لا مركزية جديدة. ويشمل التمويل اللامركزي شبكة «Web3» وتقنيات بلوك تشين مثل رموز ال «NFT» (الرموز غير القابلة للاستبدال).

عام تنظيمي

استعرض المنظمون عضلاتهم على العملات المشفرة هذا العام، حيث حظرت الصين تماماً جميع الأنشطة المتعلقة بالعملات المشفرة واتخذت السلطات الأمريكية إجراءات صارمة ضد جوانب معينة من السوق. ويتوقع المحللون على نطاق واسع أن تكون اللوائح التنظيمية قضية رئيسية في عام 2022 للقطاع.

وقال فاجاي أيار، المدير في شركة «لونو»: «سيكون عام 2022 عاماً كبيراً على الصعيد التنظيمي بلا شك». ونتوقع رؤية بعض التوضيحات بشأن «المنطقة الرمادية» القانونية للعملات المشفرة بخلاف البيتكوين والإيثيريوم، والتي قالت هيئة الأوراق المالية والبورصات إنها ليست أوراقًا مالية.

ويقول الخبراء إنه من المتوقع أن تركز الجهات التنظيمية الرئيسية العام المقبل على العملات المستقرة المشفرة. وهذه هي الرموز التي ترتبط قيمتها بسعر الأصول الحالية مثل الدولار الأمريكي. وتعتبر التيثر، أكبر عملة مستقرة في العالم، مثيرة للجدل بشكل خاص حيث توجد مخاوف بشأن ما إذا كانت تمتلك أصولاً كافية في احتياطياتها لتبرير ربط عملتها بالدولار.

وفي غضون ذلك، بدأ المنظمون أيضاً بفحص ودراسة التمويل اللامركزي، وفي وقت سابق دعا بنك التسويات الدولية، إلى تنظيم التمويل اللامركزي، قائلاً إنه قلق بشأن تسويق الخدمات لأنفسها على أنها «لا مركزية» عندما لا يكون الأمر كذلك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"