عادي

«عرس الزين».. شخصيات الرواية تسير بيننا

22:50 مساء
قراءة دقيقتين

الشارقة: «الخليج»

أن تتناول رواية ما شخصيات بلحم ودم عاشت بين الناس، فذلك أمر يقتضي بالفعل مهارة حقيقية في الكتابة، وذلك ما فعله الكاتب الكبير الطيب صالح «1929 – 2009»، في معظم رواياته وبصورة خاصة في عمله الشهير «عرس الزين».

في الثالث من أغسطس 2015 تفاجأ معجبو أدب الطيب صالح بخبر يعلن عن وفاة أحد أهم أبطال رواية «عرس الزين»، وجاء النبأ على النحو الآتي: «قرية كرمكول تودع آخر أبطال رواية عرس الزين»، وكان ذلك البطل هو سيف الدين عبد الله هبشي، الذين كان له دور محوري في الرواية، والتي تناولت وقائع وتفاصيل حقيقية جرت في حياته ومنها مشهد انهياله بالضرب على بطل الرواية الرئيسي «الزين»، وهو الآخر شخصية حقيقية، فتلك الواقعة قد حدثت بالفعل، بأسباب مختلفة عن التي وردت في العمل، حيث كان سيف الدين قد ذكر في لقاء أجري معه، أنه قام بضرب الزين بالفأس وشج رأسه، ما اضطر أهل القرية إلى نقله بعربة الإسعاف إلى مدينة مروي في الولاية الشمالية للسودان، حيث قضى فيها قرابة الشهر قبل أن يعود مرة أخرى إلى قرية كرمكول مسقط رأس الطيب صالح وعدد من أبطال رواياته.

غير أن الأمر المختلف عما ورد في الرواية أن الزين لم يفكر في الانتقام، لأنه حفظ لوالد سيف الدين سفره معه لمروي في رحلة العلاج، حيث بقي معه حتى شفي تماماً، فيما ذكرت الرواية أن الزين أوشك أن يقتل سيف الدين انتقاماً منه عندما جثم على صدره إلى أن خلصه منه الشيخ الحنين، وهو كذلك شخصية حقيقية، الذي أمره بتركه قبل أن يلفظ آخر أنفاسه، وفي ذلك اللقاء تحدث سيف الدين عن الزين موضحاً أنه كان من الدراويش وأن الكثير من التفاصيل التي أوردها الطيب صالح عنه قد حدثت بالفعل، خاصة تلك الجملة التي ظل يرددها كلما أبصر فتاة جميلة: «أنا مقتول».

ويذكر عدد من أبناء قرية كرمكول أن العديد من أبطال الطيب صالح عاشوا بينهم وكانوا ملء السمع والبصر، وأن سيف الدين هو آخر أبطال الطيب صالح الحقيقين الذين رحلوا عن هذه الدنيا، ومن هذه الشخصيات الحقيقية هناك سعيد عشا البايتات القوى، وأحمد إسماعيل أبو البنات، ومحجوب، وعبد الحفيظ، وغيرهم من الأبطال المهمين في روايات «عرس الزين» و«موسم الهجرة إلى الشمال»، و«بندر شاه»، و«مريود».

قضى سيف الدين أغلب عمره في مدينة بورتسودان شرق البلاد، وكان ملاحقاً من الشرطة في عدد من القضايا، وفي أحد الأيام استغل زيارة الرئيس الأسبق جعفر محمد نميري للمدينة، حيث صعد إلى برج عال وطالب بحضور النميري لأنه قد عانى كثيراً ملاحقة الشرطة له، وعلى الرغم من أن النميري لم يحضر لكنه أرسل له أحد المسؤولين والذي نفذ كل مطالب سيف الدين.

وعلى الرغم من أن سيرة سيف الدين لم تكن حسنة في الرواية، إلا أنه لم يغضب من الطيب صالح، نسبة لصلة القرابة التي تربطهما، ولأن ذلك تاريخ قد انطوى من حياته بعد أن عاد في آخر أيامه إلى طريق الرشاد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"