كاتب حر مستقل وآخر متفرّغ

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين

يذكر التعريف بالكاتبة الألمانية جيني إربينبيك (54 عاماً) أنها تعيش اليوم ككاتبة حرّة، ومخرجة مستقلة. وليست إربينبيك حالة فردية وحيدة في ألمانيا أو في العالم، فهناك شعراء وروائيون وفنّانون يعيشون ويكتبون بوصفهم مبدعين أو أدباء مستقلّين، خارج إطار المؤسسات الوظيفية أو الرسمية أو الخاصّة، وبالطبع، تقترب هذه الحالات الحرّة والمستقلة في الكتابة والإبداع والأدب والفنون من كونها ظاهرة معيشية في أوروبا أو في الغرب عموماً.
بكلمات ثانية، الكاتب الحرّ أو الكاتب المستقل هو المتفرّغ للكتابة والإنتاج الأدبي والفني، وهو من قام بتفريغ نفسه، ولم تفرّغه جهة ثقافية أو مؤسسة وظيفية، ومع ذلك، يوجد فرق بين الكاتب الحرّ، والكاتب المتفرّغ.
الكاتب الحرّ أو المستقل لا يخضع لتكليفات أدبية تعرضها عليه مؤسسات أو جهات أو وزارات، بل هو يكتب بتكليف من نفسه، ولا يتقاضى أجراً عن التكليف الأدبي كما هو الحال عند الكاتب المتفرّغ الذي يجري تكليفه بإنجاز عمل أدبي معين خلال فترة زمنية محددّة أو معيّنة، ويتقاضى أجراً لقاء هذا التكليف.
مثال على ذلك، تكلّف بعض وزارات الثقافة العربية شعراء وروائيين وكتّاباً بشكل عام لإنجاز مجموعات شعرية أو كتابات نثرية غالباً ما تكون لها صلة بجماليات المكان، ولقاء ذلك يحصل الشاعر أو الكاتب عموماً على مكافأة مقطوعة أو معلومة من وزارة الثقافة بعدما ينهي كتابه الذي جرى تكليفه بتأليفه في فترة زمنية محددة بعام أو أكثر أو أقل.
الكاتب الحرّ أو الكاتب المستقل هو خارج كل هذه الأطر التكليفية، فهو من يكلّف نفسه بنفسه. هو صاحب المشروع الثقافي الذي يعمل عليه، وتتيح له حرّيته واستقلاليته أن يكتب عن أي مكان في العالم، وعن أية ظاهرة ثقافية أو اجتماعية، ويكتب عن أية جماليات في بلاده أو في أي مكان في العالم من دون أن يحدّد وقتاً في ذاته لإنهاء كتابه.
في الحالتين لا نملك إلاّ أن نغبط الاثنين معاً: الكاتب الحرّ المستقل، والكاتب المتفرّغ، ففي الحالتين يتحررّ الكاتب من الوظيفة والالتزام القسري بالوقت أو بالزمن، والجميل في هذه الحالة الإبداعية الحرّة أنها تجعل من الوقت ملكية زمنية بالكامل للكاتب الذي يجد نفسه  يباشر عمله الحرّ هذا في الصباح، وإذا أراد في الظهيرة أو في العصر أو في المساء، متماهياً بذلك مع فكرة حرّة جميلة هي: «الكتابة في الهواء الطلق» واقعياً ومجازياً، طالما أن الكاتب يصبح فعلاً سيّد نفسه، وسيّد وقته.
ولكن، ألا تعتبر حالة الكاتب الحرّ نوعاً من مغامرة بخاصة أن هذه الحرية أو هذه الاستقلالية ليست ضمانة مكتملة تطمئن الكاتب إلى حياته ومعيشته ومتطلّباتها من أجور البيت والصحة والمدرسة والطعام؟
مثل هذه المخاوف لا ترد في بال الكاتب الأجنبي أو الأوروبي، فهو إن كتب رواية واحدة فقط، وأصابت نجاحاً وشهرة في سوق الأدب والفن، فقط ضمن المال، واطمأن إلى حياة أفضل وأجمل.
الحسرة على الكاتب العربي، بخاصة حسرة الشاعر الذي يطبع 1000 نسخة من مجموعته الشعرية نصفها يأكله الغبار في المخازن.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"