نحو رأي عام لغوي

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

هل حلمت يوماً بجماعة ضغط لغوي؟ المسألة ليست قياساً على ما يجري في عالم السياسة، فلغويونا سلطة لغوية، وحملة رسالة أمانة. هم يدركون تماماً أن العربية لسان أربعمئة مليون إنسان، وأن تقدمها هو تقدمهم، وتأخرها تأخرهم. ثمة مراحل من الزمن شديدة الحساسية، لا بد لأولي المسؤولية أن يتحركوا فيها بسرعة.
الآن، يمرّ المشرفون على التربية والتعليم في دولة الإمارات، باختبار شاق لا سابق له. إنه تطوير المناهج، الذي صار ضرورة تنموية في خمسينية طموحها بلا حدود. من بين المقرر الدراسي الذي يجب تطويره: مناهج العربية. 
هل التطوير مجرد تحديث آلات وأجهزة وأساليب تدريس؟ بشفافية وصراحة: في الرياضيات مثلاً، في الإمكان تطبيق «منهج سنغافورة»، الاستفادة من تجارب فنلندا والمدارس النموذجية في شنجهاي. في أساليب تدريس اللغات، يمكن استلهام الأفضل من مناهج الدول المتقدمة. أمّا تطوير قواعد العربية، فهذا ما لا يقدر أحد على اقتباسه من أيّ لغة أخرى. لا تطوير من دون تبسيط القواعد.
مادة اللغة تختلف عن كل المواد الأخرى، لسبب بسيط، وهو أن العربية لها «سلطة تشريعية»، هي المجامع اللغوية، القادرة على الإفتاء في شؤون القواعد وتبسيطها، كالاختصار والدمج وتغيير المسمّى وما إليها. أليس غريباً أن هذه المؤسسات الحيوية لا تربطها أواصر متينة عميقة بميادين شديدة الأهمية في الحياة العامة كالتعليم والإعلام؟ قطعاً، الغائب حجته معه، فلا يجوز لأحد القول إن لغويينا نذروا جهودهم للعمل الأكاديمي الصرف، فلا يتابعون سلامة نبض اللغة.
 قد يرى بعضهم أن أعضاء المجمعين اللغوي والعلمي في فرنسا مثلاً، هم حاضرون في كل الساحات، إعلاماً وتعليماً وعلوماً. هم رواد الثقافة ومنهم رؤساء تحرير مجلات، هم في كل المحافل، لإيمانهم بأن اللغة هي الحياة، فلا حيوية من دون حيوية اللغة، فهل يسمح لنا لغويونا بأن نتمنى أن تفكر «السلطة التشريعية» اللغوية، في أن لغة أربعمئة مليون آدمي ليست بخير، وأن تبسيط القواعد سيكون عاملاً مساعداً للتنمية؟
 إذا كان الاقتناع صعباً، فليحاول اتحاد المجامع العربية إنجاز إحصاء شفاف: كم من طالبات الثانوية العامة وطلابها يحسنون كتابة صفحة فيها خمسة أخطاء لا غير؟
 لزوم ما يلزم: النتيجة الإعلامية: هل من حق الشعوب أن تطالب المجامع اللغوية بفحص شامل لوضع العربية الصحيّ، ولو مرّة كل ستة أشهر؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"