تونس ونهاية «النهضة»

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يكن اعتقال نائب رئيس حركة «النهضة الإخوانية» التونسية نور الدين البحيري، قبل أيام، مجرد حدث عابر في مسيرة هذه الحركة، إنما هو دليل على أنها باتت الآن تواجه مصيرها، بعدما تراكمت الأدلة على تورطها الواسع في الإرهاب، والفساد السياسي، وتلقي تمويلات خارجية، ونهب المال العام، إضافة إلى ملف الاغتيالات المرتبط باغتيال المعارضيّن شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
 لم يكن هذا ليحدث لولا الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد في يوليو/ تموز الماضي، لتصحيح مسار الثورة التي وقعت في براثن «الإخوان» الذين حولوا تونس إلى مزرعة لفسادهم وإرهابهم.
 البحيري هو الذراع اليمنى لرئيس «النهضة» راشد الغنوشي، ما يعني أن «ملفات من العيار الثقيل» بانتظار أن تُفتح، لتكشف مدى ما اقترفته الحركة من فساد وإرهاب.
 توقيف البحيري المرتبط بشبهة الإرهاب، كما يؤكد وزير الداخلية توفيق شرف الدين «تم وفق القانون»، والتهم الموجهة إليه لها علاقة «بتقديم شهادات جنسية وجوازات سفر وبطاقات هوية ورخص قيادة سيارات بطريقة غير قانونية» لأشخاص لهم علاقة بتنظيمات إرهابية أو عائدين من سوريا، بعد مشاركتهم في القتال هناك مع الجماعات الإرهابية، أثناء توليه حقيبة وزارة العدل بين عامي 2011 و2013.
 تحاول حركة «النهضة» الآن تحويل البحيري إلى ضحية، بادعاء أن اعتقاله قضية سياسية وإنسانية، من خلال زعم «اختطافه»، وتعرضه لسكتة قلبية، وأنه في «حالة حرجة»، إلا أن وفداً من اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب، ومفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة زاره في مستشفى بنزرت حيث يرقد، وأكد أنه «بحالة جيدة»، ويخضع لمراقبة طبية في غرفة خاصة، ما ينفي ادعاءات الحركة، ومحاولتها استثمار قضية الاعتقال سياسياً.
 المعلومات تؤكد أن البحيري لن يكون الوحيد الذي يتم اعتقاله، فهناك ملفات موثقة بالأدلة لها علاقات بالاغتيالات، ودور الجهاز السري للحركة فيها، إضافة إلى الدور الذي لعبته في تصدير مئات الشباب التونسي إلى سوريا، للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية، إلى جانب دور هذا الجهاز في اغتيال بلعيد والبراهمي؛ حيث إن هيئة الدفاع عن هذين المعارضّين قدمت كل القرائن والأدلة التي تثبت ذلك.
 الحقيقة أنه لا يمكن فصل الحركة عن تنظيمها السري، فكل قطاعاتها وهياكلها مزدوجة بين السرية والعلنية، وراشد الغنوشي هو الذي يشرف ويقرر ويعطي الأوامر، أي أن كل ما ارتكبته الحركة بعد الثورة وقبلها من عمليات إرهابية كان يتم بمعرفة الغنوشي، كما يؤكد العضو السابق في التنظيم السري كريم عبد السلام الذي كشف عن دور التنظيم في العملية الإرهابية التي استهدفت مقر الحزب الدستوري الحاكم عام 1991 في منطقة باب سويقة، وراح ضحيتها أحد الحراس، إضافة إلى عشرات الجرحى.
 إن حركة «النهضة» تواجه مصيرها المحتوم، بعدما انفرط عقد تنظيمها، باستقالة عشرات القيادات والمسؤولين، وخروجهم على الغنوشي؛ حيث اتهموه ب«التسلط والدكتاتورية».. ولا شك أن اعتقال البحيري مقدمة لخطوات أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"