عام على خروج المملكة المتحدة

22:05 مساء
قراءة 3 دقائق
1

فريدريك ريدي *

على جونسون إعادة توجيه «بريكست» ليركز على الشراكة والتشويق والاندماج، بدلاً من الحزبية واللامبالاة والإقصاء.

لعقود من الزمان لم تبتعد الطبقات السياسية في المملكة المتحدة كثيراً عن الصخب الحاصل بشأن موضوع علاقة البلاد بالاتحاد الأوروبي. ومنذ أن دعا رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، إلى إجراء استفتاء على علاقة بريطانيا المستقبلية مع الكتلة، بدا أن ما أصبح يُعرف باسم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو «بريكست» استأثر بجل مواضيع النقاش السياسي خلال تلك السنوات الفاصلة.

صادف الأول من كانون الثاني/يناير 2022، مرور عام على دخول اتفاقية الانسحاب هذه، حيز التنفيذ الكامل، وهي علامة فارقة مرت من دون ضجة تذكر في القنوات الرسمية. ومع ذلك، فإن هذا الإنجاز مهم بالنسبة لرئيس الوزراء الحالي بوريس جونسون. وبينما قد تكون نتيجة الاستفتاء المفاجئ في عام 2016 وصدمة تصويت الناخبين البريطانيين لصالح خروج بلادهم قد استهلكت فترة رئاسة كاميرون ومن بعده تيريزا ماي، طغى «كوفيد  19» بالمطلق تقريباً على مشهد أخبار «بريكست». وفي الواقع ما نشهده هو خلط بين التحدي المزدوج للوباء، وحكاية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وبينما نعم جونسون ببعض الراحة والإيمان العام عندما بدأت المملكة المتحدة تنفيذ برنامج التطعيم الخاص بها، اعتُبرت نجاحات «بريكست» ضعيفة على أرض الواقع في عام 2021. وواجهت الحكومة منذ ذلك الحين فضائح واتهامات بازدواجية المعايير.

وسرعان ما تلاشى الأمل العابر في العودة إلى الحياة الطبيعية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث اجتاح متغير «أوميكرون» المملكة المتحدة بسرعة مقلقة، وخنق أي شعور بالعودة إلى الحياة الطبيعية وقمَع الانتعاش الاقتصادي.

كما شهدت نهاية عام 2021 أيضاً، استقالة اللورد فروست، وزير خروج بريطانيا الذي لعب دوراً رئيسياً في اتفاقية انسحابها والمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن أيرلندا الشمالية. وقد نُسبت استقالة فروست إلى مخاوف بشأن الاتجاه الحالي للسفر، لا سيما إجراءات «الخطة ب» الخاصة بفيروس كورونا التي أقرها جونسون وشهدت إعادة فرض العديد من القيود. وتشير استقالة فروست إلى فشل أوسع في قيادة الحكومة وتجزئة القضايا؛ فشل أدى إلى تأثير كرة الثلج التي قوضت سلطتها.

ولم تكن مشكلات سلسلة التوريد نتيجة حصرية لوباء كورونا فحسب؛ بل لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيضاً. فالوصول إلى دول الاتحاد، وفرنسا على وجه الخصوص، ليس مجرد مسألة احتواء للفيروس؛ بل هو علامة على المعركة المستمرة بين داونينج ستريت وقصر الإليزيه في أعقاب انسحاب المملكة المتحدة.

وكما هو الحال مع فيروس كورونا، بدأ التفاؤل يتلاشى، ولم تفعل الصفقات التجارية مع أستراليا واليابان وسنغافورة سوى القليل فقط لإخفاء القصور الاقتصادي الحاصل أو لنسميه «التقدم البطيء». وأصبحت علاقة بريطانيا بالصين أكثر فتوراً بشكل ملحوظ منذ عهد كاميرون، حين دلت جهود المملكة المتحدة في إنشاء «البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية» على تقارب العلاقات الأنجلو  صينية، وألمحت إلى مستقبل أكثر عالمية.

اليوم تعتبر الصفقة التجارية مع الصين أمراً بعيد المنال، كحال الأمل في إبرام صفقة تجارية «ضخمة جداً» مع الولايات المتحدة، كما وصفها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ووعد بها تيريزا ماي وبوريس جونسون، لكنها لم تحدث.

المملكة المتحدة هي سادس أكبر اقتصاد في العالم، وفي النهاية ستأتي الصفقات التجارية، لكن الاختبار الرئيسي هو هل ستكون الصفقات القادمة أفضل من تلك التي سبقتها أم لا؟

وبينما حاد «كوفيد  19» بالزخم عن مساره وخنق الطموح، فالكرة الآن في ملعب جونسون لإعادة توجيه «بريكست» بما يخدم الانتعاش الاقتصادي ويخلق زخماً جديداً يركز على الشراكة وليس الحزبية، والإثارة بدلاً من اللامبالاة، والاندماج بدلاً من الإقصاء. إن إجراء هذا التحول الرمزي ليس ضرورياً فقط لنجاح الحركة بعد مرور عام، ولكن لمستقبله السياسي أيضاً.

يجدر بنا التعلم من هذه الإخفاقات في استراتيجية التفاوض، خصوصاً بعد أن شرعت بريطانيا في سلسلة من المفاوضات التجارية مع البلدان في جميع أنحاء العالم. وإذا أرادت أن تقوم بدور أكبر من مجرد تكرار الاتفاقات الحالية التي أبرمتها دول أخرى مع الاتحاد الأوروبي، فسيتعين عليها القيام بما هو أفضل بكثير.

وإذا اعتقدت المملكة المتحدة أن مفاوضات خروجها من الاتحاد الأوروبي مع الاتحاد الأوروبي نفسه، قد انتهت، فقد يخيب أملها، فالأمور تبدو في بداية ما سيكون عقوداً من المفاوضات الدائمة مع الجار الأكبر والأكثر قوة. ولا ترغب الحكومة، بكل تأكيد، في ارتكاب الأخطاء نفسها مرة أخرى ليدفع الجميع ثمن ذلك.

* شبكة تلفزيون الصين الدولية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"