عادي
عالم متجدد

حكم العلاوة التشجيعية

00:39 صباحا
قراءة 3 دقائق
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
يفرق الإسلام بين ما يُعطى لموظف من مكافأة تشجيعاً له على أدائه بشكل أفضل من غيره، وبين ما يُعطى لموظف تشجيعاً له كي يقوم بأداء واجبه الذي إن لم يعط تلك المكافأة، قصر فيه ولم يأت بالمطلوب.

الأول موظف أدّى ما عليه بإخلاص وضمير وبكل أمانة، من غير أن ينتظر مكافأة غير ما يتقاضاه شهرياً، أما الثاني فأجير سوء، لا يؤدي عمله بإخلاص، فإذا أعطي زيادة تحرك قليلاً، وإذا لم يُعط توقف.

من أجل ذلك، فإن ما يُعطى للأول، هو من قبيل ردّ الإحسان بالإحسان، ومكافأة المتقن على الإتقان، وإذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» رواه البيهقي، فها هو قد أتقن عمله، ومن ثم استحق الشكر والتقدير.

وأما ما يُعطى للثاني فهو رشوة بعينه، لأنه يأخذه على عمل كان واجباً عليه أن يؤديه من غير منّ ولا مكافأة سوى راتبه الشهري الذي لا يستحقه أيضاً إذا لم يعمل بضمير.

وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين، رحمه الله، عن المكافأة التشجيعية فقال: إذا كان رب العمل يعطي بعض عماله مكافأة تشجيعية نظير بذل العامل جهداً مخلصاً، فإنها ليست برشوة حتى لو كانت فوق الراتب الأصلي، لأنه أخذها من غير أن ينتظرها.

أما إذا كان العامل لا يقوم بما يجب عليه إلا بهذه المكافأة، فإن ما يأخذه يعتبر رشوة، لأنها لم تبذل له مقابل قيامه بواجب عليه، بل مقابل أن يقوم بواجبه.

والشرع عندما يحرّم مثل هذه المكافآت، يحرّمها لأنها تضر بالمصلحة العامة، فالموظف الذي يتعود على تلقي مثل هذه المكافآت، يتاجر غالباً بوظيفته.

وقد أحسن القانون الوضعي عندما عرّف الرشوة بأنها متاجرة الموظف العام في أعمال وظيفته عن طريق الطلب أو الأخذ أو قبوله لنفسه أو لغيره عطية، من أجل القيام بعمل أو الامتناع عن عمل يعد من أعمال وظيفته، أو الإخلال بواجب من واجبات وظيفته.

وهذا ما حذّر الشرع منه عندما حرّم الرشوة، بل حرّم على المسؤول أن يقبل الهدية من شخص أهداه لمّا رآه يعتلي منصباً من المناصب، ولم يكن هو من عادته أن يهديه شيئاً قبل توليه المنصب.

لماذا؟ لأنه حتى لو أهداه بحسن نية، إلا أن الشبهة قائمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، إلا وإن حمى الله محارمه»، رواه البخاري.

إذن، على المسؤول أن يتقي الله عز وجل، وفيما لو قدر أن يعطي علاوة تشجيعية لموظف من الموظفين عنده، ولا تأخذه العاطفة فيقول: «هذا أحبه وذاك لا أحبه»، وعندئذ يعطي العلاوة لمن يحبه حتى لو كان مقصراً ويحرم من لا يحبه حتى لو كان مخلصاً.

ويدخل في هذا الباب ما يعطي الإنسان الداخل والخارج لناطور البناية أو لعامل التنظيف أو يوضع في الصحن عند مغادرة المطعم أو الفندق، وقد لوحظ أن العامل يتوانى عن خدمة من لا ينتظر منه شيئاً، أو يخفي عنه البضاعة أو الإرشاد إذا لم يعطه شيئاً، والسبب أن غيره عوّده على الخيانة في العمل الذي هو من واجبه أن يعمل بإخلاص.

- نعم، قد تعطي شيئاً رمزياً لمن تميز بعمل، لكن بشرط أن لا يتخذه عادة، فلا يتميز إلا إذا أعطي من وراء رب العمل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"