عادي

عذب الكلام

22:00 مساء
قراءة 3 دقائق
2001

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

التّطريزُ في البلاغةِ، أن تأتي في الأبياتِ مواضعُ مُتقابلةٌ، فتكون في القصيدةِ كأنّها طِرازٌ أو نمطٌ، منها قولُ أبي تمّام:

أَعوامُ وَصْلٍ كانَ يُنسي طولَها

ذِكْرُ النَّوى فَكأنَّها أيّامُ

ثُمَّ انْبَرَتْ أَيّامُ هَجْرٍ أَردَفَتْ

بِجَوىً أسىً فكَأَنَّها أَعْوامُ

ثُمَّ انْقَضَتْ تِلكَ السِّنونُ وأَهْلُها

فَكَأَنَّها وكَأَنَّهُم أَحْلامُ

وقولُ البُحتريّ:

في حُلَّتَيْ حِبْرٍ وَرَوضٍ فَاِلْتَقى

وَشْيانِ وَشيُ رُبىً وَوَشيُ بُرودِ

وَسَفَرْنَ فَاِمتَلَأَتْ عُيونٌ راقَها

وَرْدانِ وَرْدُ جَنىً وَوَرْدُ خُدودِ

فَمَتى يُساعِدُنا الوِصالُ وَدَهْرُنا

يَوْمانِ يَوْمُ نَوىً وَيَوْمُ صُدودِ

دُرر النّظم والنّثر

من «جواهر الأدب»

في الشّكْر والثّناء.. «شُكرُ المُنْعِمِ واجبٌ، والثّناءُ على المُحْسِنِ ضَرْبةُ لازِب. فاشْكُرْ مَنْ وَضَعَ الخَيْرَ لَدَيْك، وكُنْ مُثْنياً على مَنْ أحْسنَ إلَيْك، حيثُ أجابَ سؤالَك، وحَقّقَ آمالَك، وصدَقَ ظنّك، وأضْحِكَ سِنّك، وأتْحَفكَ بكَرائِمِ كَرَمِه، وأطْلَعَ في أُفُقِكَ نَعائمَ نِعَمِه، ولَبّى دَعْوَتَك، ورَوّضَ عَدْوتَك، ورعَى جانِبَك، وبَلّغَكَ مآرِبَك، وقَوّى مُعِينيك وأيّد مُعانيك، وأسْكَنَكَ مِنَ العَلْيا قِبابا، وفَتَحَ لكَ إلى دارِ السّعادةِ أبْوابا:

وأوْلاكَ الجَميلَ بِغَيْرِ مَطْلٍ

وعَنْ وَجْهِ النّدى رَفَعَ الحِجابا

وبَلَّ ثَراك بالْجَدْوى فَحقٌّ

عَلَيْك تُصَيّرُ التَّقْريظَ دابا

إنْ قَصّرَ عَنِ المُكافأةِ بنانُك، فيُطلُّ بِنَشْرِ الشُّكْرِ لِسانُك، فَبِهِ تَدومُ النِّعَم، وهوُ داعِيةُ الجُودِ والكَرَم. كَثْرَتُهُ تَبْعَثُ على بَذْلِ الأُلوف، وقِلَّتُهُ تُزهّدُ في اصْطناعِ المَعْروف. فاجْتَهِدْ في إقامةِ شِعارِه، واحْتَفِلْ بِرَفْعِ عَلَمِهِ وإعْلاءِ مَنارِه، وإيّاكَ والتّقْصيرَ في حَقّ مَنْ شَمَلكَ بِفَضْلِهِ الغَزير، وقُمْ بواجِبِ مَنْ قَلّدكَ الْمِنّة، ولا تَجْعلْ الاعْتذارَ بِعَجْزِكَ مِنْ غَيْر حِرْصٍ جُنّة».

من أسرار العربية

في تَقْسِيمِ الخَلاَءِ: أَرْض قَفْر: لَيْسَ فيها أَحَدٌ. أَرْضٌ مَرْتٌ: لَيْسَ فِيهَا نَبْتٌ. جُرُزٌ: لَيسَ فِيها زَرْعٌ. دَارٌ خَاوِيَة: لَيْسَ فِيهَا أَهْلٌ. غَمَام جَهَام: لَيْسَ فِيهِ مَطَرٌ. بِئْر نَزِحٌ: لَيْسَ فِيهَا مَاء. إنَاءٌ صُفْرٌ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ. بَطْن طَاوٍ: لَيْسَ فِيهِ طَعَامٌ. لَبَنٌ جَهِير: لَيْسَ فِيهِ زُبْد. بسْتَانٌ خِمٌّ: لَيْسَ فِيهِ فَاكِهَةٌ. شُهْدَةٌ هِفٌّ: لَيْسَ فِيها عَسَلٌ. قَلْبٌ فَارِغٌ: لَيْسَ فِيهِ شُغْلٌ. خَدٌّ أمْرَدُ: لَيْسَ عَلَيْهِ شَعْرٌ. مَحْبُوسٌ طَلْقٌ: لَيْسَ عَلَيهِ قَيْدٌ. خَطٌّ غُفْلٌ: لَيْسَ عَلَيهِ شَكْلٌ. شَجَرَةٌ سُلُبٌ: لَيسَ عَلَيها وَرَقٌ. امْرَأَةٌ عُطُلٌ: لَيْسَ عَلَيْهَا حُلِيٌّ. قال الشّمّاخ:

دارُ الفَتاةِ الَّتي كُنّا نَقولُ لَها

يا ظَبيَةً عُطُلاً حُسّانَةَ الجيدِ

هفوة وتصويب

كثُرٌ يُطلقونَ على الكَوْكَبِ المُشرقِ في النّظامِ الشّمْسيّ، اسمَ «الزُّهْرَةِ»، بتسكينِ الهاء، وهو خطأ، والصّوابُ «الزُّهَرَةُ»، بفتحها؛ قالَ الشّاعر:

قد وَكَّلَتْنِي طَلَّتِي بالسَّمْسَرَهْ

وأَيْقَظَتْنِي لطُلُوعِ الزُّهَرَهْ

والزَّهْرَةُ: نَوْرُ كلّ نباتٍ، والجمعُ زَهْرٌ، وخَصّ بعضُهم بهِ الأَبيض. وزَهْرُ النّبْتِ: نَوْرُه، وكذلكَ الزَّهَرَةُ، بالتّحريك. والزُّهْرَةُ: البَياضُ. يُقال أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهْرَةِ. والزَّاهِرُ والأَزْهَرُ: الحَسَنُ الأَبيضُ من الرّجالِ. وقيل: هو الأَبيضُ فيهِ حُمْرةٌ، النَّيِّرُ الحَسَنُ، وهو أَحْسنُ البياض. والنَّوْرُ الأَبيض والزَّهْرُ الأَصفر، لأَنه يبيضُّ ثم يصفّر، والجمع أَزْهارٌ، وأَزاهِيرُ جمع الجمع؛ وقد أَزْهَرَ الشجر والنبات. وأَزْهَرَ النّبتُ، بالأَلف: نَوَّرَ وظَهَر زَهْرُه. وزَهُرَ، بغير أَلف: حَسُنَ. والزُّهُورُ: تَلأْلؤ السّراج الزّاهرِ.

من أمثال العرب

صَلَاحُ أَمْرِكَ لِلأَخْلاَقِ مَرْجِعُهُ

فَقَوِّمِ النَّفْسَ بِالأَخْلَاقِ تَسْتَقِمِ

وَالنَّفْسُ مِنْ خَيْرِهَا فِي خَيْرِ عَافِيَةٍ

وَالنَّفْسُ مِنْ شَرِّهَا فِي مَرْتَعٍ وَخِمِ

البيتان لأحمد شوقي، من قصيدتهِ «نهج البُرْدة»، يُسدي النّصيحةَ، بأنّ الإنسانَ لا تكون أمورهُ طيّبةً صالحةً إلّا بصلاحِ أخلاقهِ، فهي أساسُ الحياةِ الهانئةِ، وإذا فسدتْ، فَسدَ معها كلُّ شيء، وكانت العواقبُ وَخيمةً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"