عادي

الالتزام بالشريعة.. حل نزاعات الأزواج المادية

00:34 صباحا
قراءة 4 دقائق
2401

القاهرة: بسيوني الحلواني

ما أكثر الخلافات والنزاعات المادية التي تقع بين الأزواج والزوجات وتنتهي بهم إلى أبغض الحلال، وكان يمكن تجاوزها وحماية الأسرة من الانهيار لو التزموا بما قررته الشريعة الإسلامية من حماية الحقوق المادية لكل من الزوجين، بعيداً عن المشاعر العاطفية وعلاقات المودة والرحمة بينهما.

التساؤلات التي تفرض نفسها هنا لتجنيب بيت الزوجية الصراعات والنزاعات المادية بين الطرفين، هي: ما هي مسؤوليات الزوج المادية تجاه زوجته وأولاده؟ وهل يجوز للزوجة الاحتفاظ بأموالها، أياً كان مصدرها، ولا تنفق منها شيئاً على متطلبات الأسرة؟ وهل يجوز للزوج أن يجبر زوجته على مشاركته الإنفاق على الأسرة؟ وهل من حق الزوجة أن تتصرف في مال الزوج كيفما تشاء؟ وهل يجوز لها أن تأخذ من مال الزوج من دون إذنه؟

تساؤلات فقهية كثيرة تحتاج كل أسرة إلى التعرف إلى هدى الإسلام فيها حتى نتجنب الخلافات والنزاعات المادية التي تعصف بالعلاقة الزوجية:

يؤكد الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أن كل ما تشهده الأسر العربية من خلافات ونزاعات يرجع إلى غياب تعاليم الإسلام، وما قرره من حقوق متبادلة وآداب ينبغي أن تكون موجودة طوال الوقت في سلوك الزوجين.

ويقول: الشريعة الإسلامية لم تترك صغيرة ولا كبيرة يمكن أن تحدث بين الزوجين إلا ووضعت لها حكماً عادلاً، فهي تكفل حقوق الزوج كاملة، وحقوق الزوجة المادية وغير المادية، بما يكفل لها الحياة الكريمة التي أرادها لها الإسلام، ومن هنا يصبح واجباً على كل زوجين، عندما يحدث بينهما خلاف حول أمر من الأمور، أن يعودا إلى أحكام الدين، ففيها الحلول لكل المشكلات والنزاعات.

ويرى شيخ الأزهر أن شكاوى النساء من التعدي على حقوقهن المادية من جانب الأزواج سوف تختفي لو التزم الأزواج بما قرره الإسلام، موضحاً أن للمرأة في بيت الزوجية ذمتها المالية المستقلة تماماً عن زوجها، وهذا من جوانب العدالة في تشريعات الإسلام، ولذلك لا يجوز لزوج إجبار زوجته على إنفاق مالها على متطلبات بيت الزوجية، ولا اقتسام راتبها، أو الأخذ منه إلا برضاها، وقبل كل ذلك، لا يجوز له أن يقصّر في الإنفاق على الأسرة اعتماداً على أن للزوجة مالاً خاصاً بها، أو راتباً تنفق منه.

د. حامد أبوطالب، الأستاذ في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، يقول: ليس من حق الزوج أن يسطو على مال زوجته ويأخذ منه من دون رضاها، ولو طلقها لها حقوق مادية تتمثل في مؤخر الصداق، ونفقة المتعة، والنفقة على صغارها، لو كان معها أطفال.

ويشدد على أن أحكام الشريعة الإسلامية في الحقوق المادية لكل من الزوجين توفر الاستقرار للأسرة وتحميها من الخلافات والنزاعات. ويقول: لو التزمنا بما قررته الشريعة الإسلامية من احتفاظ المرأة بأموالها لنفسها، سواء أكان مصدرها ميراثاً، أو راتباً من وظيفة، أو كسباً من تجارة، أو غير ذلك، لانتهت الخلافات، واحتفظ كل من الزوجين بأمواله، ولما احتاجت كثير من المطلقات إلى مساعدة.

ويؤكد د. أبوطالب ضرورة الوفاء بحقوق الزوجة المادية منذ البداية، وعدم التهاون في تلك الحقوق التي قررتها الشريعة الإسلامية، إذ لا يجوز التفريط فيها. ويقول: رغم توجيهات الإسلام بعدم المغالاة في المهور لنوفر مقومات العفاف الكريم لكل أولادنا من ذكور وإناث؛ إلا أن أول حقوق المرأة المادية على زوجها هو حقها في المهر، فيقول الله تعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة»، وهذا الحق المالي ملك خالص للزوجة، وليس لوليها، ولا للزوج أن يأخذ منه شيئاً إلا برضاها، وطيب نفس منها، قال الله تعالى: «فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً».

ويرفض عضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الفتاوى التي تبيح للزوج السطو على أموال زوجته تحت مبرر الإنفاق على الأسرة، غير أنها يمكن أن تسهم متطوعة أو بالاتفاق مع الزوج منذ البداية بجزء من راتبها في نفقات الأسرة والأولاد، فهذا من حسن العشرة الذي حث عليه الإسلام، ولا يجوز لها التراجع عما اتفقت عليه.

حماية

د. مهجة غالب، أستاذة التفسير وعلوم القرآن، تؤكد أن حماية الشريعة الإسلامية لحقوق المرأة تتفوق على كل ما قررته الشرائع السماوية السابقة، لأن فيها العدل والإنصاف والاستقرار للعلاقة الزوجية من العواصف التي تصل بها إلى أبغض الحلال.

وتضيف: حمت الشريعة الإسلامية حقوق كل من الزوجة والزوج، فلا يجوز لها أن تتصرف في أمواله كيفما تشاء، فلو وكّلها بالإنفاق منها فهي مطالبة بالاعتدال، ولا يجوز لها أن تتصرف في أمر خارج نفقات البيت الضرورية، إلا بعد الرجوع إليه، وإلا أصبحت خائنة للأمانة.

وتنتهي إلى أن الحقوق المادية التي قررها الإسلام للمرأة في بيت الزوجية كافية ووافية لتوفير مقومات الحياة الكريمة لها عند الالتزام بتعاليم الإسلام.

واجب

يلتقط د. محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة، خيط الحديث ليؤكد أن حفظ مال الزوج حق أساسي له على زوجته، وأن عليها أن تنفق منه على البيت بغير إسراف، لكن إذا كان مقتراً شحيحاً فلها أن تنفق على الأسرة ما يكفيها بالمعروف حتى لو كان ذلك مما لا يرضى عنه الزوج.

ويضيف: من مظاهر حسن العشرة أن تتشاور الزوجة مع زوجها في أمر إنفاقها من مالها الخاص، لكنها ليست ملزمة بالحصول على إذنه ما دام كان إنفاقها في وجه مشروع، إذ إن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما حث النساء على التصدق ألقين بالخواتم والحلي في حجر بلال، ولم يسألهن النبي هل استأذن أزواجهن في ذلك أم لا، ومن الخير أن تطلع الزوجة زوجها على تصرفاتها المالية حتى لا يدخل الشك قلبه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"