عادي
رقائق

القدوس جلّ جلاله

00:42 صباحا
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

من أسماء الله الحسنى اسم الله القدوس، وهو اسم لو تخلّق الإنسان به في حياته لعلا قدره، وعظمت مكانته، فما معنى القدوس؟

القدُّوس صيغة مبالغة من القدس، وهو في اللغة الطهارة والنزاهة، فالقدّوس هو المُطهّر من كل دَنَس، المُنزّه عن كل عيب، وعن كل ما لا يليق به، فالله منزه عن النقائص {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، الكريم الجواد على عباده، فهو سبحانه وتعالى قدوس في أوامره؛ فلا يأمر إلا بما فيه خير للعبد، ولا ينهى إلا عمّا فيه ضرر له. أمر بالصلاة ليصل العبد بخالقه، وأمر بالصيام تهذيباً للنفس لترقى عن الماديات، وأمر بصلة الرحم، ليسود الوئام أركان المجتمع، ونهى عن الزنا لما فيه من اختلاط الأنساب وتفكك للروابط الأسرية، وحرّم الخمر لما فيه من إضاعة لنعمة العقل وما ينتج عن ذلك من جرائم وتعدٍ على الآخرين. وهو، جلّ وعلا، قدوس في قضائه وقدره فلا يقدر للإنسان إلا ما فيه الخير حتى لو اعتقد العبد أن الخير في غير ما قُدر له، وهو تعالى قدوس في عطائه، فيعطي العبد ما يصلحه في دنياه وآخرته، بل يعطي العبد بقدر، بحيث لا يفسد عليه آخرته. وقد يسخط أحدهم لقلة رزقه من دون أن يدرك أنه لو زاد رزقه قليلاً لربما استخدمه في غير مرضاة الله، فيخسر بذلك الدنيا والآخرة، فالقدوس منزه عن كل ما يليق به، وقد ورد اسم الله القدوس في قوله تعالى: { هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ } [ الحشر: 23 ]، وفي مطلع سورة الجمعة:

{ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }[ الجمعة:1 ].

المؤمن حينما يقرأ عن اسم الله القدوس فعليه أن يتخلق به حتى ينال رضا الله تعالى فينزه الله عمّا لا يليق به، ويكثر من تسبيحه وذكره كحال الملائكة { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ } [ البقرة: 30 ]، ويقدس أحكام الله باتباعها والعمل بما جاء فيها حتى وإن خالفت أهواءه وشهوات نفسه؛ بل حتى لو فيها ما يعارض مصالحه {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ النور:51]. ومن باب التخلق بهذا الاسم أن يقدس العبد شعائر الله تعالى من صلاة وزكاة وحج وصيام، فلا يستهزئ بأحكام الشرع، ويحافظ عليها ويلتزم بأركانها وسننها {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [ الحج: 32] ومن التخلق بهذا الاسم أن يستشعر المسلم عظمة الله في قلبه، فيكون ظاهره كباطنه، وأن يترفع عن سفاسف الأمور، فيطهر قلبه من الحقد والغل والحسد، ويطهر لسانه من فاحش القول.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"