التسامح تحتاج إليه البشرية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

الكثير من الناس لا يعلمون أن السعادة هي حالتنا الطبيعية، وهي جزء من سلوكنا، وإذا أدركنا الرابط القوي بين السعادة والتسامح، والتأثير المتبادل بينهما في الإنسان، نُدرك واقعية الجمال في الحياة. فعندما تتم ممارسة التسامح وتكون جزءاً من التعامل والمهام اليومية، فإنها من دون شك ستنعكس على مشاعر الإنسان، وتبث في روحه الاستقرار والطمأنينة. ومن هنا نفهم مثل هذا الأثر المتبادل وعمقه، فمن الطبيعي أن يكون التسامح جزءاً من تعاملنا مع الآخرين، بل هو الفطرة السليمة للإنسان.. هذه الفطرة التي لا تتجزأ من حياتنا اليومية.
فما الذي جعل الإنسان باحثاً ولاهثاً وراء السعادة، وهي جزء موروث من وجدانه وطبيعة حياته؟، وما الذي جعل قيمة عظيمة مثل التسامح الذي يحتاجه الإنسان وينشده غائبة أو مغيبة عن واقع الحياة المعاصرة؟.
الذي حدث هو أن هُوّة الخلافات والتباينات بين الناس باتت شائكة وفي اتساعٍ، ومعها اضمحل التقارب وتلاشى التفاهم، وتزايدت الهوّة حتى صار التصادم حتمياً، من دون أي بوادر للحل، أو جسر لهذه الهوة. أحسب أنه تم بناء ثقافة واسعة وكبيرة تقوم على القسوة والعنف والكراهية، وباتت قيم مثل التسامح محاصرة، أو في نطاق ضيق من التداول والتعاطي والتعامل، وتبعتها حاجة السعادة التي غلبت أمام الحروب والتشتت والفقر والعوز.
وكلما تزايدت سطوة الحياة المعاصرة ووقعها القاسي، كلما بتنا أكثر حاجة إلى القيم والمبادئ، ولا يمكن أن تسود أي قيمة نبيلة خلاقة في المجتمعات، من دون أن تكون لها قاعدة رئيسية تنطلق منها، وأعظم قاعدة يمكن التأسيس عليها هي التسامح.
قال جيرالد ج. جامبولسكي، في كتابه: «التسامح أعظم علاج على الإطلاق»: «بوسع التسامح أن يُجري بعضاً من أفضل التحولات العميقة التي تراود آمالك وتصوراتك عن حياتك وحياة الآخرين. وبوسع التسامح أن يغير كل شيء بين ليلة وضحاها، وهذا هو المثير في الأمر. فبإمكانه أن يغير كل شيء، بإمكانه أن يجلب المرح إلى حيث يكون الحزن، والسلام إلى حيث يكون العذاب، والسعادة إلى حيث يكون الغضب، ويمكنه أن يدلّك على طريق العودة إلى نفسك».
قوة التسامح تمنح كثيراً من الفوائد التي لا تقدر بثمن، ولكن أهم فائدة وأعلاها قيمة، هي تلك المتعلقة بالسعادة التي تغطي القلب، وتملأ النفس بالطمأنينة والسكينة والهدوء.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"