لزوم الأدب المحلي

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

ينجح الأدب اليوم على طريقة الفوز في المباريات من خلال تشجيع مواطني بلد الكاتب على قراءة كتبه وكتابة مراجعات عنها، كما تعمل الحوارات واللقاءات الإعلامية أو حلقات النقاش أو المحادثات المجتمعية مع المؤلفين المحليين كطرق رائعة ليس فقط للاستماع إلى المؤلفين المعروفين بالفعل ولكن أيضاً لاكتشاف مؤلفين جدد لديهم الكثير مما يهم القارئ معرفته واستكشافه.
وتمد قراءة كتب المؤلفين المحليين خيوط التواصل بينهم وبين القراء الذين يتشاركون مجتمعهم، وتنعكس صورهم في الكتب، فالقصص التي تمس القلوب ليست تلك التي تمس مشاعر الأفراد فقط، بل تلك التي يعثرون فيها على صور لأنفسهم ونسخاً تشبههم في الشخصيات التي يقرأون عنهم ويتخيلون أنفسهم مكانهم.
ورغم أن الكتب التي تعرض أشخاصاً تتشابه شخصياتهم وحيواتهم مع القراء ليست ذات أهمية بالغة بالنسبة للقراء الشباب أو تمثل قاعدة لخياراتهم من الكتب، لكن هناك العديد من المجموعات المثقفة التي تسعى لتغيير هذا الواقع وتسليط الضوء على الكتب التي كتبها مؤلفون محليون يتشاركون مع الشباب همومهم نفسها.
ومن المهم أن تمكن الكتب التي يقرأها الأطفال من رؤية أنفسهم في شخصياتها والتواصل مع تجارب مشتركة أصيلة يكتبها مؤلفون يعيشون في المجتمع المحلي نفسه، ويصورون هذا المجتمع في كتاباتهم ويعكسون التجارب الحية مثل الكتابة عن حي أو مدينة أو منطقة معينة أو حتى عن بيئة ذات خصوصية تجعلها قصصاً مسرودة بطريقة حقيقية وأكثر قرباً لواقع القراء.
لقد عاش المؤلفون تجارب في مجتمعاتهم جعلتهم يتعمقون في فهم ثقافتهم بما يمكنهم من تمثيلها ونقدها باحترام وتصوير شخصياتها بالأسلوب الذي تستحقه.
وتعمل الكتب المحلية في المجتمعات كمرآة لتجارب الناس المعيشية الطبيعية، وتوفر لهم فرصة للتواصل مع أنفسهم ومحيطهم المباشر وتثبت للقراء الشباب أن تجاربهم تستحق الظهور وأن جهودهم وإنجازاتهم يمكن مشاركتها مع الآخرين.
وتعتبر القراءة عن الشخصيات التي تقوم بأشياء مألوفة مثل استكشاف العالم أو زيارة الأقارب، أو حتى الذهاب إلى المدرسة أمراً مرتبطاً للغاية بحياة وثقافة الناس ويمكن أن تكون مفيدة جداً للأطفال الذين يتوقون لمقابلة الشخصيات التي تعيش أو تبدو أو تتصرف تماماً كما يفعلون.
ولا تعتبر الكتب التي كتبها مؤلفون محليون وتصور الأماكن المحلية مجرد كتب توضيحية، بل هي ببساطة حكايات ممتعة في قراءتها وفي أن تزيد من حماس وإثارة القارئ للاستمتاع بها أكثر عند تعرفه إلى اسم شارع مألوف، أو تخيل طعام يعرفه ويجعله أكثر اهتماماً بالقصة وشخصياتها.
إن تعرض القراء، وخصوصا الصغار منهم، للأدب المحلي يلهمهم ويقدم لهم مرآة لتجاربهم تساعدهم في توسيع تطلعاتهم المهنية، فرؤية الأشخاص الذين نشأوا في مجتمع ومواقف مماثلة ويحققون نجاحاً كمؤلفين أو كشخصيات يرسل رسالة جيدة إلى القراء الشباب بأنهم قادرون على ممارسة مهنة الكتابة وسرد قصص نجاحاتهم مستقبلاً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"