عادي

«الفطر الباريسي».. قرنان من الزراعة تحت الأرض

23:25 مساء
قراءة دقيقتين

في أعماق الأرض، يكافح مزارعو الفطر في العاصمة الفرنسية باريس للحفاظ على التقاليد. فقبل قرنين، أحدثوا ثورة في إنتاج الفطر بالانتقال إلى دهاليز مقالع الحجارة الكلسية تحت باريس، ولكن اليوم لا يزال عدد قليل منهم يزرع بهذه الطريقة التقليدية المعرّضة للزوال.

أما المفارقة في الموضوع فتتمثّل بارتفاع الطلب أكثر من أي وقت مضى على الفطر الأبيض المزروع بالطريقة التقليدية والأنواع البنّية الأخرى التي تُعتبر ألذ مذاقاً.

ويقول شوا- موا فانج، وهو صاحب مزرعة الفطر «ليزالويت دو كاريير سور سين» غير البعيدة من حي الأعمال الكثيف الحركة لا ديفانس في غرب العاصمة: «المسألة ليست بالعثور على زبائن؛ إذ أبيع كل الفطر الذي أنتجه».

ويدير فانج أكبر محجر لزراعة الفطر تحت الأرض في المنطقة الباريسية، يتألف من أنفاق طولها هكتار ونصف هكتار محفورة في تلّة تطلّ على نهر السين. ورغم إقرار فانج نفسه بأنّ فطره «باهظ الثمن» إذ يبلغ سعر الكيلوجرام الواحد منه بالجملة 3.20 يورو، يُقبل زبائن كثر على منتجاته، من طهاة حاصلين على نجمة ميشلان، إلى سلاسل متاجر سوبرماركت وأسواق محلية.

ويمثل فانج واحداً من خمسة منتجين لا يزالون يزرعون بطريقة تقليدية ما يسمّيه الفرنسيون «فطر باريس»، في حين كان عدد هؤلاء المزارعين 250 في أواخر القرن التاسع عشر، قبل أن يلجأوا إلى زراعة نوع من الفطر «الملكي» أكسبه الملك لويس الرابع عشر شهرة واسعة عبر زرعه في فرساي.

واكتشف المزارعون أنّ فطر «جاريقون ثنائي البوج» ينمو على مدار العام إذا وُضع على طبقة أساسها من مادة السماد في أعماق الأرض؛ حيث يمكن التحكّم بدرجات الحرارة والرطوبة، وحيث يُسهم الظلام في نموّها.

واتضح كذلك أنّ الجوّ الترابي للكهوف، والذي عُزّز بتغطية السماد العضوي بالأحجار الكلسية المطحونة، يضفي على الفطر نكهة مشابهة للبندق وطعماً بالكاد معدنياً، ويحميها من التشبّع الزائد بالمياه.

ودفع التمدّن السريع وخصوصاً بناء مترو باريس المزارعين إلى خارج العاصمة في أوائل القرن العشرين، رغم أنّ نحو خمسين منهم كانوا لا يزالون في محاجر تحت ضواحي باريس في سبعينات القرن الفائت، معظمهم من الجيل الجديد للعائلات نفسها.وفي الوقت الحالي، يُنتج 90 ألف طن من الفطر سنوياً في فرنسا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"