عادي
بعضهن يستعن بالخادمات أو معلمين خصوصيين

التعليم عن بعد.. امتحان لقدرة الأمهات العاملات بالقطاع الخاص

00:00 صباحا
قراءة 7 دقائق
حاضنات الأطفال يستقبلن الأطفال في منازلهن
تصوير: محمد السماني
كلما احتاج إلى متابعة الأم

تحقيق: آية الديب

تحدٍ كبيرٍ فرضه تطبيق نظام التعليم عن بعد في بداية الفصل الدراسي الثاني على الأمهات العاملات في القطاع الخاص، حيال كيفية التوفيق والموازنة بين وظائفهن، والمكوث إلى جانب أبنائهن الذين يتلقون التعليم عبر المنصات الإلكترونية التعليمية للحد من انتشار فيروس كورونا.

أمهات عاملات في القطاع الخاص أكدن أنه على الرغم من أن تطبيق التعليم عن بعد يقي أبنائهن صحياً ويقلل فرص إصابتهم بفيروس كورونا «كوفيد 19» إلا أنه وضعهن أمام خيارات صعبة وقاسية تتمثل في التخلي عن أعمالهن أو اللجوء إلى آخرين للقيام بمهامهن التعليمية مع الأبناء، خلال تطبيق التعليم عن بعد، ولاسيما الأبناء طلاب الحلقة الأولى الذين يصعب الاعتماد على أنفسهم وثباتهم أمام الشاشات لفترة طويلة دون متابعة.

«الخليج» رصدت إعلانات لنساء يعرضن، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، استعدادهن لمساعدة الأمهات العاملات في القطاع الخاص، من خلال رعاية ومتابعة أبنائهن خلال فترة تلقي التعليم عن بعد مقابل أسعار متفاوتة.

أجرت محررة «الخليج» اتصالات ببعض المعلنات للتعرف إلى طبيعة الخدمة اللائي يقدمنها وسعر تقديمهن لهذه الخدمة، حيث أكدت إحداهن أنها تعمل كحاضنة أطفال وتستقبل أطفالاً في أعمار مختلفة في منزلها وبالتزامن مع التعليم عن بعد تستقبل أطفال الأمهات العاملات في القطاع الخاص الذين يحتاجون إلى دعم ومتابعة في التعليم عن بعد في مقابل 20 درهماً للساعة أي حوالي 100 درهم يومياً.

وأشارت أخرى إلى أنها تتجه بنفسها إلى منزل الطفل لمتابعته خلال التعليم عن بعد بدءاً من السابعة والنصف صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً مقابل 200 درهم لليوم الواحد، وأنها تقوم بتحصيل هذه المبالغ من أم الطفل بصورة يومية في العادة وإن كانت الأم ترغب في الدفع أسبوعياً أو شهرياً يتم تحصيل المقابل المادي مقدماً، على أن تقوم بإخبار الأم بكل ما تم خلال حصصه المدرسية والواجبات المطلوبة منه وتساعده في الانتباه والتركيز مع معلمات المدرسة.

معلنة ثالثة

أشارت إلى أنها معلمة للأطفال في مرحلة التأسيس وأنها منذ فترة تبحث عن عمل ولم تتمكن الحصول على شاغر حتى وقت الإعلان وأنها على استعداد لدعم الأمهات العاملات في الخاص بمقابل مادي لاسيما وأن لديها المؤهلات التي تضمن للأم أكبر استفادة للطفل، مشيرة إلى أنه في حال زاد عدد الأطفال لديها تقل تكلفة الخدمة التي تقدمها للأمهات.

وأكد عدد من الأمهات أن طلاب رياض الأطفال الحلقة الأولى هم الأكثر تأثراً بنظام التعليم عن بعد وهم الفئة التي تحتاج لدعم الأم خلال تلقي التعليم إلكترونياً إذ يصعب التحكم بالطلاب في مثل هذه المرحلة العمرية وإلزامهم بالجلوس فترات طويلة أمام الشاشات لتلقي الدروس عن بُعد.. مؤكدات أن الأطفال في هاتين المرحلتين يحتاجون إلى التعلم التفاعلي وجهاً لوجه.

واختلفت الحلول التي لجأت إليها الأمهات العاملات في الخاص فمنهن من لجأن إلى الخادمات من خلال تعليم الخادمات طرق فتح أنظمة التعليم عن بعد، وكيفية متابعة الطفل، وبعضهن لجأن إلى إرسال أطفالهن إلى منازل حاضنات الأطفال، وأخريات اتفقن مع معلمات أو سيدات يبحثن عن عمل للقدوم إلى منزل الطفل في دوامه المدرسي الصباحي.

ولجأت إحدى الأمهات إلى تركيب كاميرا مراقبة مزودة بميكروفون حتى تتابع طفلها من خلالها وتوجهه للعودة إلى شاشة الحاسوب في حال تركه للحصص والاتجاه إلى اللعب، فيما لجأت أمهات أخريات إلى الاتفاق مع معلمات دروس خصوصية لتقديم دروس للأطفال مسائية تضمن الحفاظ على تحصيلهم التعليمي ومستواهم الدراسي بشكل عام.

الاستعانة بالخادمة

قالت أسماء أحمد إسماعيل: مع بدء الفصل الدراسي الثاني بنظام التعليم عن بعد، كنت مضطرة للاستعانة بإحدى الخادمات حتى تحل محلي خلال فترة وجودي في العمل على أن تقوم بمتابعة ابني، ولكن واجهت مشكلة في هذا الأمر هو عدم وجود خادمة تتقن اللغتين العربية والانجليزية.

وأضافت: حل المشكلة بوجود الخادمة غير مرضي بالنسبة لي ولا يضمن لي سوى مكوث طفلي أمام الشاشة فقط ولا يرفع من تحصيل ابني الدراسي، وبالطبع الاستعانة بهذه الخادمة يمثل عبئاً مادياً أضيف إلى نفقاتي الشهرية، ولكن كيف لي أن أترك طفلي الذي يدرس في الصف الخامس وحده في المنزل.

كاميرات مراقبة

وقالت منيرة علي: لدي 3 أطفال أحدهم بالصف الثاني والاثنان الآخران في الصف الثامن والعاشر، وبالطبع طفلي الأصغر هو من يحتاج إلى دعمي ومتابعتي له خلال ساعات عملي، وحاولت مع إدارة عملي لتحويل ساعات عملي إلى الدوام المسائي بصورة مؤقتة أو إنجاز عملي عن بعد ولو في بعض أيام الأسبوع، حتى أتابعهم من وقت لآخر إلا أن محاولاتي باءت بالفشل.

وأوضحت أنها تستند حالياً في عملها عن بعد إلى متابعة الابن الأصغر من خلال أشقائه ومن خلال كاميرا مراقبة زودت بها غرفة الأبناء حتى تتمكن من التدخل في حال ترك الابن الأصغر الشاشة والاتجاه إلى النوم واللعب قائلة: بعد تطبيق التعليم عن بعد خلال العام الماضي كان طفلي يترك الحصة المدرسية ويتجه إلى النوم أو اللعب، ومع الوقت صار يغلق نظام التعليم عن بعد الخاص بمدرسته ويفتح فيديوهات ومقاطع مصورة لأطفال آخرين لمشاهدتها. وتابعت: لجأت الجهات المعنية إلى التعليم عن بعد حفاظاً على صحة الأبناء وأسرهم واستعانتي بمرافق لطفلي أمر جيد وبغض النظر عن تكلفته فهو يعرض طفلي لخطورة الاختلاط بآخرين خارج نطاق الأسرة وهو ما يعرضه للعدوى أيضاً.

دروس خصوصية

وقالت رجاء إمام: آخر ما كنت أتوقعه أن ألجأ إلى إعطاء ابني دروساً خصوصية في سن مبكرة، كما حدث معي، ولكن لم يكن أمامي حل آخر، فمنذ العام الماضي وأنا ألاحظ انخفاض في مستوى تحصيل طفلي الدراسي، ودائماً ما أشعر بالذنب تجاه طفلي نظراً لتركي له فترات طويلة، وما إن تم حل هذه المشكلة في الفصل الدراسي الأول عدنا مجدداً للتعليم عن بعد مع بداية الفصل الدراسي الجاري. وأضافت: تخوفاً من انخفاض مستوى طفلي التعليمي مجدداً لجأت إلى اثنين من المعلمات المتميزات – بناء على نصائح صديقاتي – وبالفعل بدأت كل منهما متابعة طفلي في بعض المواد الدراسية وعلى الرغم من أن هذا الأمر مرهق مادياً إلا أنه خفف عني الأعباء والمسؤوليات التي كانت على عاتقي بسبب التعليم عن بعد.

حاضنة للأطفال

ولاء حمدي، ولية أمر لطفل وطفلة يدرسان في الصفين الثاني والثالث، قالت: لم أنجح في الاتفاق مع خادمة تتابع أبنائي حيث حاولت توفير خادمة مقيمة ولارتفاع التكلفة الخاصة بالخادمات المجيدات للغة الإنجليزية لم أتمكن من ذلك وعرضت على إحدى الخادمات متابعة أبنائي صباحاً فقط مقابل 2500 درهم شهرياً، وفي نهاية المطاف لجأت إلى حاضنة تستقبل الأطفال في منزلها تسكن بالقرب من منزلي وبالقرب من مقر عملي، واتفقت معي على مبلغ 800 درهم شهرياً لكل طفل.

وتابعت: إرسال أبنائي إلى هناك يكلفني كثيراً ويمثل زيادة إضافية للمصروفات التي سددها زوجي لمدرسة أبنائنا ويعرض سلامة طفلي للخطر لكن لم يكن لدينا حل آخرأو متسع من الوقت للبحث عن بدائل أخرى.

مجهود مضاعف

من جانب آخر قالت سلمى عبد الحميد: المدارس تبذل جهوداً كبيرة في سبيل مساعدة أولياء الأمور خلال تطبيق التعليم عن بعد، وبعد عودتي من العمل اطلع على الحصص الدراسية المسجلة التي تلقتها طفلتي صباحاً، وأقوم بمتابعتها وإعادة الدروس معها مجدداً بالكامل حتى أتمكن من استيعابها لكافة هذه الدروس، ومن المؤكد أن القيام بهذه المهمة إضافة إلى عملي صباحاً في الخارج، والقيام بأعمال المنزل يمثل جهداً مضاعفاً بالنسبة لي وآمل أن تنقضي فترة التعليم عن بعد قريباً ويعود أطفالنا إلى الصفوف الدراسية وحياتهم المدرسية قريباً.

حصص مسجلة

وقالت نوف الحوسني، مديرة مدرسة: العديد من أولياء الأمور العاملين في القطاع الحكومي طلبوا «شهادة لمن يهمه الأمر» حتى تتمكن الأم من مباشرة أبنائها عن بعد خلال تلقي أبنائها للتعليم عن بعد، أما الأمهات في القطاع الخاص وفئات أخرى محددة تحاول المدرسة دعمهم بصورة أكبر تتمثل في إمكانية التواصل عبر برامج المحادثات مع المعلمين حتى الثامنة مساءً، إضافة إلى التواصل عبر رسائل البريد الإلكتروني. وأضافت: جميع المعلمين يقومون بتسجيل الحصص الدراسية في مقاطع مصورة يسهل حصول الأم عليها وهو ما يمكنها من فتح الدروس التي تلقاها الابن نهاراً لمراجعتها معه، فضلاً عن أن ولي الأمر الذي لديه وقت خلال دوامه بإمكانه أن يدخل إلى الحصص الدراسية لمتابعة ما يجري في مقر عمله.

وسائل التواصل

وقالت مها سليم معلمة لغة عربية: سعياً إلى التسهيل على جميع الأمهات خلال فترة التعليم عن بعد نعمل على تسجيل الحصص في مقاطع فيديو، ونقوم بإرسال كافة الأوراق والأسئلة التي يحتاجها الطالب لولي الأمر حيث نرسل نسختين إحداهما تتضمن تساؤلات فقط والأخرى تتضمن بنفس التساؤلات مع أجوبتها، حتى يتمكن ولي الأمر من تدريب ابنه بصورة صحيحة.

وأضافت: نزود ولي الأمر بالخطط الدراسية والتي تشمل خططاً لما يكتسبه الطفل يومياً وأسبوعياً وشهرياً وهذه الخطط تساعد ولي الأمر على زيادة معدل التحصيل الدراسي الخاص بابنه.

وتابعت: في حال احتياج الطالب إلى أداء نشاط أو تكليف معين يتم إبلاغ ولي الأمر بذلك والوقت المحدد لتسليم هذا التكليف، مشيرة إلى أن العديد من المعلمات عادة ما يتعاون خلال هذه الفترة ولاسيما مع أمهات طلاب الحلقة الأولى العاملات في القطاع الخاص للتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي للإجابة عن أي تساؤلات.

حاجة ماسة

وقال الدكتور محمد علام استشاري الطب النفسي في أبوظبي العلاقة بين الأم والطفل في سن مبكرة مهمة جداً، وفي سنوات التعليم الأولى وبالتزامن مع التعليم عن بعد يحتاج الطفل إلى الأم وفي حال انشغالها عنه يفقد الطفل رعاية مهمة يكون الطالب في أمس الحاجة إليها.

وأضاف: الأطفال في سن الطفولة المبكرة – الدراسة التأسيسية - يتمتعون ‬بقدرات ‬ذهنية ‬غير ‬مكتملة ‬وسلوك ‬حركي يتفاوت من طفل إلى آخر ويصعب الاعتماد عليهم بشكل مستقل في تلقي التعليم استناداً إلى أن استقرارهم وبقاءهم أمام شاشات التعليم عن بعد لفترة طويلة يحتاج إلى متابعة شخص بالغ ‬لضمان ‬ثبات ‬تركيزهم ‬واستمرار ‬تواصلهم ‬مع‬ معلمتهم ‬واكتساب المادة ‬العلمية‬ التي تطرح لهم.

وشدد على أنه في حالة الاستعانة بشخص آخر لدعم الطالب تعليمياً، خلال التعليم عن بعد، وخلال وجود الأم في مقر عملها يجب التحقق جيداً من الشخص القائم على هذا الأمر ويجب تقييم هذا الشخص للتأكد من أنه مؤهل للقيام بهذه المهمة مع الطفل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"