يحتاجون إلى موقف عملي

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يجب أن يكون لدينا وعي تام، بقوة الكلمات، لكن أيضاً يكون لدينا وعي وفهم متى تصبح عادية وضعيفة ولا تملك أي قوة. وهذا قد يصدم البعض، لأن السائد لدينا أن الكلمات لها قوتها وأثرها، وهذا صحيح، وهناك من يصف الكلمات بأنها تشبه الرصاصة في حدتها وقسوتها وعنفها، وهذا صحيح أيضاً. ولدينا الكثير من المقولات والحكم التي تحذر من الكلمات وأنها قد تكون مميتة، ومتى نتكلم ومتى نصمت وأنها فن عريق يتبعه ويسير عليه الحكماء والمثقفون، وهذا أيضاً صحيح.
ومع هذا، فإن هناك حالات ومواقف تصبح الكلمات ليس لها أي قيمة، بل تصبح فيها غير مبررة ولا يوجد لها أثر، وهي تلك الحالات التي تتطلب العمل، تتطلب اتخاذ موقف واضح. على سبيل المثال، أنت تترأس إدارة في عملك، وتلاحظ أن هناك ثلة من موظفيك يتعمدون بشكل صارخ التنمر على زميل لهم، أو أن الضحية تقدم لك بشكوى مثبتة بالدلائل والقرائن، وكانت ردة فعلك أن تقوم وتتكلم وتوجه المتنمرين، هنا استخدمت الكلمات في مكان ليس مكانها، وليس وقتها، لأن ما يحدث هنا هو اعتداء قاسٍ غير مبرر.
 لذا يفترض أن تتخذ موقفاً قانونياً وفق صلاحياتك، وتحول المتنمرين إلى التحقيق، واتخاذ الإجراءات الإدارية التي تكفل أن تكون بيئة العمل بيئة صحية وسليمه ونقية من العنف والقسوة. حتى وإن كانت هذه القسوة لفظية ومجرد استهزاء وتهكم بزميلهم، إلا أن وقعها قد يكون كارثياً على الضحية، لذا على المدير أو الرئيس في مثل هذه الحالة اتخاذ موقف عملي ملموس، وعدم الاكتفاء بالكلمات، لأن هنا حقوقاً نفسية أهدرت، وهنا موظف تنتهك كرامته وإنسانيته، لذا الكلمات المحملة بالنصح للمتنمرين غير مقبولة في هذا السياق. 
في مختلف مفاصل حياتنا، قد يحتاج المقربون منا إلى ركن الكلمات على جنب أو تركها على الرف، حيث يجب أن يروا أفعالاً ومواقف واضحة، حتى داخل الأسرة وأفرادها في البعض من الحالات يحتاجون لمواقف عملية وفعلية من الأب رب الأسرة. وكما قال خبير القيادة والمتحدث والمؤلف العالمي جون سي ماكسويل: «قد يسمع الناس كلماتك، لكنهم لن يشعروا إلاّ بمواقفك». وهذا لا يعني إلغاء قوة الكلمات، لأن في البعض من المواقف يكون لها أثرها وقوتها، لكن في اللحظة نفسها يجب أن نفهم بأن هناك حالات تصبح فيها الكلمات لا قيمة لها.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"